بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله وسلم على رسول الله سيدنا محمد بن عبد الله و على آله وصحبه و من والاه
مقدمة
شاع في السنوات الأخيـرة بالمغرب، استعمال ما أصبح يصطلح عليه بالثوابت الدينية، إشارة إلى ما اختاره أهل هذا البلد الأمين، منذ تأسيس الدولة المغربية قبل ما يقرب من ثلاثة عشر قرنا، من اختيارات صائبة، في العقيدة، والفقه، والسلوك، وإمارة المؤمنين.
وهي تلكم الثوابت التي قامت على الأصلين الكتاب والسنة، وما تبعهما وتفرع عنهما، والتي تأتي في طليعة مكونات الهوية المغربية، التي هي من السمات والملامح التي يكون بها التميز عن الغيـر من حيث الخصائص الذاتية، ومن حيث التفرد والاستقلال عن الآخر، بسبب مجموعة من العناصر، والمكونات الأصيلة، التي من أهمها: الدين واللغة والوطن[1].
على هذا الأساس يقوم التأصيل، لإمارة المؤمنين في علاقتها ببقية الثوابت، بناء على فهم سَلَفِ الأمّة، دون التأثّر بالأشياء الخارجية عن الدين. ومع الإشارة أحيانا للتنزيل الذي هو علامة الصلاحية.
وإمَارَةُ الْمُؤمنِينَ وإمامتهم هي رياسة عامة تتضمن حفظ مصالح العباد في الدارين، أو هي على حد تعبيـر ابن خلدون: «حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي، في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة، فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع، في حراسة الدين وسياسة الدنيا به»[2]. وبين الإمامة والأمة روابط متينة، سواء على مستوى المبنى أو على مستوى المعنى، في المادة اللغوية أولا وفي العلاقة بين الراعي والرعية ثانيا … الهمزة والميم أصلٌ واحدٌ، يتفرّع منه أربع أبواب، وهي الأصل، والمرجِع، والجماعة، والدِّين، وهذه الأربعة متقاربة.
والإمام: كلُّ من اقتُدِي به وقُدِّم في الأمور.[3]
لقد فصل الغرب المسيحي في الدين والدولة، انطلاقا من واقع الصلة بين المسيحية والحكومة في نظرهم أنفسهم، مما تبلور في نهاية المطاف في «الكنيسة» و «الدولة» أو بتمايز السلطتين.
أما في الإسلام فقد اقترن وجود المسلمين في المدينة المنورة بعد الهجرة المحمدية بقيام الدولة على السلطتين وفي الوقت ذاته على النحو الذي تقوم عليه فكرة الدولة في العصر الحديث واعتمادها على عناصر ثلاثة هي الشعب أو الأمة والأرض أو الإقليم والسلطة أو السيادة.
وبعد فتأتي هذه المحاضرة في ثلاثة محاور.
المحور الأول: تأصيل إمارة المؤمنين في المدرسة الأشعرية من خلال مبحث الإمامة العظمى وما يتعلق بها من الاعتقاد
المبحث الأول: وجوب نصب الإمام وطاعته بالاعتقاد والفعل
انعقد الإجماع على أن «نصب الإمام الأعظم» واجب، نقل ذلك ابن حزم وهو المعروف بتحرجه في حكاية الإجماع، قال: «اتفق جميع أهل السنة، وجميع المرجئة، وجميع الشيعة، وجميع الخوارج، على وجوب الإمامة، وأن الأمة واجب عليها الانقياد لإمام عادل، يقيم فيهم أحكام ﷲ، ويسوسهم بأحكام الشريعة، التي جاء بها رسول ﷲ ﷺ». مع التنبيه على أن الخوارج لم يوجبوا نصب الإمام، وإنما جعلوه من الجائزات.
ثم وقع الاختلاف حول ما إذا كان نصب الإمام واجبا على الخالق تعالى، وإليه ذهبت الإمامية (الإثني عشرية) والإسماعيلية، أو على الخَلْق بدليل عقلي، وإليه ذهب أكثر المعتزلة، أو سمعي وهو مذهب جمهور أهل السنة. وعن أبي عثمان الجاحظ وأبي الحسن البصري وأبي القاسم الكعبي (تـ 319هـ) من المعتزلة أنها تجب بالعقل والشرع معا[4].
وموقف الإمام أبي الحسن الأشعري من هذا الأمر واضح وهو أن : «الواجبات كلَّها سمعية والعقلَ لا يوجب شيئا،ولا يقتضي تحسينا ولا تقبيحا»[5].
وتقريـر الدليل السمعي في ذلك أن نقول: نصب الإمام مما يتوقف عليه كثيـر من الواجبات الشرعية، وما يتوقف عليه الواجب الشرعي، واجب سمعا، كالواجب الشرعي، ولا ينعزل الإمام بالفسق والجور في العباد، وقيل ينعزل لقوله تعالى:﴿قَالَ لَا ينََالُ عهْدِي الظالِمِين﴾[6] والله أعلم.
المبحث الثاني: الإمامة بين العقيدة والشريعة
اختلف المتكلمون حول ما إذا كانت الإمامة من مباحث العقيدة، أم من مباحث الشريعة فقط؟
فرأي الأشاعرة أن البحث فيها، ليس من أصول الدين، وأن في جعلها من مقاصد أهل الكلام تسامح… أو هو مجرد تقليد وعادة، تأسيا بمن تقدم كما قال العضد الإيجي[7].ومع أن إمام الحرمين الجويني لم يخف أن «الكلام في هذا الباب ليس من أصول الاعتقاد»، لكنه أكد في الوقت ذاته أن «الخطر على من يزل فيه، يـربي على الخطر على من يجهل أصله»[8].
كما أن الإمام الغزالي هو الآخر يسلم في البداية بأن: «النظر في الإمامة ليس من المهمّات، وليس أيضاً من فنّ المنقولات فيها، بل من الفقهيّات[9]، ثمّ إنّها مثار للتعصبّات، والمعرض عن الخوض فيها، أسلم من الخائض فيها، وإن أصاب، فكيف إذا أخطأ؟» ثم يعو د في الأخيـر فيقول :«ولكن إذ جرى الرسم باختتام المعتقدات به، أردنا أن نسلك المنهج المعتاد ؛ فإنّ القلوب عن المنهج، المخالف للمألوف، شديدة النِّفار»[10].
