بطاقة تعريفية

فضيلة الدكتور محمد عز الدين المعيار الإدريسي

مواقع التواصل

مراكش العالمة - الحلقة 13 - بين قبر الغريب و قبر أمير المسلمين ( 1)

تاريخ نشر المقال 10-12-24 09:56:06

    بين قبر " الغريب " و قبر "أمير المسلمين" ( 1)
لعل من أعظم النتائج و أصدقها ، لما أحاط بقصة يوسف بن تاشفين والمعتمد بن عباد ما خلفته من آثار أدبية وعلمية، ذات قيمة عالية، تضاف إلى سجل مدينة مراكش العالمة الحافل ...
وتجنبا للإطالة في موضوع ، تبارت الأقلام في الكتابة عنه ، بما هو مبثوث في مختلف المصادر و المراجع، من كتب و صحف و مجلات تفوق الحصر، آثرت أن أجعل الفصل الأخير من فصولها ، المآل الذي انتهت إليه ، و الذي يكاد ينطق بالحكم على الرجلين رحمهما الله ، و ذلك ما سيأتي في ثلاث حلقات : هذه أولاها، معززا ببعض ما أثاره موضوع قبريهما من شعر ونثر ...
اولا - قبر المعتمد بن عباد {ت 488 هـ}
توفي المعتمد بن عباد رحمه الله في أسره بأغمات ونودي على جنازته كما ذكر المقري بـ"الصلاة على الغريب" و لا عجب فقد أوصى - رحمه الله - أن يكتب على قبره :
قبر الغريب سقاك الرائح الغادي . . . حقا ظفرت بأشلاء ابن عباد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و لا تزال صلاة الله دائمــــــــــة . . . على دفينك لا تحصى بتعداد
وألقيت على قبره قصائد من شعراء زاروه عبر قرون، كان أبو بحر يوسف ابن عبد الصمد أولهم ، فقد زاره بعد أيام من وفاته في يوم عيد و أنشد :
ملك الملـــــوك أسامع فأنادي . . . أم قد عدتك عن السماع عوادي
لما خلت منك القصور و لم تكن . . . فيها كمــــــا قد كنت في الأعياد
أقبلت في هذا الثرى لك خاضعا . . . و جعلت قبرك موضع الإنشاد
وزار قبر المعتمد بعد نحو ثلاثة قرون عن وفاته لسان الدين ابن الخطيب {ت 776هـ } عند مروره بأغمات ، فقال كما ذكر المقري في النفح : " وقفت على قبر المعتمد بن عباد بمدينة أغمات في حركة راحة أعملتها الى الجهات المراكشية باعثها لقاء الصالحين ومشاهدة الآثار سنة 761، و هو بمقبرة أغمات في نشز من الأرض ، و قد حفت به سدرة، و إلى جانبه قبر اعتماد حظيته مولاة رميك، و عليها هيئة التغرب ومعاناة الخمول من بعد الملك، فلا تملك العين دمعها عند رؤيتهما "و في نفاضة الجراب :" ... و زرت بخارجها - أغمات - قبر المعتمد " ... " و هو بالمقبرة القبلية عن يسار الخارج من البلد قد توقل نشزا غير سام ، و إلى جانبه قبر الحرة حظيته و سكن نفسه اعتماد إشراكا لاسمها في حروف لقبه، المنسوبة إلى رميك مولاها، فترحمنا عليه و أنشدته:
قد زرت قبرك عن طوع بأغمات . . . رأيت ذلك من أولى المهمات
لم لا أزورك يا أندى الملوك يدا . . . و يا سراج الليالي المدلهمات
وزاره أبو العباس المقري {ت1041هـ} بعد أكثر من خمسة قرون .قال :" و قد زرت أنا قبر المعتمد و الرميكية أم أولاده حين كنت بمراكش المحروسة عام1010 ه... "
قال عبد الوهاب عزام معقبا على ذلك :" و أحسب أن زيارة قبر المعتمد سارت سنة الأدباء و العلماء منذ مات في القرن الخامس الهجري إلى عصر المقري القرن الحادي عشر و لعلها استمرت من بعد عصورا أخرى "