بين قبر " الغريب و قبر "أمير المسلمين ( 2 )
ثانيا - قبر يوسف بن تاشفين
كما نصر الله يوسف بن تاشفين في حياته، فلم ينكسرله جيش، و لم يتغلب عليه متغلب، نصره بعد مماته، فلم يصل إلى قبره عدو مترصد و لا حاقد متربص ...
ذكر صاحب المعجب و هو المعروف بتحيزه للموحدين أن أول ما طلبه عبد المومن بعد دخوله مراكش، هو قبر أمير المسلمين لكنه : " بحث عنه ... أشد البحث، فأخفاه الله وستره بعد وفاته، كما ستره في أيام حياته، وتلك عادة الله الحسنى مع الصالحين المصلحين، و انقطعت الدعوة بالمغرب لبني العباس بموت أمير المسلمين و ابنه " وفي هذا ما يفوق كل قول { إن الله يدافع عن الذين آمنوا} ، { إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون }
وكان قد دفن بقصره بحاضرة مراكش على غرار فعل بني أمية بالأندلس
و أشار دوفيردان(ت1979م) إلى أنه تبين من تنقيبات مونيي التي كشفت عن " قصر الحجر" - أن القبة و- المقبرة التي كانت تشرف عليها - كانتا داخل الحصن: فقبر مؤسس المدينة إذن في هذا المكان، لا ندري أين بالضبط" و تأول عدم إدخال السلطان سيدي محمد بن عبد الله قبر يوسف بن تاشفين ضمن إصلاحه لكثير من مآثر مراكش الدينية إلى أنه كان قصدا منه و إرادة، لأن يوسف قد كان أوصى قبل وفاته أن يدفن كما دفن المسلمون والمعروف أن الذي أوصى بذلك هو ابنه علي كما ذكر القاضي العباس المراكشي في الإعلام
و الظاهر أن مكان القبر بقي غير معلوم، و أن الذي أصبح الناس يزورنه في القرون الأخيرة، هو قبر اعتقدت العامة أنه ليوسف بن تاشفين فأقبلوا على زيارته ... وقد يكون قبر ابنه علي ...
وعن مكان دفن يوسف بن تاشفين هذا قال دوفيردان في تاريخ مراكش :" له باب صغير متآكل لا يلتفت إليه الرائح و الغادي ، يدخل منه إلى حوش صغير ..." علق محققا الكتاب في الهامش على كلامه بأن : " في الحوش قبر إلى يومنا هذا ، ولا يوجد نص و لا كتابة تنسبه إلى زينب المتوفاة سنة 464هـ"
و في كلام ابن الموقت شيء من الاضطراب : قال مرة إنه :"تمالأ الناس خلفا عن سلف أنه توفي بمحل سكناه من هذه الحضرة المراكشية ودفن بقبره المتعارف إلى الآن قرب جامع الكتبيين، و يعرف بالسجينة و نص على هذا أيضا بعض المؤرخين في تقييد له"
و قال أخرى :" و بني عليه بيت بلصق عرصة هناك أمام الساقية الجارية، و قبره مستطيل جدا، و بإزائه كرمة شامخة رحمه الله ورضي عنه "
قال شاعر الحمراء :
لله في مراكش قبر بـــــــــــــــه . . . قد كورت شمس العلا و السؤدد
يا دوحة أرخت عليه ظلالهــــــا . . . وحنَت عليه بكل فرع أميَد
أهَوِيتِهِ أم قـــــــد رتَيْتِ لحالــــــه . . . أم أنت بنت من أخيه الأبعد
لمَسَتْ جذورك كنز مجد في الثرى . . . أم أنت ناظرة بعيني هدهد
لما قســـــــــا الإنسان من قربـــائه . . . كان النبات لضمه بالمرصد
إني رأيت البؤس يجذب بعضــــه . . . و رأيت من متوسِّدِ مُتَوَسَّدِ
وقال في بناء ضريح يوسف بن تاشفين:
أصبحتْ ليوسف في الحمراء مملكة . . . تهابها الثقلان الإنس و الجن
و اليوم أصبح قبرا في الثرى لا تحـــــــميه قباب ولا تحويه جدران
ولأستاذنا إبراهيم الهلالي رحمه الله مسرحية شعرية بعنوان : يوسف بن تاشفين و تأسيس جامعة ابن يوسف بمراكش مما قال فيها في المشهد الثالث من الفصل الثامن ( نهاية يوسف بن تاشفين )
نجم من المجد و العلياء قد أفلا . . . قد غاب لكنه أحيا بنا الأملا
ـــــــــــــــــــ
في جنة الخلد عند الله منزله . . . أكرم بها جنة ، فلا نبغي به بدلا