وهذا ما وفق بعض العلماء إلى بيان أسبابه المعقولة كالعلامة مصطفى الكستلي (تـ 901هـ) في حاشيته على شرح العقائد النسفية للسعد التفتزاني حين قال: «والإمامة جَعَلَها من مقاصد علم الكلام: وإن كانت هي أيضا من الفروع عندنا بناء على أن نصب الإمام من الأفعال الواجبة علينا، لَمَّـا أن السلف ألحقوا مباحثها بأواخر الكتب الكلامية بناء على أنه قد شاع بسببها خرافات من أهل البدع والأهواء، في حق كبار الصحابة والأئمة المهديين، فناسب دفع المطاعن عنهم بمباحث الكلام، صونا لعقائد المسلمين عن الزيغ في الدين بسبب الميل إلى ما يحكونه ويحاكون ويلمحونه ويبدون بل قد أدرجوها في تعريف الكلام حيث قالوا: «هو العلم الباحث عن أحوال الصانع والنبوة والإمامة والمبدأ والمعاد على قانون الإسلام». [11] والواقع أن مسألة الإمامة في علم الكلام لم تكن مسألة عرضية، بل أخذت حيزا واسعا من العناية والاهتمام، وكان العلماء في ذلك بالمرصاد، لكل تحريف أو تشويش إيمانا منهم بأن أمور الدين لا يمكن أن تستقيم إلا بالإمامة، ويبدو أن تبريـر العلامة الكستلي الآنف الذكر خيُر ما يعتذر به عن المتكلمين في تناول موضوع الإمامة ضمن مباحث العقيدة وإلى هذا الفهم ذهب بعض المتأخرين كالشيخ الطاهر بن عاشور .
المحور الثاني: تأصيل إمارة المؤمنين في المذاهب الفقهية السنية من خلال فقه السياسة الشرعية، وقاعدة « تصرفات الإمام منوطة برعاية المصلحة»
المبحث الأول: إمارة المؤمنين في الكتاب والسنة
في القرآن الكريم: كانت وفاة رسول ﷲ ﷺ قاصمة الظهر، ومصيبة العمر كما عبر القاضي أبو بكر بن العربي في العواصم من القواصم، الشيء الذي لم يتحمله الصحابة الكرام ولا كانوا قد فكروا في وقوعه من قبل، فبالأحرى في تبعاته، فلما وقع ما وقع، ترتبت عن ذلك نازلة عظمى، كادت تعصف بكيان الأمة وتفرق شملها، وتمزق وحدتها، حتى قال بعض الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، ووفق ﷲ أبا بكر الصديق وهداه إلى كلام دقيق فاصل حيث قال محتجا بالقرآن والحديث : «نحن الأمراء وأنتم السفراء، إن رسول ﷲ ﷺ قال: الأئمة من قريش». وقال : «أوصيكم بالأنصار خيـرا: أن تقبلوا من مُحسنهم وتتجاوزوا عن مسيئهم» إن ﷲ سمانا ﴿ الصَّادِقِين﴾ وسماكم ﴿ المفلحين﴾، وقد أمركم أن تكونوا معنا حيثما كنا فقال: ﴿ ياَ أيهَُّا الذَِّين آمَنُوا اتقوا اللَّه وَكوُنوُا معَ الصَّادِقِين﴾[12] إلى غيـر ذلك من الأقوال السديدة والأدلة الدامغة، التي أقنعَت الأنصار ،فبايعوا أبا بكر الصديق وعنهم أجمعين[13].
وعلى الرغم من اختلاف المواقف في التعامل مع الآيات والأحاديث المستشهد بها في هذا الموضوع، بين القبول والرفض في المناظرة، فإن موقف القبول يبقى مع ذلك أرجح ،وتصور موقع ولي الأمر في الأمة، من خلاله أصح وأوضح، كما نجد على سبيل المثال في تفسيـر قول ﷲ تعالى:﴿ ياَ أيهَُّا الذَِّين آمَنُوا أطيعُوا اللَّه وَأِطيعُوا الرَّسُولَ وَأوُلِي الْأمَْر منكُمْ فإِنْ تنََازَعْتمْ فِي شيء فرُدوُّهُ ِإِلىَ اللَِّه وَالرَّسُوَل إِِنْ كنتمْ تؤُمِْنُونَ بالله وَاليَْوْمِ الْآخر ذلَِك خير وأحسن تأَوِْيلاً﴾[14].
روى البخاري في الصحيح عن ابن عباس قال: نزلت في عبد ﷲ بن حُذافة بن قيس الأنصاري البدري، وكان به دعابة؛ إذ بعثه رسول ﷲ ﷺ على سرية فأمرهم يومًا أن يجمعوا حطبًا ويوقدوا نارًا ففعلوا، ثم أمرهم أن يدخلوها محتجًّا عليهم بقوله ﷺ: «مَن أطاع أميـري فقد أطاعني، ومَن عصى أميـري فقد عصاني»، فلم يستجيبوا له، وقالوا له: إنما آمنا وأسلمنا لننجوَ من النار، فكيف نُعذِّب أنفسنا بها؟! وذكر ذلك لرسول ﷲ ﷺ، فقال: «لو دخلوها ما خرجوا منها؛ إنما الطاعة في المعروف»[15].
قال ابن حجر: «في هذا إشارة من المصنف – يعني الإمام البخاري – إلى ترجيح القول الصائر إلى أن الآية نزلت في طاعة الأمراء، خلافا لمن قال نزلت في العلماء، وقد رجح ذلك أيضا الطبري.[16]
وقال ابن عُيينة : سألت زيد بن أسلم عنها ولم يكن بالمدينة أحد يفسر القرآن بعد محمد بن كعب مثله فقال: اقرأ ما قبلها تعرف، فقرأت ﴿اِنَّ اَ۬للَّهَ يَامُرُكُمُۥٓ أَن تُوَ۬دُّواْ اُ۬لَامَٰنَٰتِ إِلَيٰٓ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ اَ۬لنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْل﴾ الآية، فقال: هذه في الولاة.
في الحديث الشريف: اهتم العلماء بأحاديث الإمامة وذكروا تواتر الأحاديث في الموضوع، وقد قال أبو الطيب القنوجي في كتابه «العبـرة ممـا جـاء في الغـزو والشهادة والهجرة» : «وطاعةُ الأئمة واجبة إلا في معصية ﷲ باتفاق السلف الصالح لنصوص الكتاب العزيز والأحاديث المتواترة في وجوب طاعة الأئمة وهي كثيـرة، ولا يجوز الخروج عن طاعتهم بعدما حصل الاتفاق عليهم ما أقاموا الصلاة وما لم يظهروا كفرا بواحا»[17]، يقصد التواتر المعنوي .
وقال في وجوب نصب الإمام : «أطال أهل العلم الكلام في هذه المسألة في الأصول والفروع والحاصل أنهم أطالوا في غيـر طائل ويغني عن هذا كله أن هذه الإمامة ثبت عن رسول ﷲ ﷺ الإرشاد إليها والإشارة إلى منصبها كما في قوله» الأئمة من قريش »[18]ومن ثم فلا عجب أن يتعلق علماء الحديث وشراحُه بهذا الموضوع تعلقا كبيـرا موقنين بسريانه إلى ما شاء، من ذلك قول النووي: «حكم حديث ابن عمر مستمر إلى يوم القيامة ،ما بقي من الناس اثنان، وقد ظهر ما قاله ﷺ فمن زمنه إلى الآن لم تزل الخلافة في قريش من غيـر مزاحمة لهم على ذلك، ومن تغلب على الملك بطريق الشوكة لا ينكر أن الخلافة في قريش، وإنما يدعي أن ذلك بطريق النبي ﷺ عنهم».
