بين قبر الغريب ( المعتمد بن عباد) و قبر القريب ( يوسف بن تاشفين ) ( 1)
لعل من أعظم النتائج و أصدقها ، لما أحاط بقصة يوسف بن تاشفين والمعتمد بن عباد ما خلفته من آثار أدبية وعلمية، ذات قيمة عالية، تضاف إلى سجل مدينة مراكش العالمة الحافل ...
وتجنبا للإطالة في موضوع ، تبارت الأقلام في الكتابة عنه ، بما هو مبثوث في مختلف المصادر و المراجع، من كتب و صحف و مجلات تفوق الحصر، آثرت أن أجعل الفصل الأخير من فصولها ، المآل الذي انتهت إليه ، و الذي يكاد ينطق بالحكم على الرجلين رحمهما الله ، و ذلك ما سيأتي في ثلاث حلقات : هذه أولاها، معززا ببعض ما أثاره موضوع قبريهما من شعر ونثر ...
اولا - قبر المعتمد بن عباد {ت 488 هـ}
توفي المعتمد بن عباد رحمه الله في أسره بأغمات ونودي على جنازته كما ذكر المقري بـ"الصلاة على الغريب" و لا عجب فقد أوصى - رحمه الله - أن يكتب على قبره :
قبر الغريب سقاك الرائح الغادي . . . حقا ظفرت بأشلاء ابن عباد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و لا تزال صلاة الله دائمــــــــــة . . . على دفينك لا تحصى بتعداد
وألقيت على قبره قصائد من شعراء زاروه عبر قرون، كان أبو بحر يوسف ابن عبد الصمد أولهم ، فقد زاره بعد أيام من وفاته في يوم عيد و أنشد :
ملك الملـــــوك أسامع فأنادي . . . أم قد عدتك عن السماع عوادي
لما خلت منك القصور و لم تكن . . . فيها كمــــــا قد كنت في الأعياد
أقبلت في هذا الثرى لك خاضعا . . . و جعلت قبرك موضع الإنشاد
وزار قبر المعتمد بعد نحو ثلاثة قرون عن وفاته لسان الدين ابن الخطيب {ت 776هـ } عند مروره بأغمات ، فقال كما ذكر المقري في النفح : " وقفت على قبر المعتمد بن عباد بمدينة أغمات في حركة راحة أعملتها الى الجهات المراكشية باعثها لقاء الصالحين ومشاهدة الآثار سنة 761، و هو بمقبرة أغمات في نشز من الأرض ، و قد حفت به سدرة، و إلى جانبه قبر اعتماد حظيته مولاة رميك، و عليها هيئة التغرب ومعاناة الخمول من بعد الملك، فلا تملك العين دمعها عند رؤيتهما "و في نفاضة الجراب :" ... و زرت بخارجها - أغمات - قبر المعتمد " ... " و هو بالمقبرة القبلية عن يسار الخارج من البلد قد توقل نشزا غير سام ، و إلى جانبه قبر الحرة حظيته و سكن نفسه اعتماد إشراكا لاسمها في حروف لقبه، المنسوبة إلى رميك مولاها، فترحمنا عليه و أنشدته:
قد زرت قبرك عن طوع بأغمات . . . رأيت ذلك من أولى المهمات
لم لا أزورك يا أندى الملوك يدا . . . و يا سراج الليالي المدلهمات
وزاره أبو العباس المقري {ت1041هـ} بعد أكثر من خمسة قرون .قال :" و قد زرت أنا قبر المعتمد و الرميكية أم أولاده حين كنت بمراكش المحروسة عام1010 ه... "
قال عبد الوهاب عزام معقبا على ذلك :" و أحسب أن زيارة قبر المعتمد سارت سنة الأدباء و العلماء منذ مات في القرن الخامس الهجري إلى عصر المقري القرن الحادي عشر و لعلها استمرت من بعد عصورا أخرى "
ثانيا - قبر يوسف بن تاشفين
كما نصر الله يوسف بن تاشفين في حياته، فلم ينكسرله جيش، و لم يتغلب عليه متغلب، نصره بعد مماته، فلم يصل إلى قبره عدو مترصد و لا حاقد متربص ...
