بطاقة تعريفية

فضيلة الدكتور محمد عز الدين المعيار الإدريسي

مواقع التواصل

رسائلي إلى الباتول - الرسالة الخامسة

تاريخ نشر المقال 31-07-24 12:18:51

    عزيزتي البتول:
تبعا للمناقشة التي بدأناها منذ الرسالة الماضية ، حول بعض الأمور التي تستأثر باهتمامك ، يطيب لي اليوم أن أثير معك قضية أخرى على جانب كبير من الأهمية، تلك هي قضية عمل المرأة ، فماذا عندي في هذا الباب ؟
إن ديننا الحنيف - يا عزيزتي - لا يمنع المرأة من العمل ، ولا يراها مجرد مستهلكة فقط ، لكنه يرى في الوقت ذاته أن أعظم مسؤولياتها وأخطرها على الإطلاق هي عملها داخل البيت، وهو مؤسسة هامة وخطيرة في حياة الأسر والمجتمعات ، وما أحوجنا اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى ربات بيوت من طرازك،ممن تعلمن وتربين تعليمك وتربيتك ...
إن البيت وهو أحد أهم العوامل المقصودة في التربية ، قد افتقد أهم أركانه بخروج المرأة إلى العمل خارج البيت ، وترك أمر إدارة البيت وتربية الأبناء للخادمات، مما أعطى جيلا من الأطفال الفاشلين في الحياة - بغض النظر عن كون الخادمة امرأة كذلك - واسألي إن شئت خالك وقد عاش في أوروبا مدة طويلة، كم للمرأة التي تتفرغ لتربية أطفالها من امتيازات ؟
إنهم فهموا دور المرأة في البيت وجهلناه للأسف الشديد
إن المرأة عندنا بدل أن تكون منتجة ، تحولت هي نفسها - في بعض الأحيان - دون أن تشعر إلى مادة استهلاكية ، حتى أصبحت من تمام تأثيت كثير من المكاتب وصالونات الاستقبال، تنتقى لذلك كما تنتقى السلع والبضائع ، واندفعت كثير من النساء خلف المظاهر، فأضحت بعضهن لا تخرج إلى عملها، إلا وهي في تمام زينتها، وكان الأولى بها أن تستر زينتها، وتخفي مفاتنها لبيتها و زوجها، لكنها الحرية التي فهمناها فهما خاطئا، فغدت المرأة تقلب الأوضاع، تقدم للبيت وجهها الكالح المتجهم، وتقدم للشارع والمكتب وجهها المشرق الباسم ، مما يتسبب في كثير من المشاكل والنزاعات الزوجية .
عزيزتي البتول:
أنا لا أعترض على خروج المرأة وعملها إذا دعت الظروف إلى ذلك ، ما دام ذلك في حدود الحشمة والوقار، لكن بالنسبة لنا - أنا و أنت - وقد تفضل الله علينا فجعلنا من الأغنياء ، فلا أرى داعيا لعملك، بل أرى أن عملك الأكبر في هذه المرحلة من حياتك - على الأقل - هو قيامك ببيتك وتربيتك لأبنائك، خصوصا وأن تخصصك في التربية وعلم النفس - المصقول بقيم الدين الحنيف وتعاليمه - سيجد المجال الخصب لتفجير طاقاتك وإمكاناتك وسيكون لك بذلك - إن شاء الله - من الشرف والفخر، ما لن تستطيعي اكتسابه من عملك خارج البيت مهما كان هذا العمل ...دون أن تبخلي على المجتمع بعلمك وخبرتك متى طلب منك ذلك، و أن لا تتوقفي عن مواكبة ما يجد في تخصصك و أن تستغلي أوقات الفراغ في المطالعة و التأليف...
آمل أن تفهميني وتقدري رسالتك السامية في هذه الحياة، وتستوعبي دورك في الأسرة و المجتمع
والسلام
المخلص الوفي : م.عبد الله