قال الكرماني (تـ 786هـ): إن قلتَ: كيف خلا زماننا عن خلافتهم؟ قلت: لم يخل، إذ في المغرب خليفة منهم على ما قيل، وكذا في مصر .
واهتم الحافظ ابن حجر بهذا الأمر وانتصر له وألف كتابا سماه : « لذة العيش في طرق حديث الأئمة من قريش»[19] قال عنه في فتح الباري : وقد جمعت في ذلك تأليفا سميته «لذة العيش في طرق حديث الأئمة من قريش» [20] وكان قد جمع طرقه عن نحو أربعين صحابيا لما بلغه أن بعض الفضلاء ذكر أنه لم يـرو إلا عن أبي بكر. والكتاب مطبوع وأطال القول في فتح الباري عند شرحه في كتاب الأحكام باب الأمراء من قريش لحديث ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ : «لايزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان» بما لا يتسع له المجال في هذا الموجز».
وارتباطا بهذا الموضوع على مستوى التصور والتطبيق، نجد إشارات ذات دلالة مهمة في شروح الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان وغيـرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ: لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان[21] وكان أول تصديق له كما هو معلوم، بعد وفاة رسول الله ﷺ مباشرة، عندما بايع المسلمون أبا بكر الصديق رضي الله عنه، أورد هذا التصديق القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه: «تثبيت دلائل النبوة» وذكر كيف فكر الأنصار بالإمارة، ثم عدلوا عن ذلك بعد تبين الحق».
المبحث الثاني: إمارة المؤمنين في المذاهب الفقهية السنية
«اتفق الأئمة رحمهم ا تعالى على أن الإمامة فرض، وأنه لا بد للمسلمين من إمام يقيم شعائر الدين، وينصف المظلومين من الظالمين، وعلى أنه لا يجوز أن يكون على المسلمين في وقت واحد، في جميع الدنيا إمامان لا متفقان ولا مفترقان»….[22]
وأن نصب الإمام الأعظم واجب على طريق فرض الكفاية، فمتى قام به البعض وبايعوه سقط الإثم عن الباقين، ويكون بمبايعة أعيان الأمة أهل الوجاهة والاعتبار، كالأمراء والعلماء الذين هم أهل حل أمور الرعية وعقدها، ويـرجع إلى قولهم الفصل أو يكون بالعهد إليه ممن كان مولى الخلافة قبله …
من أهم القضايا التي تتصل بهذا الموضوع عند أئمة المذاهب الفقهية السنية:
أ – الصفات المطلوبة في الإمام الأعظم:
كما وقع الاتفاق بين المذاهب والفرق الإسلامية، على وجوب الإمامة، وقع اتفاقهم على أكثر الصفات المطلوبة في الإمام، والمعتبر منها حسب الماوردي سبعة، وعند ابن خلدون أربعة أو خمسة وهي حسب الأول[23]:
العدالة على شروطها الجامعة.
العلم: المؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام.
سلامة الحواس: من السمع والبصر واللسان ليصح معها مباشرة ما يدرك بها.
سلامة الأعضاء: من نقص يمنع من استيفاء الحركة وسرعة النهوض.
الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبيـر المصالح.
الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو.
النسب: وهو أن يكون من قريش لورود النص فيه وانعقاد الإجماع عليه، ولا اعتبار بضرار حين شذ فجوزها في جميع الناس.
و نظرا لاستحواذ هذا الشرط بالدرجة الأولى، على النصيب الأوفر مما دار حول صفات الإمام الأعظم من نقاشات فسنتناوله بإيجاز فيما يلي:
ب – القائلون بعدم اشتراط القرشية:
ونبدأ بهذا المنحى لكونه الأضعف في المسألة ونبدأ بابن خلدون لكونه من أبرز القائلين بذلك من أهل السنة، فنشيـر إلى أنه جعل شروط منصب الإمامة أربعة أو خمسة فقال:
«وأما شروط هذا المنصب فهي أربعة: العلم والعدالة والكفاية وسلامة الحواس والأعضاء مما يؤثر في الرأي والعمل» ثم أضاف قائلا: «واختلف في شرط خامس وهو النسب القرشي»[24] .
وحديث ابن خلدون عن النسب القرشي، هو حديث المؤرخ أكثر مما هو حديث الفقيه ،فهو يخاف من تخلف هذا الشرط أو فقدانه في يوم من الأيام، إذ الفائدة في النسب – كما قال – إنما هي العصبية، وذلك مع اعترافه بأن الجمهور اشترطوا أن يكون الإمام قرشياً، وتقوية لموقفه استشهد لهذا الاختيار، بموقف إمام كبيـر من أئمة الفقه والكلام من أهل السنة والجماعة في آن واحد فقال : «ومن القائلين بنفي اشتراط القرشية القاضي أبو بكر الباقلاني، لِمَا أدرك عليه عصبية قريش من التلاشي والاضمحلال، واستبداد ملوك العجم من الخلفاء، فأسقط شرط القرشية وإن كان موافقا لرأي الخوارج ،لِمَا رأى عليه حال الخلفاء لعهده»… [25] .
ومذهب الباقلاني الراجح فيما يدل عليه تراثه العلمي – كما سيأتي – هو قول الجمهور ويـرد في هذا موقف مماثل، فُهِم منه عدم اشتراط النسب القرشي، ويتعلق الأمر بإمام كبيـر آخر هو إمام الحرمين الجويني في حين أن العكس هو الصحيح كما سيأتي.
ج – الإجماع على اشتراط النسب القرشي:
الحديث متفق عليه: «الأئمة من قريش» وهو مذهب الأئمة الأربعة.
– رأي أصحاب الإمام أبي حنيفة وهو ما عبر عنه عبد القادر البغدادي)ت429هـ( في أصول الدين : قول أصحابه : «إن الشرع قد ورد بتخصيص قريش بالإمامة، ودلت الشريعة على أن قريشا لا يخلو ممن يصلح للإمامة، فلا يجوز إقامة الإمام للكافة من غيـرهم»[26]. ومذهب الإمام مالك هو أنه: «لا يكون الإمام إلا قرشيا، وغيـره لا حكم له، إلا أن يدعو إلى الإمام القرشي»[27].
أما الإمام الشافعي فقد تحدث عن هذا الشرط وأكد عليه في كتابه «الأم»، كتاب الصلاة، باب صفة الأئمة، وفيه ما تعلق بتقديم قريش وفضل الأنصار والإشارة إلى الإمامة العظمى، ثم ساق أحاديث بسنده إلى رسول ا ﷺ في أحقية قريش بهذا الشأن[28] .
وذهب الإمام أحمد إلى أن: «الخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان، ليس لأحد من الناس أن يتنازعهم فيها ولا يخرجه عليهم ولا نُقر لغيـرهم بها إلى قيام الساعة»[29] .
