بسم الله الرحمن الرحيم
في إطار العناية بالتراث الإسلامي عموما، و بالمغربي منه على وجه الخصوص، و تشجيعا للباحثين من الشباب المغربي الواعدين ، يأتي تقديم هذا الكتاب للقراء الكرام وهو يجمع بين إنتاجين علميين :
أولهما - منظومة: "أرجوزة الولدان في الفرض والمسنون على مذهب السادة المالكية" المعروفة بين طلبة العلم باسم المقدمة القرطبية ، من نظم الفقيه أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي{ت 567هـ } توجد منها نسخ خطية ، في عدد من الخزائن والمكتبات العامة و الخاصة، وتعتبر من المتون و المقررات الدالة ،على مدى عناية المدرسة المغربية ورجالها بتعليم الناشئة أمور الدين بشكل يتناسب مع أعمارهم وقدراتهم العقلية، ويؤسس في الوقت ذاته لملكاتهم ،لتصبح في قابل الأيام ، قادرة على التصرف فيما تدخره من مخزون علمي وافر ، وعلى البذل و العطاء في الوقت ذاته ، يستطيعون به في المستقبل ، التصدي لما قد يطرح عليهم في حياتهم العملية ، من أسئلة مختلفة ، أو يعترض سبلهم من نوازل ومستجدات ...
و لعل من أشهر المصنفات والمنظومات التي طار صيتها في هذا السياق ، و أقبل عليها طلبة العلم بالغرب الإسلامي :
• الرسالة لابن أبي زيد القيرواني {ت386 هـ}
• حدود قواعد الإسلام للقاضي عياض {ت544هـ}
• منظومة المرشد المعين على الضروري من علوم الدين للفقيه عبد الواحد بن عاشر {ت1040هـ} وبينها وبين منظومة القرطبي تشابه كبير فهده الأخيرة للصبيان خاصة وتلك للمبتدئين عامة صغارا وكبارا:
يقول يحيى القرطبي الدار*** المرتجي مثوبة الغفـــــــــــار
باسم الإله أبتدئ المقـــالا *** فمنه نرجو العون و الأفضالا
ثم الصلاة و السلام سرمدا*** على النبي العربي محمـــــدا
و بعد حمد الله يا إخوانــي *** فهذه أرجوزة الولــــــــــــدان
جمعتها في الفرض و المسنون *** ليعلموا منها أصول الدين
و يقول ابن عاشر:
يقول عبد الواحد ابن عاشر *** مبتدئا باسم الإله القادر
الحمد لله الذي علمـــــــــــنا *** من العلوم ما به كلفــنا
صلى و سلم على محمـــــــد*** و آله و صحبه و المقتدي
و بعد فالعون من الله المجيد *** في نظم أبيات للأمي تفيد
ثانيهما- شرح المنظومة القرطبية و يسمى :"الدرة البهية في حل ألفاظ القرطبية " للعلامة محمد بن إبراهيم بن خليل التتائي {ت942هـ}وهو وإن كان مسبوقا بشرح آخر للشيخ أحمد زروق {ت899هـ} فإن له من الخصائص والمزايا ، ما يجعله حريا بالمجهود الذي بذل في تحقيقه و إخراجه من حيز المخطوط إلى عالم المطبوع ، زيادة على ما لمؤلفه من باع طويل في خدمة تراث المالكية ، كما يدل على ذلك مثل قول أحمد بابا التمبكتي :
" له يد طولى في الفرائض شرح المختصر بشرحين ،سمى الكبير فتح الجليل والآخر جواهر الدرر ،وشرح ابن الحاجب الفرعي في سفرين، لخصه من التوضيح ، و شرح الإرشاد لابن عساكر، و الجلاب، و القرطبية ، والشامل و لم يكمله ، ومقدمة ابن رشد ، و ألفية العراقي ، وله حاشية على جمع الجوامع وغيرها في الفرائض و الحساب و الميقات ..."
وقد وفق الله تعالى ، لتقديم هذا العمل و تحقيقه، أربعة من الباحثين الشباب المشتغلين بالتراث ، من خريجي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة القاضي عياض بمراكش، في إطار مشروع طموح هادف ،يسعى إلى النهوض بتحقيق مجموعة من النصوص المالكية ، خدمة للخزانة المغربية ، وإسهاما في نشر العلم و المعرفة بين طلاب العلم وكل الراغبين في ذلك
نسأل الله تعالى لنا ولهم التوفيق والسداد ، و أن يجعل أعمالنا و أعمالهم خاصة لوجه الله
محمد عزالدين المعيار الإدريسي