فاتني - عزيزتي - في الرسالة الماضية وأنا أجمل لك حقوقك علي أن أذكر لك ضمنها حقا هاما من حقوقك، ألا وهو الصداق، وقد كان في ذلك النسيان خير كثير، وفرصة مواتية للتوسع في هذا الموضوع لما له من أهمية قصوى في بناء الأسرة وتكوينها
لقد عرفتِ أن الدين الحنيف لم يحملك من الأعباء الاقتصادية شيئا، وأني وحدي المسئول على ذلك وقد بينت لك فيما سلف ما في ذلك من تكريم وتشريف لك ، وبقي أن تعلمي أنه زيادة على ذلك ، فرض الله على الرجل صداقا يقدمه لمن اختارها زوجة له وأما لأولاده عربون صدق على حسن نيته ، ولست مطالبة في المقابل بأي التزامات مادية ، كتجهيز البيت و تأثيثه و ما شابه ذلك إلا إذا وقع الاتفاق والتراضي بيننا على ذلك
عزيزتي البتول :
إن الله تعالى لم يجعل للصداق حدا أعلى يقف عنده ، بل ترك تقديره لما يتراضى عليه الزوجان، حسب الأقدار والحالات، وبينت السنة أن الأولى في ذلك التيسير، فقد ورد في الحديث الشريف، فيما رواه الإمام أحمد في المسند :" أعظم النساء بركة أيسرهن مئونة " و أيضا :" من يمن المرأة تيسير خطبتها و تيسير صداقها وتيسير رحمها "
عزيزتي البتول :
إن التشدد في المهور ، والمغالاة فيها ، مما يخرج المرأة من عالمها الجميل الرائع ، الذي رسمه لها الإسلام ، وأغدق عليها فيه ، من ألوان التشريف والتكريم ما لا يعد ولا يحصى ، ويدخلها إلى سوق النخاسة ، والبيع بالمزاد العلني ، لتكون من نصيب الذي يعطي أكثر ...
إن كثيرا من الشباب عزفوا عن الزواج ، بسبب ما يطلبه بعض الآباء والأولياء من مهور خيالية لا يمكن أن تتوفر لشاب محدود الدخل مقصوص الجناح ، ما يزال في بداية حياته ، يتلمس الطريق نحو العيش الهنيء والعش الزوجي المتين ...مع أن الإسلام - كما تعلمين - جعل الدين والخلق المعيارين اللذين يختار على ضوئهما الزوج المناسب ، ولم يعط للمال أي قيمة أو اعتبار { إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} وفي الحديث فيما رواه الترمذي : "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد ..."
إن أصحاب الأموال الطائلة ، منهم من يصدق المرأة كا ما يطلبه أهلها ، لكنه سرعان ما يسيء إليها ويعتبرها من سقط المتاع ، وإن من مستوري الحال من لا يعطي في الصداق شيئا مذكورا ، لكنه يبر بزوجتها فيتوجها ملكة في بيته وقلبه ، و عن لم يكن لها تاج وصولجان ، وأما أصدق وما أصدق الإمام الحسن رضي الله عنه حين قال لمن جاء يستشيره في أمر ابنته وممن يزوجها : " زوجها ممن يتقي الله ، فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها"
وأنا يا عزيزتي لن أبخل عليك بالصداق اللائق بمثلك و أكثر ، وفي الوقت ذاته لن أبغضك أو أظلمك ، فلا تشغلي بالك من هذه الناحية
دمت بخير وعافية / والسلام
المخلص الوفي :م.عبد الله