وهذا الذي ذهب إليه أئمة الفقه الأربعة هو قول جماهيـر أهل العلم، وهو قول أتباعهم كالإمام الباقلاني المالكي والإمام الجويني الشافعي خلافا لما اتهما به من عدم اشتراط النسب القرشي.
– الإمام الباقلاني: اشترط القرشية في كتابه الإنصاف فقال: ويجب أن يعلم أن الإمامة لا تصلح إلا لمن تجتمع فيه شرائط منها: أن يكون قرشيًا لقوله ﷺ: «الأئمة من قريش»[30] كما اشترطها في كتابه «التمهيد» في باب «الكلام في صفة الإمام الذي يلزم العقد له» فذكر منها أن يكون قرشيا من الصميم … وليس من صفاته أن يكون معصوما، ولا عالما بالغيب ولا أفرس الأمة وأشجعهم، ولا أن يكون من بني هاشم فقط دون غيـرهم من قبائل قريش. فإن قال قائل: وما الدليل على ما وصفتم؟ قيل له: أما ما يدل على أنه لا يجوز إلا من قريش فأمور: منها قول النبي ﷺ: «الأئمة من قريش ما بقي منهم اثنان» … إلخ[31] .
– الإمام الجويني: نفس الشيء بالنسبة له، فقد قال في غياث الأمم: أما الصفات اللازمة فمنها النسب، فالشرط أن يكون الإمام قرشيا، ولم يخالف في اشتراط النسب سوى ضرار بن عمر، وليس ممن يعتبر خلافه ووفاقه وقد نقل الرواة عن النبي ﷺ أنه قال: «الأئمة من قريش» وذكر بعض الأئمة: أن هذا الحديث في حكم المستفيض المقطوع بثبوته من حيث إن الأمة تلقته بالقبول[32].
هنا تمكن الإشارة إلى أن الجويني لم يعترض على شرط النسب القرشي وإنما لم يطمئن للحديث المذكور؛ لأن نقلته حسب قوله: «مَعْدُودُونَ، لَا يَبْلُغُونَ مَبْلَغَ عَدَدِ التَّوَاتُرِ… فَإِذًا لَا يَقْتَضِي هََذَا الْحَدِيثُ الْعِلْمَ بِاشْتِرَاطِ النَّسَبِ فِي الْإِمَامَةِ. فَالْوَجْهُ فِي إِثْبَاتِ مَا نُحَاوِلُهُ فِي ذَلِكَ أنَّ الْمَاضِينَ مَا زَالُوا بَايِحِينَ بِاخْتِصَاصِ هَذَا الْمَنْصِبِ بِقُرَيْشٍ، وَلَمْ يَتَشَوَّفَْ قَطُّ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ إِلَى الْإِمَامَةِ، عَلَى تَمَادِي الْآمَادِ، وَتَطَاوُلِ الْأَزْمَانِ، مَعَ الْعِلْمِ بِأنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مُمْكِنًا، لَطَلَبَهُ ذَوُو النَّجْدَةِ وَالْبَأْسِ» إلخ…
وقال مرة : «وَلَسْنَا نَعْقِلُ احْتِيَاجَ الْإِمَامَةِ فِي وَضْعِهَا إِلَى النَّسَبِ. وَلَكِنْ خَصَّصَ اللَّهُ هَذَا الْمَنْصِبَ الْعَلِيَّ، وَالْمَرْقَبَ السَّنِيَّ بِأَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ؛ فَكَانَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ»[33].
المبحث الثالث: عقد البيعة
يقوم نظام الحكم في الإسلام، على مبدأ البيعة التي تنظم العلاقة بين الراعي والرعية ،وفق ما حددته الشريعة الغراء، وطبقه رسول ا ﷺ، والخلفاء الراشدون – رضي الله عنهم – من بعده، ومن سار على دربهم إلى يوم الدين .
وعليه فأميـر المؤمنين، هو خليفة رسول رب العالمين، يهتدي بهديه ويقضي بقضائه ،ويجتهد في ظل روح شريعته، مواكبة للعصر وانسجاما مع الظروف القائمة، والمستجدات الطارئة. وهو حامي الملة والدين والساهر الأمين على صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات.
أما الرعية؛ فهم المأمورون بالسمع والطاعة، والنصيحة لأميـر المومنين، وفق أمر ا عز وجل:﴿ يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ اُ۬للَّهَ وَأَطِيعُواْ اُ۬لرَّسُولَ وَأُوْلِے اِ۬لَامْرِ مِنكُمْۖ فَإِن تَنَٰزَعْتُمْ فِے شَےْءٖ فَرُدُّوهُ إِلَي اَ۬للَّهِ وَالرَّسُولِ﴾[34]. على أساس الشورى لرعاية حقوق الرعية، امتثالا لقوله تعالى:﴿ وَُأمَْرُهُمْ شورى بينهم﴾[35].
وفي الحديث عن عبادة بن الصامت قال : «بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بَواحا ،عندكم من ﷲ فيه برهان»[36].
وكان للبيعة في المغرب وما يزال طابع خاص، وهو أنها كانت دائما مكتوبة. على حد تعبيـر جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب ﷲ ثراه وهو ما له أصل من عمل الصحابة رضي ﷲ عنهم.
ففي الموطإ رَوَى مالك عن عبد ﷲ بن دينار، أن عبد ﷲ بن عمر، كتب إلى عبد الملك ابن مروان يبايعه، فكتب إليه: «بسم ﷲ الرحمن الرحيم، أما بعد، لعبد ﷲ عبد الملك أميـر المؤمنين سلام عليك، فإني أحمد ﷲ الذي لا إله إلا هو، وأقر لك بالسمع والطاعة على سنة ﷲ وسنة رسوله فيما استطعت».
المبحث الرابع: ولاية العهد واستمرارية الدولة
دفعا لشغور منصب رئاسة الدولة وَلِيُّ العهد في الإسلام هو مَن يَعهد إليه ولي الأمر بتولي الحكم بعده، سواء بالنص عليه وحده، أو على أكثر من واحد على التوالي، وهو كما قال الماوردي: «مما انعقد الإجماع على جوازه، ووقع الاتفاق على صحته لأمرين عمل المسلمون بهما ولم يتناكروهما ،أحدهما: أن أبا بكر عهد بها إلى عمر، والثاني أن عمر عهد بها إلى أهل الشورى، فقبلت الجماعة دخولهم فيها وهم أعيان العصر».
المبحث الخامس: قاعدة «التصرف على الرعية منوط بالمصلحة»
من الأدلة على هذه القاعدة قول ﷲ تعالى ﴿: وَلَا تَقْرَبُواْ مَالَ اَ۬لْيَتِيمِ إِلَّا بِالتِے هِيَ أَحْسَنُ حَتَّيٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾ الآية[38]. وقوله:﴿ اِنَّ اَ۬للَّهَ يَامُرُكُمُۥٓ أَن تُوَ۬دُّواْ اُ۬لَامَٰنَٰتِ إِلَيٰٓ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ اَ۬لنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْل﴾[37]. الآية2.
