بطاقة تعريفية

فضيلة الدكتور محمد عز الدين المعيار الإدريسي

مواقع التواصل

مراكش العالمة - 8 رسالة الشقندي

تاريخ نشر المقال 10-12-24 10:15:03

    رسالة الشقندي
في تقديم أستاذنا الراحل الدكتور محمد بن شريفة لنص من منافرات العدوتين بعنوان " طرفة الظريف في أهل الجزيرة و طريف " الذي يرجح أنه لعبد العزيز الملزوزي {ت 668 هـ} تحدث عما كان بين المغرب و الأندلس من صراع متعدد الأشكال متنوع المظاهر، كان من نتائجه أن غدت العلاقة بين العدوتين تنعت في بعض الأحيان بنعوت مختلفة، توصف حينا بالكراهية، وحينا بالعداوة و البغضاء و الحسد، واستعمل لسان الدين ابن الخطيب في هذا المقام بكثرة كلمة " النفرة " و يقرر أستاذنا ابن شريفة رحمه الله منذ البداية أن الأندلسيين كانوا على العموم هم البادئين بالتجني على أهل العدوة، الذين كان لهم الحظ الأوفر في فتح الأندلس و الإسهام في بناء حضارتها أولا ، ثم الذود عن حماها على بقاء الإسلام فيها ثانيا "
و لعل هذه المنافرات أو المفاخرات بين الأندلسيين و المغاربة إنما بدأت في عصر الموحدين، و كانت تلك التي جرت بين أبي الوليد الشقندي و بين أبي يحيى بن المعلم الطنجي أولها فيما وصل الينا من المفاضلات المدونة.
و الملاحظ أن هذه المفاخرة كانت بانتداب من أحد أمراء الموحدين أبي يحيى ابن أبي زكريا صاحب سبتة صهر ناصر بني عبد المومن .... و أن الطرف المفاخر بالأندلس فيها كان قاضيا في خدمة الموحدين ... هذا القاضي الأندلسي الذي كان ذكيا في استغلال المس بيوسف بن تاشفين انتصارا لبلده من جهة، وتزلفا للموحدين الذين كان يرضيهم ذلك من جهة ثانية ... أما الطرف المفاخر بالمغرب أو المدافع عنه على الأصح فأديب مغربي اسمه أبو يحيى ابن المعلم الطنجي و هو شخص في حكم المجهول حتى يظهر ما يرفع عنه الجهالة ، كما أن رسالته في حكم الضائع و قد تساءل الدكتور ابن شريفة متعجبا :" لسنا ندري لماذا حفظت رسالة الشقندي و ضاعت رسالة الطنجي ؟ " ثم ذهب الى احتمال ان تكون مما استمد منه صاحب مفاخر البربر ... على ما يبدو في هذه الرسالة يفتخر ... بطائفة من أعلام الأندلس ذوي الأصول المغربية ..."
و كان المرحوم الأستاذ امحمد عزيمان { 1912 - 2001م} قد كتب في الأربعينيات من القرن الماضي مقالة بعنوان :" مصدران كان لهما أثر بعيد في تشويه التاريخ المغربي : رسالة الشقندي وكتابات دوزي " و ذكر أنه في سنة 1935م كان طالبا بدار العلوم العليا بمصر يتلقى دروس الأدب المغربي و الأندلسي على الشيخ علام سلامة الذي كانت مذكراته التي بأيدي الطلبة حافلة بعبارات التنقيص و النيل من الفكر المغربي و الأدب المغربي ومن دولتي المرابطين و الموحدين وظل عزيمان بعد ذلك زمنا يستغرب هذه الحملة الموجهة ضد الأدب و التاريخ المغربيين و يجهل أصلها إلى أن ساقته الأقدار الى رسالة الشقندي في نفح الطيب فاكتشف أن تلك المطاعن التي عهدها في مذكرات أستاذه المذكور آنفا هي هذه بنصها و فصها دون نسبتها الى أصلها ...
-وبعد فها هو القسم الذي يعنينا من رسالة الشقندي :
قال : " ... وَبِاللَّهِ إِلَّا سميت لي بِمن تفخرون قبل هَذِه الدعْوَة المهدية، ابسقوت الْحَاجِب؟ ام بِصَالح البرغواطي؟ ام بِيُوسُف بن تاشفين؟ الَّذِي لَوْلَا توَسط ابْن عباد لشعراء الأندلس فِي مدحه، مَا أجروا لَهُ ذكرا، وَلَا رفعوا لملكه قدرا، و بعدما ذكروه بوساطة المعتمد بن عباد، فإن المعتمد قال له و قد أنشدوه: أيعلم أَمِير الْمُسلمين مَا قَالُوهُ؟ قَالَ لَا اعْلَم، وَلَكنهُمْ يطْلبُونَ الْخبز، وَلما انْصَرف عَنالْمُعْتَمد إِلَى حَضْرَة ملكه كتب لَهُ الْمُعْتَمد رِسَالَة فِيهَا
(بنتم وبنا فَمَا ابتلت جوانحنا ... شوقا اليكم وَلَا جَفتْ مآقينا)
(حَالَتْ لفقدكم أيامنا فغدت ... سُودًا وَكَانَت بكم بيضًا ليالينا) البيتان لابن زيدون
فَلَمَّا قرىء عَلَيْهِ هَذَانِ البيتان، قَالَ للقارىء: يطْلب منا جواري سُودًا وبيضا قَالَ لَا يَا مولانا مَا اراد إلا ان ليله كَانَ بِقرب أَمِير الْمُسلمين نَهَارا، لِأَن ليَالِي السرور بيض فَعَاد نَهَاره ببعده لَيْلًا، لِأَن ليَالِي الْحزن لَيَال سود، فَقَالَ: وَالله جيد، اكْتُبْ لَهُ فِي جَوَابه ان دموعنا تجْرِي عَلَيْهِ، ورؤوسنا توجعنا من بعده فليت الْعَبَّاس بن الْأَحْنَف قد عَاشَ حَتَّى يتَعَلَّم من هَذَا الْفَاضِل رقة الشوق
(وَلَا تنكرن مهما رَأَيْت مقدما ... على حمر بغلا فثم تناسب)
فاسكتوا فلولا هَذِه الدولة لما كَانَ لكم على النَّاس صولة
(وان الْورْد يقطف من قتاد ... وان النَّار تقبس من رماد)
إنه كلام متكلف ساقط لا يتصور عاقل صدوره عن أمير المسلمين يوسف بن تاشفين وهو من هو دينا و خلقا و ذكاء و فطنة ،وفهما للمقاصد ...