ذكر صاحب المعجب و هو المعروف بتحيزه للموحدين أن أول ما طلبه عبد المومن بعد دخوله مراكش، هو قبر أمير المسلمين لكنه : " بحث عنه ... أشد البحث، فأخفاه الله وستره بعد وفاته، كما ستره في أيام حياته، وتلك عادة الله الحسنى مع الصالحين المصلحين، و انقطعت الدعوة بالمغرب لبني العباس بموت أمير المسلمين و ابنه " وفي هذا ما يفوق كل قول { إن الله يدافع عن الذين آمنوا} ، { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون }
وكان قد دفن بقصره بحاضرة مراكش على غرار فعل بني أمية بالأندلس
و أشار دوفيردان(ت1979م) إلى أنه تبين من تنقيبات مونيي التي كشفت عن " قصر الحجر" - أن القبة و- المقبرة التي كانت تشرف عليها - كانتا داخل الحصن: فقبر مؤسس المدينة إذن في هذا المكان، لا ندري أين بالضبط" و تأول عدم إدخال السلطان سيدي محمد بن عبد الله قبر يوسف بن تاشفين ضمن إصلاحه لكثير من مآثر مراكش الدينية إلى أنه كان قصدا منه و إرادة، لأن يوسف قد كان أوصى قبل وفاته أن يدفن كما دفن المسلمون والمعروف أن الذي أوصى بذلك هو ابنه علي كما ذكر القاضي العباس المراكشي في الإعلام
و الظاهر أن مكان القبر بقي غير معلوم، و أن الذي أصبح الناس يزورنه في القرون الأخيرة، هو قبر اعتقدت العامة أنه ليوسف بن تاشفين فأقبلوا على زيارته ... وقد يكون قبر ابنه علي ...
وعن مكان دفن يوسف بن تاشفين هذا قال دوفيردان في تاريخ مراكش :" له باب صغير متآكل لا يلتفت إليه الرائح و الغادي ، يدخل منه إلى حوش صغير ..." علق محققا الكتاب في الهامش على كلامه بأن : " في الحوش قبر إلى يومنا هذا ، ولا يوجد نص و لا كتابة تنسبه إلى زينب المتوفاة سنة 464هـ"
و في كلام ابن الموقت شيء من الاضطراب : قال مرة إنه :"تمالأ الناس خلفا عن سلف أنه توفي بمحل سكناه من هذه الحضرة المراكشية ودفن بقبره المتعارف إلى الآن قرب جامع الكتبيين، و يعرف بالسجينة و نص على هذا أيضا بعض المؤرخين في تقييد له"
و قال أخرى :" و بني عليه بيت بلصق عرصة هناك أمام الساقية الجارية، و قبره مستطيل جدا، و بإزائه كرمة شامخة رحمه الله ورضي عنه "
قال شاعر الحمراء :
لله في مراكش قبر بـــــــــــــــه . . . قد كورت شمس العلا و السؤدد
يا دوحة أرخت عليه ظلالهــــــا . . . وحنَت عليه بكل فرع أميَد
أهَوِيتِهِ أم قـــــــد رتَيْتِ لحالــــــه . . . أم أنت بنت من أخيه الأبعد
لمَسَتْ جذورك كنز مجد في الثرى . . . أم أنت ناظرة بعيني هدهد
لما قســـــــــا الإنسان من قربـــائه . . . كان النبات لضمه بالمرصد
إني رأيت البؤس يجذب بعضــــه . . . و رأيت من متوسِّدِ مُتَوَسَّدِ
وقال في بناء ضريح يوسف بن تاشفين:
أصبحتْ ليوسف في الحمراء مملكة . . . تهابها الثقلان الإنس و الجن
و اليوم أصبح قبرا في الثرى لا تحـــــــميه قباب ولا تحويه جدران
ولأستاذنا إبراهيم الهلالي رحمه الله مسرحية شعرية بعنوان : يوسف بن تاشفين و تأسيس جامعة ابن يوسف بمراكش مما قال فيها في المشهد الثالث من الفصل الثامن ( نهاية يوسف بن تاشفين )
نجم من المجد و العلياء قد أفلا . . . قد غاب لكنه أحيا بنا الأملا
ـــــــــــــــــــ
في جنة الخلد عند الله منزله . . . أكرم بها جنة ، فلا نبغي به بدلا
بين قبر الغريب و قبر أمير المسلمين (3)
كثير هم الشعراء الذين رثوا يوسف بن تاشفين أو المعتمد بن عباد بصفة عامة والذين أنشدوا قصائدهم على قبر أحدهما بصفة خاصة، و في مقابل ما هو موجود من شعر بنفس الكثرة ، في الدفاع عن هذا الطرف أو ذاك أو مهاجمته، مع الإشارة إلى أنه لم يكن أغلب الشعراء في صف المعتمد بن عباد - كما يظن - في ما ناله من نفي وأسر ، بل وقف و يقف في صف يوسف بن تاشفين ، عدد مماثل من الشعراء وربما أكثر
أما شعر المعتمد الذي وظف في القضية،منذ اعتقل خارج قصره بإشبيلية وخلال رحلته من بلده إلى أن وصل أغمات و ما بعد ذلك إلى أن مات، فما كان ليبقى منه شيء لو كان تحت وطأة حكم مستبد أو حتى حكم عادل في بعض الأحيان ، و ما أكثر الشعر المخالف لسياسة الحكام - عبر التاريخ - الذي أعدم و لم يبق له أثر ، و مثل ذلك بالنسبة لشعر الشعراء الذين سمح لهم بالاتصال بالمعتمد وزيارته حيا في أغمات، وبالإنشاد عند قبره بعد وفاته ...