وقول النبي ﷺ: «ما من عبدٍ يسترعيهَ ﷲ رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌ لرعيته إلا حرم ﷲ عليه الجنة»[39]. وقوله : «ألَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأمَِيـرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بََيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُ، ألَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»[40]. وأصله من الآثار قول عمر بن الخطاب : «إني أنزلت نفسي من مال ﷲ بمنزلة والي اليتيم، إن احتجت أخذت منه، فإذا أيسرت رددته، فإن استغنيت استعففت». أخرجه الدارمي في سننه .وأصله من كلام الأئمة قولٌ للإمام الشافعي: «منزلة الإمام – أو الوالي – من الرعية منزلة الولي من اليتيم». قال الزركشي: «و هو نص في كل وال».. «وولي الأمر مأمور بمراعاة المصلحة، ولا مصلحة في حمل الناس على فعل المكروه»[41].
وهذه القاعدة تعني أن تصرف الراعي على الرعية ولزومه عليهم في جميع الأحوال، متوقفٌ على وجود الثمرة والمنفعة في ضمن تصرفاته، دينية كانت أم دنيوية[42] في إطار المحافظة على مقصود الشرع[43].
كما تعني أن هذه القاعدة لا تختص بالإمام الأعظم فحسب، وإنما تشمل مختلف الولايات حتى رعاية الأسر والبيوت .
يقول الإمام العز بن عبد السلام : «يتصرف الولاة ونُوابهم بما ذكرنا من التصرفات،مما هو الأصلح للمُولَّى عليه، درءًا للضرر والفساد، وجلبًا للنفع والرشاد، ولا يقتصر أحدُهم على الصلاح، مع القدرة على الأصلح؛ إلا أن يؤديَ إلى مشقة شديدة، ولا يتخيـرون في التصرف حسب تخيـرهم في حقوق أنفسهم، مثل: أن يبيعوا درهما بدرهم، أو مكيلة زبيب بمثلها، لقول ﷲ تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُواْ مَالَ اَ۬لْيَتِيمِ إِلَّا بِالتِے هِيَ أَحْسَنُ﴾، فإذا كان هذا في حقوق اليتامى؛ فأولى أن يثبت في حقوق عامة المسلمين، فيما يتصرف فيه الأئمة من الأموال العامة؛ لأن اعتناء الشرع بالمصالح العامة أوفرُ وأكمل من اعتنائه بالمصالح الخاصة، وكل تصرفٍ جرَّ فسادًا أو دفع صلاحًا، فهو منهي عنه ،كإضاعة المال بغيـر فائدة، وإضرار الأمزجة لغيـر عائدة»[44].
وباختصار شديد هي قاعدة جوهرية بل: «هي رأس القواعد في السياسة الشرعية العادلة» كما عبر أحد الباحثين[45] تعرفها كل المذاهب الفقهية وتعتمدها، لما تصونه من حقوق وما تحققه من أمن واطمئنان وكل ما هو خيـر للأمة… والمصلحة من جهة أخرى هي باعتبار شهادة الشرع ثلاثة أقسام:
أ – مصلحة معتبرة
أو (المناسب المعتبر) وهي التي قام دليل باعتبارها من نص أو إجماع.
ب – مصلحة ملغاة
أو (المناسب الملغى) وهي كل معنى قام الدليل الشرعي على إلغائه وإبطاله ولا يصح التعليل بها ولا بناء الأحكام عليه اتفاقا.
ج – المصلحة المرسلة
وهي ما لم يشهد لها أصل بالاعتبار، ولا بالإلغاء، ولا بنص ولا بإجماع لا يترتب الحكم على وفقه، كما قال ابن الحاجب في المدخل[46]: و «نعني بالمصلحة -كما قال الإمام الغزالي- المحافظة عل مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة: أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم، ونسلهم وعقلهم ومالهم، فكل ما يضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعه مصلحة»[47].
وكان المجلس العلمي الأعلى بالمملكة المغربية قد حرر جوابا وافيا عن استفتاء أميـر المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره ﷲ حول المصلحة المرسلة في علاقتها بقضايا تدبيـر الشأن العام ورفعها إلى السدة العالية بالله يوم 17 رمضان 1426 هـ الموافق ل 21 أكتوبر 2005م بمدينة الدار البيضاء مما جاء في ديباجتها : «هذه مبادرة حضارية عميقة الدلالة، وخطوة تأسيسية واسعة المدى، أعادت إلى الواجهة سلوكا راقيا عرفته أمتنا في فترات مجدها السياسي وتألقها الحضاري، حينما كان الملوك والخلفاء، يوجهون العلماء إلى قضايا ذات آثار عملية وبعد اجتماعي، وينتدبونهم إلى الاشتغال بها»….
المحور الثالث: تأصيل إمارة المؤمنين في التصوف السني
من خلال الروابط الروحية بين المدارس الصوفية والإمامة العظمى وأثرها في الحفاظ على الأمن الروحي والقيم الأخلاقية للمسلمين.
المبحث الأول
كانت الإرهاصات الأولى للتصوف – قبل ظهور المصطلح – حاضرة في الممارسة والوجدان، منذ بداية الإسلام، متجلية في حياة الزهاد والمنقطعين. [48] وقد دلت السنة على أن الإحسان، أعلى درجات الدين، الذي علمه عليه السلام جبريلُ، ومن ثم لم يخل عصر من الأعصار في مدة الإسلام – كما قال الإمام القشيـري – إلا وفيه شيخ من شيوخ هذه الطائفة ممن له علوم التوحيد وإمامة القوم…
وإذا كانت طلائع المتصوفة بالمعنى الاصطلاحي قد ظهرت بالكوفة في القرن الثاني للهجرة، ولقب به كل من: جابر بن حيان (تـ 197 هـ)، وأبي هاشم البغدادي المعروف بأبي هاشم الزاهد (تـ 105 هـ) وعبدك الصوفي[49].
يوجد في المقابل ما يفيد أن اللفظ كان متداولا في البصرة أيضا وكان بها صوفية، كقول الحسن البصري رحمه ﷲ: «رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا، فلم يأخذه وقال: معي أربعة دوانيق فيكفيني ما معي».[50] وتستوقفنا بعد ذكر زمان ومكان ظهور التصوف بمعناه الاصطلاحي، أسانيد الصوفية التي تأبى إلا أن تنتهي إلى رسول ﷲ ﷺ عن طريق الصحابة خاصة عن طريق الخلفاء الراشدين.
قال ابن خلدون : «إنهم أسندوا لباس خرقة التصوف، ليجعلوه أصلا لطريقتهم وتخليتهم رفعوه إلى علي»… [51].
