تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الصادق الأمين المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين ومن سار على نهجهم القويم إلى يوم الدين
أما بعد فيسعدني أن أقدم للقراء الكرام، كتاب : ضبط المسائل المستثناة من قاعدة كل صلاة بطلت على الإمام بطلت على المأموم بلا اشتباه " نظم وشرح الفقيه المالكي المبرز الإمام أبي العباس البيلي الصعيدي " وهو عمل جليل من التراث الفقهي المالكي الزاخر بكل مفيد ...
وقيمة التراث الإسلامي العربي في شموله ، كبيرة جدا كما وكيفا ، بشكل لا يحتاج م إلى أي دليل أو برهان ، على أصالته وغناه ، و على ما ساهم به في ميلاد العلم الحديث ، وبناء الحضارة الإنسانية القائمة ..
وما تذخره الخزائن و المكتبات العامة والخاصة من مخطوطات في شتى العلوم والآداب و الفنون من تراث ضخم، لا يزال ينتظر من الباحثين والمهتمين و من المؤسسات العلمية ، ما يرفع عنه الحجب، ويخرجه من حيز الخفاء إلى رحاب التجلي، إذ لم يحقق منه وينشر_ لحد الآن - سوى الشيء اليسير
وقد اهتم علماء المسلمين بصناعة التأليف، منذ وقت مبكر ، وحرصوا على أن تراعى في ذلك مقاصد معينة و أهداف مرسومة ، حتى تكون من وراء التأليف منفعة أكيدة ، و فائدة زائدة ، كما أوصوا من يتعاطى التأليف، بأن يولي تلكم المقاصد كل اعتبار ، حتى لا يكون جهده في آخر المطاف مهدورا، و" تخسيرا للكاغد " على حد تعبير أبي عبد الله ابن عرفة في سياق كلامه على قوله صلى الله عليه وسلم "او علم ينتفع به "
و نظم أحدهم أهم هذه المقاصد فقال:
ألا فاعـلمن أنَّ التأليف سـبعة ** لكل لبيب في النصيحة خالص
فشرح لإغلاق وتصحيح مخـطئ ** وإبداع حبر مقدم غير ناكص
وترتـيب منـثور وجمـع مـفرق** وتقصير تطويل وتتميم ناقص
و من بين هذه المقاصد ذات الصلة بموضوع الكتاب الذي نحن بصدد التقديم له ، شرح مسائل جزئية، رأى العلماء في رفع ما يمكن أن يكون قد أحاط بها من حجب، لتصبح واضحة كالشمس في رابعة النهار ...
و هو موضوع اهتم به الفقه الإسلامي، وتناقلته كتبهم في سياقاته المناسبة، بشكل مقتضب، قبل أن يتوسع فيه الفقهاء عامة، و المالكية منهم على وجه الخصوص ، بالشرح والتوضيح نظما ونثرا ، مع تفاوت بينهم من حيث الإيجاز أو الإطناب في ذلك ...
و كان الفقيه عبد الواحد بن عاشر{ت1040هـ} طليعة من اعتنى بهذه المسألة من فقهاء المالكية في منظومته المرشد المعين، ثم تلاه تلميذه محمد بن أحمد الفاسي ميارة {ت1072هـ} في شرحه " الدر الثمين على المرشد المعين قبل أن يتوسع في الحديث عنها أحمد بن موسى البيلي الصعيدي {ت 1213 هـ} نظما وشرحا كما سيأتي
-و تناول هذه المسألة بالنظم أو الشرح بعد ذلك ،عدد من العلماء نذكر منهم أبا إسحاق ابراهيم بن عبد القادر الرياحي التونسي {ت1266هـ } في منظومة في الصلوات التي تفسد على الإمام دون المأموم
و محنض بابه بن اعبيدي الديماني {ت 1277هـ } في :نظم المسائل المستثناة
وكل ما على الإمام قد بطل . . . يبطل على مأمومه وان حصل
الأبيات...
وقد حظي نظم محنض الآنف الذكر، باهتمام علماء شنقيط فذيل عليه الشريف الشيخ ولد حم الصعيدي كما شرحه بارك الله بن محمد الديماني {ت1362هـ}
باي بن الشيخ سيدي محمد الكنتي ونظم مبطلات الصلاة -
و مع كل ذلك تبقى لحد الآن منظومة " المسائل المستثناة من قاعدة كل صلاة بطلت على الإمام بطلت على المأموم " وشرحها لأبي العباس أحمد بن موسى البيلي {ت 1213 هـ} أهم هذه المنظومات و الشروح و أوفاها،بحيث تغني عن غيرها، ولا يغني عنها غيرها ... وقد كتب الله لها القبول والذيوع بين العلماء، فاعتنوا بها شرحا و تحقيقا ، فإلى جانب شرح ناظمها ، شرحها أستاذه أبو البركات أحمد بن محمد الدردير العدوي المالكي {ت1201هـ) - من أكابر فقهاء المالكية في عصره، و قيض الله فيمن قيض لتحقيق المنظومة و الشرح، فضيلة الأستاذ تالمقتدر عبد الله أكيك، فبذل في دراسته و تحقيقه جهدا مشكطورا بارك الله فيه وزاده توفيقا و سدادا ... و الله من وراء القصد و هو يهدي السبيل
محمد عزالدين المعيار الإدريسي