و علاقة بما تقدم في الحلقتين الأخيرة من أشعار، نختم هذا الموضوع بنماذج أخرى مكملة لما سبق :
أولها من الشعر القديم الذي أنشد على قبر يوسف بن تاشفين بعد وفاته مباشرة، قصيدة للشاعر الأندلسي أبي بكر محمد بن سوار الأشبوني {ق 6 هـ} منها:
ملك الملوك و ما تركت لعامل . . . عملا منة التقوى يشارك فيه
يا يوسف ما أنت إلا يوسف . . . و الكل يعقوب بما نـــــــطويه
اسمع أمير المسلمين وناصر ال . . . دّين الذى بنفوسنا نفديه
جوزيت خيرا عن رعيّتك التى ... لم ترض فيها غير ما يرضيه
ـــــــــــــــــــــــ
فى كلّ عام غزوة مبرورة . . . تردى عديد الرّوم أو تفنيه
تصل الجهاد إلى الجهاد موفّقا . . . حكم القضاء بكل ما تقضيه
متواضعا لله مظهر دينه . . . فى كل ما تخفيه أو تبديه
و لقد ملكتَ بحقك الدنيا و كم . . . ملك الملوكُ الأمر بالتمويه
الأبيات
هذا من الشعر القديم أما من الشعر الحديث الذي ألقي عند قبر أحد الرجلين أو قيل في رثائهما فقد جمعت منه الشيء الكثير هذه بعض المختارات منه :
1 - من قصيدة بعنوان " وقفة على ضريح المعتمد بن عباد " للشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر حسن العاصمي رحمه الله { ت 1417 هـ = 1996 م } في ديوانه" أحلام الفجر":
كانت ليوسف في الحمراء مملكة . . . و اليوم أصبح لا تأويه جدران
في روضة تركت أوصاله هملا . . . و المزن فوق تراب القبر هتان
2- من قصيدة للشاعر الكبير أستاذنا مولاي الطيب المريني دنيا - رحمه الله - {ت1414 هـ = 1994 م } بعنوان " في ذكرى الملك الشاعر المعتمد بن عباد" مطلعها :
رغم آهاته و عنف شقائه . . . ليس صبا من تعطفون لدائه
و منها :
أي ذكرى و أي سر مخلد . . . أثمر الحب في فؤادي فعربد
بالسنا يذهل الحليم بلطف . . . أسكر الطائر السجين فغرد
في صبايا الأنوار في عتمة . . . الليل مصيخا لأنة تتردد
3 - - من قصيدة في اثنين وثمانين بيتا على لسان يوسف بن تاشفين- للشاعر المبدع الأستاذ أحمد الدباغ {ت 1426 هـ = 2005} رحمه الله ، بعنوان :" أمير المسلمين يميط الغطاء و يبدي ما توارى في الخفاء" :
يقولـــــــــــــــون عني إنني متسلط . . . أدين بطغيان و أهفو إلى القهـــــــــــر
و جُرْتُ على من جاء يطلب نجدة ... و من سامه خسفا ذوو الشرك و الكفر
يقولـــــــــــــون إنني أنتشي بتوسع . . . و أزهو بإرهاب و أذكي لظى الذعــــر
و ذاك ابن عبـــــــــاد أتيت به الى . . . مهــــــــــــامه أغمات ليرسف في الأسر