والخرقة تعني ما يلبسه المريد من شيخه الذي دخل في إرادته مما يفيد المبايعة، ودخول المريد في صحبة الشيخ الذي يتولى تربيته وتهذيب أخلاقه وتقويم سلوكه.
ودون الخوض في صحة هذه الأسانيد أو عدمه[52]، لأن الذي يعنينا هو هذا التعلق برسول ﷲ ﷺ وبالخلفاء الراشدين، لا تفوتنا الإشارة إلى إسناد آخر ينتهي إلى أبي الخليفة الراشد الأول أبي بكر الصديق والذي يتصل به عن الجنيد عن أبي النصر الكركاتي عن أبي زيد البسطامي عن جعفر الصادق عن قاسم بن محمد عن سلمان الفارسي عن أبي بكر الصديق عن رسول ﷲ ﷺ[53].
ومن هنا نتحدث عن التصوف السني وعن الإمام الجنيد باعتباره سيد الطائفة ومعلمها وأحد أبرز رجال التصوف الذين وجهوه، والجنيد لم يكن صوفيا فحسب، بل كان متكلما كذلك ولقب «بسيد الطائفة» و «طاووس العلماء» وسلم بأن الأنبياء أفضل من الأولياء ،وقابل بين الحضور الذي أنبأنا به الأنبياء، والمشاهدة التي يقول بها الأولياء، وكان يفضل الصحو على حالة السكر عند المتصوفة، ويقول بفضل صفاء النفس على الإغراق في الصوفية، وطريقته وطريقة أتباعه أن التصوف الصحيح أساسه التقيد بالكتاب والسنة وكل من خالفهما فدعواه أنه متصوف مردودة باطلة لا يقبله شرع ولا عقل، إن التصوف هو أن يعمر الإنسان صدره بالصلة بالله والخوف منه والرجاء فيه والله تعالى يقول ﴿وَ وَمَنْ يَّتَّقِ اِ۬للَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجاٗ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَّتَوَكَّلْ عَلَي اَ۬للَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُۥٓ إِنَّ اَ۬للَّهَ بَٰلِغٌ اَمْرَهُۥۖ قَدْ جَعَلَ اَ۬للَّهُ لِكُلِّ شَےْءٖ قَدْراٗ﴾.
ومن ثم قالوا إن طريقة الجنيد هي أسلم طرق التصوف لكونها خالية من الشبهات والبدع .وأقواله في هذا المضمار كثيـرة، منها : «الطريق إلى ﷲ مسدود إلا على المقتفين آثار رسول ﷲ ﷺ» [54]. و: «من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر، لأن علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة»[55]. و : «مذهبنا هذا مقيد بأصول الكتاب والسنة»[56]. و: «علمنا هذا مشيد بحديث رسول ﷲ ﷺ»[57]. و: «الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام»[58].
وسئل عن التصوف فقال هو: «تصفية القلب عن موافقة البرية، ومفارقة الأخلاق الطبيعية، وإخماد الصفات البشرية ومجانبة الدواعي النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلق بالعلوم الحقيقية، واستعمال ما هو أولى على الأبدية، والنصح لجميع الأمة، والوفاء على الحقيقة، واتباع الرسول ﷺ في الشريعة».[59]وقال: «إذا رأيت الصوفي يعنى بظاهره فاعلم أن باطنه خراب».[60]
قال أبو سعيد الخراز البغدادي من أوائل الصوفية وأئمتهم (تـ 279هـ) : «صحبت الصوفية خمسين سنة، فما وقع بيني وبينهم خلاف، قيل: ولم ذلك؟ قال: لأني كنت على نفسي ،يعني أنه كان منشغلا بعيوب نفسه، ومن يكن كذلك لا ينظر إلى عيوب غيـره»…[61].
وتقوم طريقة الجنيد- كما حددها- على ثمانية شروط:
دوام الوضوء، والخلوة، ونية الاختلاء، والمداومة على الذكر، ودوام الصوم، وترك الخاطر، ودوام ربط القلب بالشيخ، ودوام الرضى بقضاء ﷲ وترك الاعتراض على ﷲ وعلى الشيخ[62].
المبحث الثاني
القول بوجوب حفظ النظام، ولزوم مراعاة المصلحة العامة والإجماع على تحريم الخروج عن الإمام، بقول أو فعل… وهو ما عبر عنه الشيخ زروق في قواعد التصوف، القاعدة 89: في علاقة بالإمام الأعظم بقوله: «حفظ النظام واجب، ومراعاة المصلحة العامة لازم، فلذا أجمعوا على تحريم الخروج عن الإمام، بقول أو فعل حتى إن جر[63] إلى إجماعهم على الصلاة خلف كل بر وفاجر من الولاة وغيـرهم، ما لم يكن فسقه في عين الصلاة. وكذا يـرون الجهاد مع كل أميـر من المسلمين، وإن كان فاجرا لا غيـره. وزعم ابن مجاهد إجماع المسلمين، وأنكره ابن حزم، وفيه كلام لهما. والمعول المنع بكل حال»….[64]
ومقام الإمام الأعظم في الأمة في القمة مراعى ومحفوظ، قال العالم الزاهد عبد ﷲ بن المبارك:
لولا الأئمة لم تأمن لنا سبل وكان أضعفنا نهبا لأقوانا[65]
وفي حكمة بالغة ورؤية بعيدة، كان الفضيل بن عياض يقول: «لو كانت لي دعوة مستجابة لصيـرتها للسلطان . قيل: ولم تقدمه على نفسك ؟ قال: إن دعوتي لنفسي لا تنفع غيـري، وإن كانت له انتعش البلاد بعدله وإصلاحه»[66].
و حذر العلماء من الخروج على السلاطين، حتى كان الشيخ زروق لا يصلي خلف إمام القرويين، أورع أهل زمانه وأزهدهم « عبد العزيز الورياغلي» لإشارته على أهل فاس بقتل اليهودي الذي ولاه عبد الحق المريني عليهم»… [67].
و للإمام الطرطوشي في سراج الملوك، كلام نفيس سبق في كثيـر به عصره، منه في الحض على مناصرة الإمام الأعظم ومناصحته: «فحق على جميع الورى أن يمدوا السلطان بالمنا والمناصحات، ويخصوه بالدعوات، ويعينوه في سائر المحاولات، ويكونوا له أعيناً ناظرة، وأيد باطشة، وجنناً واقية، وألسنة ناطقة، وقوادم تنهضه، وقوائم تقله»…. [68]«… فحقيق على كل رعية أن ترغب إلى ﷲ تعالى في إصلاح السلطان وأن تبذل له نصحها وتخصه بصالح دعائها فإن في صلاحه صلاح العباد والبلاد، وفي فساده فساد العباد والبلاد، وكان العلماء يقولون :إن استقامت لكم أمور السلطان فأكثروا حمد ﷲ تعالى واشكروه، وإن جاءكم ما تكرهون وجهوه إلى ما تستوجبونه منه بذنوبكم وتستحقونه بآثامكم، فأقيموا عذر السلطان بانتشار الأمور عليه، وكثرة ما يكابده من ضبط جوانب المملكة واستئلاف الأعداء ورضاء الأولياء، وقلة الناصح وكثرة المدلس والفاضح».[69]
المبحث الثالث
الرباطات والزوايا ودورها في التربية الصوفية والتعليم والإطعام والإيواء،إلى جانب الاستعداد الدائم للقيام بالأدوار الجهادية، كلما تعرضت البلاد للغزو الأجنبي …
يبدو أن الحديث عن علاقة المتصوفة بالسلطان يحسن فيه التفريق بين الأفراد والجماعات من جهة، وبين التصريح والحضور والوجد، كقول الإمام إبراهيم بن أدهم:
«لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السرور والنعيم إذًا لجالدونا عليه بالسيوف».[70] وكان إبراهيم بن أدهم في أول أمره ملكا في مدينة بلخ إحدى مدن خراسان ،ثم حدث في حياته ما جعله يتخلى عن الملك، ويختلي بعيدا عن الأعين لعبادة ﷲ[71]ومن شعر أبي مدين الغو (تـ 594هـ):
مـا لـذة الـعيش إلا صحبة الفقرا هم السلاطين والسادات والأمرا
فاصحبهموا وتأدب في مجالسهم وخـل حـظـك مـهما قـدموك ورا
إلى آخر القصيدة ..
عن مثل هذه المعاني ومثل هذه الأقوال بالذات يعلق الدكتور أحمد التوفيق قائلا:
«من يصغ لمثل هذه الأقوال، يظن أن أصحابها مشغولون حقا بالسلطان، يتقاسمون معه، ويسلون أنفسهم بالوهم على ما هم فيه من حرمان».
والواقع أنه لا أحد من الناس العاديين لا سيما إذا كان صاحب سلطة يمكن أن يصدق هذا الادعاء بالتخلي عن رئاسة الظاهر من أجل رئاسة الباطن عند المنتسب للتصوف لا سيما إذا سمعه يقول: «وبالضعف نلنا جميع القوى». فهو في نظر المتشكك لا يخرج عن المفاضلة بين الأضداد كما لو أنها حاضرة في ذهنه بنفس الكثافة، وربما كان هذا سببا في الحذر الذي لازمه كل فريق تجاه الآخر في تاريخ المسلمين من أصحاب السلطان ومن عشاق الرحمان.
لكن التعمق في المبادئ التي قام عليها التصوف وقراءتها في ضوء أشكال الحكم المستبد غيـر المتورع كما عاناه المسلمون في تاريخهم، مما يمكن أن يساعد على فهم المفارقة بين الصوفي والسلطان دون السقوط في حكم ظني حاسم لا طائل تحته.»… [72]
و من صور هموم الصوفية ومشاغلهم التي تدل على انزوائهم بعيدا عن الحياة العامة ما يعكسه مثل ما حكاه ذو النون المصري حين قال:
رأيت امرأة ببعض سواحل الشام، فقلت لها: من أين أقبلت رحمك ﷲ؟ قالت: من عند أقوام ﴿ تَتَجَاف۪يٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ اِ۬لْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاٗ وَطَمَعاٗ﴾ [سورة السجدة:16]. قلت: وأين تريدين؟قالت: إلى ﴿رِجَالٞ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اِ۬للَّهِ﴾ [سورة :النور:37]. فقلت: صفيهم لي؟ فأنشأت تقول:
قـوم همـومهم بــالله قــد علقت ** فـــمالهـم همم تـسمــو الى احــد
فمـطلب القوم مـولاهـم وسيــدهـم ** يـاحسن مـطلبهـم للواحـد الصمـد
مــاان تـنـــازعهــم دنيــا ولاشرف ** من المــطاعـم والـلذات والـــولـــد
ولا لـلبس ثـيــاب فــائــق انق ** ولا لــروح سرور حــل في بـــلد
الامــســارعــة في اثــر مـنــزلــة ** قد قارب الخطو فيها باعد الابد
فــهــم رهـــائــن غــدران واوديــة ** وفي الشــوامخ تلقــاهـم مع العــدد
وندع تلكم الأحوال وهذه التجارب الصوفية والمواقف والمواجد الفردية، لننتقل إلى بعض مظاهر العلاقات الصوفية الجماعية بالسلطة من خلال الرباطات والزوايا.
الرباطات: قال في المصباح المنيـر: «الرباط ما يـربط به القربة وغيـرها،و الجمع رُبُط … والرباط اسم من رابط مرابطة من باب قاتل إذا لازم ثغر العدو، والرباط الذي يبنى للفقراء مولد، ويجمع في القياس رُبُط بضمتين ورباطات» .
ونجد في صحيح البخاري: في كتاب الجهاد والسيـر – باب فضل رباط في سبيل ﷲ، وقول ﷲ عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪صْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اُ۬للَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وحديث الباب عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول ﷺ قالَ : «رباط يوم في سبيل ﷲ خيـر من الدنيا وما عليها»…الحديث.
قال ابن حجر في الفتح: الرباط بكسر الراء وبالموحدةالخفيفة ملازمة المكان الذي بين المسلمين والكفار لحراسة المسلمين منهم[73]. وظاهر في ما تقدم علاقة الرباط بالجهاد وهي إحدى الأدوار التي قامت بها الرباطات والزوايا.
لكن هناك إشكال في المرجعية وهو عدم وجود رباط بهذا المعنى على عهد رسول ﷲ ﷺ[74] ومن ثم جاز لمثل ابن قتيبة أن يقول: أصل الرباط أن يـربط هؤلاء خيلهم وهؤلاء خيلهم استعدادا للقتال…
والرباط بمعنى المكان المعد للتعليم والعبادة والمرابطة أسبق من الزاوية في الظهور. وقد كان رباط التابعي شاكر من أوائل الرباطات في المغرب على ضفة وادي نفيس بحوز مراكش، وبه دفن، وهو من أصحاب عقبة بن نافع الفهري واعتبر الشيخ عبد الحي الكتاني هذا المكان أشرف بقعة في المغرب.
ومن الرباطات الشهيـرة بالمغرب رباط عبد ﷲ بن ياسين الذي تخرج به الملثمون مؤسسو الدولة المرابطية أقوى دول زمانها، وأبعدها أثرا في الغرب الإسلامي وفي مختلف ربوع إفريقيا
الزاوية :اسم يجمع على زوايا وزاويات، ويعني في اللغة الركن والظاهر كما قال ابن مرزوق: «إن الزوايا عندنا بالمغرب هي المواضع المعدة لإرفاق الواردين وإطعام المحتاجين من القاصدين».
وتلتقي الرباطات والزوايا في عديد من الأدوار الاجتماعية، قبل أن تحتوي هذه الأخيـرة الأولى والقيام بالأدوار التي كانت تقوم بها…. إلى آخره.