فأنت إلهــــــــــــــــي عــالم بطويتي . . . و تعلم ما أبدي و ما غاب في الســــر
و تعـــــــــــــــلم أني ما كنت لسطوة . . . و هيمنة تدعو إلى الحيف و الجـــــــــــــور
الأبيات
وقال في قصيدة أخرى بعنوان : " الى ابن عباد" كتبها بالدفتر الذهبي الموضوع بجانب قبر المعتمد بن عباد يوم 28/ 4/1970 مطلعها:
يا مالكا مَلك القلوبَ بشعره . . . و بشعره يزهو صدى الإنشاد
لم يبق ملكك بل تبدد و انتهى . . . لا، لم تصنه جحافل الأجناد
لكن شعرك قد ملكت به الورى . . . يُتلى مدى الأزمان و الآباد
فبه تغنى السالفون جــــــدودنا . . . و به سيشدو موكب الأحفاد
4 - من قصيدة بعنوان : "وردة وجد على ضريح يوسف" من قصيدة في اثنين وثمانين بيتا كذلك للشاعر المتألق الأستاذ أحمد بلحاج آية وارهام أطال الله عمره :
لم تغتمض جفن إشبيلية فرقا . . . و جفن معتمد يلهو بما سلبا
ألقى على كاهل الأحلام بردته. . . واختال بين ظباء ترشف الضربا
كانت أمانيه للأكواب راقصة . . . كما الغواني، إن انتشى و إن طربا
لم يحفظ الدهر من أفياء نزوته . . . حرفا ، ولم يبتدح في المسك منجذبا
مثل اعتماد و قد أذكى مفاتنها . . . ليل المعازف لما طوق الأربا
انشر إباءك يا ابن تاشفين و خذ . . . سفائن النبض إن النبض قد غضبا
ـــــــــــــــــــــ
لولاك ما بسقت للدين دوحته ... فوق الجزيرة أو لبت له طلبا
مبادرتان كريمتان من عاهلين كريمين
ظل قبر المعتمد بن عباد لقرون مهملا ، تحت سدرة في منحدر بأغمات ، وظل قبر يوسف بن تاشفين هو الآخر مهملا لقرون ، تحت كرمة قرب ساقية بمراكش، كانت على جانبيها إلى بداية الاستقلال، مقهى شعبية شهيرة، عرفت بمقهى المصرف فراشها حصائر و سقفها من قصب تغطيه دوال و كروم، كانت من مقاهي مراكش الأثيرة لدى شاعر الحمراء. و تشوف الدكتور طه حسين الى زيارتها عندما زار المغرب ما منعه من ذلك إلا الحر الشديد الذي عرفته مدينة مراكش في شهر يونيه من سنة 1958 م تاريخ زيارة عميد الأدب العربي للمغرب، بالإضافة الى عدم توفر السيارات آنذاك على المكيفات
و بقي القبر لعقود يتبرك بزيارته من أكثر زائريه، لما اشتهر من أن المصدور إذا حج إليه شفي، تأتيه عينة من النساء يوم الخميس بأولادهن ، يطلبن إلى صاحب هذا القبر وهو بزعمهن حاضر أبدا - أن يشفيهن من شر ما بهن ...
و لعل ما بين كلمة الشفاء و اسم تاشفين من اشتراك في حرفي الشين و الفاء ما ساهم في نسج مثل تلك الاعتقادات ...