محمد عزالدين المعيار الإدريسي
الهوامش
[1] مقالات في الثوابت الدينية والثقافة الإسلامية بالمغرب – محمد عز الدين المعيار الإدريسي 87-88.
[2] المقدمة: 190.
[3] معجم مقاييس اللغة: مادة «أم».
[4] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطي: سورة البقرة، قوله تعالى: ﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة﴾.
[5] الملل والنحل: 1/114.
[6] سورة البقرة – الآية: 124.
[7] بدور الأفهام: 222 – 223.
[8] كتاب الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد للجويني: 410، تحقيق د. محمد يوسف موسى – علي عبد المنعم عبد الحميد
[9] في بعض النسخ: «وليس أيضا من فن المعقولات فيها من الفقهيات».
[10] الاقتصاد في الاعتقاد لأبي حامد الغزالي: 200، ضبط وتقديم: موفق فوزي الجبر – الطبعة الأولى : 1415هـ – 1994م،الحكمة للطباعة والنشر – بيـروت.
[11] حاشية الكستلي على العقيدة النسفية بشرح السعد.
[12] سورة التوبة: 119.
[13] 2انظر: العواصم من القواصم: 37 – 45.
[14] سورة النساء: الآية: 59.
[15] صحيح البخاري :كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية – ح7145 – انظر: فتح الباري لابن حجر:14/105، وانظر: أسباب النزول للواحدي : 91.
[16] فتح الباري :كتاب التفسيـر، باب ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾ ح4584، (ج9/215).
[17] العبـرة ممـا جـاء في الغـزو والشهادة والهجرة لأبي الطيب القنوجي: 33، ونقله بتصرف محمد بن جعفر الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر : 160، الطبعة الثانية – دار الكتب السلفية للطباعة والنشر بمصر.
[18] العبـرة ممـا جـاء في الغـزو والشهادة والهجرة: 35.
[19] حققه محمد بن ناصر العجمي – الطبعة الأولى: 1433هـ = 2012 م – دار البشائر الإسلامية – بيـروت – لبنان.
[20] فتح الباري :7/442.
[21] صحيح البخاري 125/13ح6721، كتاب الأحكام، باب الأمراء من قريش، وصحيح مسلم 520/12ح 1820كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش.
[22] الفقه على المذاهب الأربعة – للجزيـري :366/5، طبعة دار الكتب العلمية.
[23] الأحكام السلطانية: 6.
[24] مقدمة ابن خلدون :193.
[25] مقدمةابن خلدون :194.
[26] أصول الدين لعبد القادر البغدادي: 275 – الطبعة الأولى – استانبول – مطبعة الدولة : 1346هـ = 1928م.
[27] أحكام القرآن لابن العربي: 4/139.
[28] الأم للإمام الشافعي: 1/311- 312. وانظر: أصول الدين للبغدادي: 275.
[29] طبقات الحنابلة( 1/26).
[30] الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به: 66. تحقيق: محمد زاهد بن الحسن الكوثري 1421هـ- 2000م، الطبعة الثانية.
[31] تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل للباقلاني: 471 – 473. نشر : الشيخ عماد أحمد حيضر – الطبعة الأولى: 1407هـ – 1987م ،مؤسسة الكتب اثقافية–بيـروت.
[32] غياث الأمم للجويني: 62-63.
[33] نفسه: 63 – 64.
[34] سورة النساء، آية 59.
[35] سورة الشورى آية 35.
[36] أخرجه البخاري في كتاب الفتن باب: سترون بعدي أمورا تنكروها 7056، ومسلم في كتاب الإمارة باب: وجوب طاعة الأمراء في غيـر معصية 1709، واللفظ لمسلم.
[37] سورة النساء: 58.
[38] سورة الأنعام: 152.
[39] أخرجه مسلم، حديث 142، وأخرجه البخاري في «كتاب الأحكام»، «باب من استرعى رعية فلم ينصح»، حديث 6731.
[40] متفق عليه.
[41] المنثور في القواعد – فقه شافعي لبدر الدين محمد بن بهادر الزركشي الشافعي: 1/ 183. (تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل – الطبعة الأولى: 1421 ه – 2000م – دار الكتب العلمية – بيـروت.)
[42] انظر: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة، للدكتور محمد الزحيلي: 1/193.
[43] المستصفى للغزالي:1/286.
[44] القواعد الكبرى – الموسوم بـ «قواعد الأحكام في إصلاح الأنام» لعز الدين بن عبد السلام: 2/158، تحقيق: د. نزيه كمال حماد – د.عثمان جمعة ضميـرية، دار القلم دمشق.
[45] مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية – جامعة قطر – العدد29 /2011 /ص465.
[46] مختصر ابن الحاجب: 2/289.
[47] المستصفى: 1/286 – 287.
[48] انظر على سبيل المثال «الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي» لألْفرِدْ بِلْ، ص: 266 – 272.
[49] نفسه: 5/166.
[50] نفسه: 5/276.
[51] مقدمة ابن خلدون، ص: 473.
[52] انظر: دائرة المعارف الإسلامية:5/272 – 273.
[53] المعلمة: بحث للأستاذ أحمد التوفيق / تنويـر القلوب في معاملة القلوب، لمحمد أمين الكردي: 530-531، الطبعة الأولى:
[54] بدور الأفهام : 120.
[55] الرسالة القشيـرية: 32.
[56] الرسالة القشيـرية: 32.
[57] الرسالة القشيـرية: 32.
[58] الرسالة القشيـرية: 32.
[59] التعرف للكلابادي: 19-20.
[60] الرسالة القشيـرية: 127.
[61] المقدمة في التصوف وحقيقته للسلمي: 37، تحقيق يوسف زيدان – الطبعة الأولى: 1407هـ – 1987م – مكتبة الكليلا الأزهرية – دارأسامة للطبع.
[62] حسن جلاب: من أعلام التصوف المغربي: محمد بنسليمان الجزولي، مجلة دعوة الحق، عدد: 271.
[63] نسخة بتحقيق :محمود بيـروتي: القاعدة: 89 ص 125 : «حتى انجر إلى إجماعهم،» ولعل الأقرب: «حتى إن جر»… .
[64] قواعد التصوف للشيخ زروق :125،طبعة1: سنة1424ه – 2004م، دار البيـروتي دمشق.
[65] ذكره أبو نعيم في الحلية: 8/164 – ابن عبد البر في الاستذكار:1/578 – روض الأخيار من ربيع الأبرار: 63.
[66] آداب الملوك للثعالبي: 42.
[67] التقاط الدرر:296.
[68] سراج الملوك للطرطوشي: 46.
[69] سراج الملوك للطرطوشي:48.
[70] حلية الأولياء: 7/370.
[71] انظر: تذكرة الأولياء لفريد الدين العطار: 128 وما بعدها.
[72] مجلة«الإشارة» عدد شوال 1420هـ – ينايـر 2000م.
[73] فتح الباري :7/72.
[74] مرجع سابق.