وذكر ابن الموقت أن من كرامات يوسف بن تاشفين - رضي الله عنه - الشهيرة أن من قصده في تيسير دار له بهذه الحضرة، فإن الله سبحانه بمحض فضله ييسر عليه ذلك، وجرب مرارا فصح ... وقصد الناس تنميق قبره مرارا، فلم يساعدهم الوقت على ذلك"
على أن من قاصدي القبر من كان يعرف قدر صاحبه، بعيدا عن كل المظاهر المحيطة بالمرقد، ومن هؤلاء المؤرخ اللبناني عمر فروخ {ت 1987م } الذي زار مدينة مراكش في الخامس من سبتمبر سنة 1957، و صادف ذلك يوم الخميس، فتخلى عن زيارة بعض معالم المدينة و آثارها لعدم اتساع وقته لذلك، وحتى لا تفوته فرصة الوقوف على قبر يوسف بن تاشفين ، لأنه - كما قال - "إذا كان قد ضاع عليه شيء من زيارة عدد من المشاهد الجليلة في مدينة مراكش، فلا يجوز أن تضيع عليه زيارة قبر يوسف بن تاشفين بحال: قبر ذلك الرجل الذي بنى مدينة مراكش وأقام الأسس الأولى لعظمة المغرب، إن الوقوف على الخطوط المتناسقة والنقوش المفوقة يأخذ بالبصر ويملأ النفس روعة وجمالا، ولكنه كثيرا ما يوحي بإجلال أكبر من ذلك الذي يستحقه أولئك الذين خلفوا لنا هذه الخطوط والنقوش"
و بعد عامين من هذا التاريخ، أمر جلالة المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه كما هو مكتوب في الرخامة التي على قبر يوسف بن تاشفين بتشييد هذا الضريح تقديرا لما أسداه من خير للإسلام و المسلمين، و ذلك بتاريخ سابع و عشرين ربيع النبوي عام 1379 الموافق لثالث أكتوبر 1959 ... "
و كتب بالإضافة إلى ما ذكر في الرخامة الأولى عن يوسف بن تاشفين، على رخامة ثانية داخل الضريح موجز لترجمة يوسف بن تاشفين من ذلك :
" . امتدت دولته على مجموع المغرب الأقصى من حدود غانا ( نهر السنغال ) جنوبا، الى البحر المتوسط شمالا ، و من المحيط الأطلسي غربا الى نصف المغرب الأوسط ( الجزائر ) شرقا ، كما امتدت في الأندلس الى طليطلة شمالا، و ضمت عددا من الجزر الكبرى في غربي البحر المتوسطوصل بالدولة المركزية الى مدى لم تبلغه من قبل.
أدى تدخله في الأندلس، الى تمديد عمر حضارة كانت لها آثار باقية في التساكن السلمي بين الأجناس و الأديان، و في الرقي العلمي و الفني ، فكانت من أزهر الحضارات الإنسانية، لا سيما في عهد الدول الموالية
كان يستشير العلماء، في كل المبادرات الكبرى في سياسته ، كان مثال الملك الذي يتصوره المسلمون في العدل و الزهد والصولة
تزوج بزينب بنت شيخ قبيلة وريكة المجاورة لمراكش من جهة الشرق ، و كان يستشيرها في أمور الدولة و لها بنيت مدينة مراكش عام 454/1062 واتخذها عاصمة لدولته
كان عهده حاسما في بناء الدولة المغربية المستمرة، و كان مرحلة مهمة في اندماج عناصر المجتمع ، و في قيام الأمة على مباديء مشتركة "
هذا بالنسبة ليوسف بن تاشفين أما بالنسبة للمعتمد بن عباد، فقد أمر جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه بتشييد ضريحه بأغمات سنة 1970م تخليدا لذكراه
و هي التفاتة كريمة من جلالته كسابقتها من والده العظيم ،ولا غرابة في صنيع العاهلين الكريمين، فلا يعرف الفضل إلا ذووه
يضم الضريح:
- قبر المعتمد بن عباد، وعند رأسه شاهد كتبت عليه القصيدة التي أوصى بكتابتها على قبره و التي مطلعها:
قبر الغريب سقاك الرائح الغادي . . . حقا ظفرت بأشلاء ابن عباد
- قبر اعتماد و كتب على شاهد قبرها :" هذا قبر اعتماد الرميكية، زوج المعتمد التي شاركته في نعيمه و بؤسه"
- قبر ابنهما أبي سليمان الربيع بين قبريهما .
ولأستاذنا مولاي الطيب المريني دنيا رحمه الله، هذه الأبيات على لسان المعتمد بن عباد يشكر جلالة المغفور له الحسن الثاني على بنائه لضريحه بأغمات" :
يـــــا مليكي أعدت لي صرح مجدي . . . مثل ما يفعل الملوك العظام
لك مني تحيــــــة عن جميــــــــــل . . . أنا أرعاه و هو شيء لـــــــــزام
ليس بدعا أن تحتفي بأخ سيـــق . . . إلى أرضه فطاب المقــــــــــــام
فوفائي و عزمتي ، و بيــــــــاني . . . لك شكر و الشكر مني سلام