بطاقة تعريفية

فضيلة الدكتور محمد عز الدين المعيار الإدريسي

مواقع التواصل

نظرات في تفسير ابن البناء المراكشي للقرآن الكريم ومذهبه في تعليل رسم المصحف

تاريخ نشر المقال 27-09-18 02:01:45

    يزخر الثرات المغربي، بأعمال علمية خالدة،و جهود مباركة رائدة، من ذلك تصانيف أبي العباس أحمد بن البناء المراكشي (ت:721ه) التي تحمل كثيرا من الدرر الفرائد، و العقود القلائد، مما لم يسبقه إليه سابق، و لا تجاوزه فيه لاحق.
يصفه أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الربيع سليمان اللجائي فيقول:
"كان شيخا أبو العباس ابن البناء- رحمه الله- شيخا و قورا حسن السير قوي العقل(...) ماهرا في جميع العلوم(...) و كان قليل الكلام جدا (...) و كان إذا حضر في مجلس، فتكلم فيه، يسكت لكلامه جميع من حضر (...) حتى قيل فيه:إن عنده كلام السكوت يسكت به الناس إذا تكلم (...) و إنما كان شيخا أبو العباس محققا في كلامه قليل الخطأ فيه و لأجل ذلك حسد"(1).
وقد انعكست هذه الثقافة الواسعة،و الذكاء الحار مع الألمعية على أثر ابن البناء فكان يوظف معارفه المتنوعة، في كل مجال بحث فيه، الشيء الذي يجعل التعامل مع أكثر مصنفاته ورسائله صعبا لما تتسم به في معظمها من دقة و إيجاز كما قال هو نفسه:
قصدت إلى الوجازة في كلامي
لعلمي بالصواب في الاختصار
ولم أحذر فهو ما دون علمي
و لكن خفت إزراء الكبار
فشأن فحولة العلماء شأني
و شأن البسط تعليم الصغار(2)
و من ثم فلا عجب أن يصبح ابن البناء المراكشي قمة عصره في صناعة التأليف، على مستوى المغرب و المشرق جميعا كما نقل ذلك المقري في " رياض الأزهار" عن بعض المتأخرين:
" و انتهت صناعة التأليف في علماء المغرب، على صناعة المشرق لشيخ شيوخ العلماء في وقته.
ابن البناء الأزدي المراكشي في جميع تصانيفه" (3).
وبع فإذا كانت عناية الباحثين قد توجهت إلى الآثار ابن البناء في الرياضيات بالدرجة الأولى، ثم إلى أعماله الأدبية بدرجة أقل، فإن هذا العمل المتواضع قد اختار إلقاء الأضواء على بعض آثار الرجل في مجال الدراسات القرآنية و ذلك على النحو التالي:

أولا: التفسير عند ابن البناء المراكشي:
أ-آثاره في التفسير و علومه:
خلف ابن البناء المراكشي عددا مهما من المؤلفات ذات الصلة الوثيقة بعلوم القرانن هي – فيما أعلم- كالآتي:
1-تفسير الاسم من " بسم الله الرحمن الرحيم"(4).
2- تفسير الياء من " بسم الله الرحمن الرحيم"((5)).
3- تفسير سورة العصر(6)
4-تفسير سورة الكوثر(7)
5-" رسائل" في تفسير بعض الآي من القران (8)
6- كتاب "تسميات الحروف" و خاصية و جودها في أوائل السور.(9)
و هو في حكم الضائع و لست أدري لما وضعه العلامة الراحل الأستاذ عبد الله كنون ضمن مؤلفاته ابن البناء في العلوم الفلكية و التنجيمية (10).
7-" حاشية على الكشاف" للزمخشري
وصفه ابن هيدور بأنه سفر صغير غريب في معناه (11) و سماه بن قنفذ:" الطرر على الزمخرشي في بيان مواضيع الاعتزال" ليحذر من ذلك و بسط الشبهة و الجواب عنها.(12)
وذهب بعض الباحثين المعاصرين إلى أن الأمر يتعلق بكتابين هما:
-"اختصار الكشاف" للزمخرشي.
-" حاشية على الكشاف" للزمخرشي.(13)
8-" كتاب" نحافيه منحى " ملاك التأويل في المتشابه اللفظ من أي الكشاف" لابن الزبير (14)
قال عند ابن هيدور :"إنه موضوع عجيب أتى فيه ببدائع و عجائب" (15)
9-" رسالة في إحصاء عدد أسماء الله الحسنى من القران" و إخراجها مكنه على ما هي من غير تغير (16).
10-" رسالة في الفرق بين الخوارق الثلاث: المعجزة و الكرامة و السحر"(17)
ومن فصولها:أن المعجزة من باب الوجود الممتنع على البشر، و الكرامة من باب الوجود المفتوح للبشر و لهذا يمكن التحدي فيها، و السحر من باب الخواص الأرضية المرتبطة بالقوى، و صاحب السحر، لا بد له من آلة ظاهرة أو خفية و ليس لصاحب المعجزة و الكرامة آلة إلا الدعاء إلى الله تعالى.(18).
11-" عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل" .(19)
ب- رؤية ابن البناء إلى التفسير و نموذج من عطائه فيه:
على الرغم من أن معظم آثار ابن البناء في مجال علوم القران غير مطبوعة باستثناء كتاب " عنوان الدليل"فقد يسر الله الحصول على بعض أعماله المخطوط التي اعتمد هذا البحث بعضها:
1)رؤية البناء إلى التفسير:
يقول في مقدمة رسالته:" تفسير الاسم من بسم الله الرحمن الرحيم"(20) مبينا الفرق بين التفسير و التأويل اعلم أن النظر في القران من وجهين:
الأول: من حيث هو منقول و هي من جهة التفسير و طريقة الرواية و النقل.
و الثاني: من حيث هو معقول و هي جهة التأويل و طريقة الدراية و العقل.
قال الله تعلى: (إنا جعلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون).(21) و هذه النقطة التي انطلق منها ابن البناء المراكشي اختلف فيها و جهات نظر العلماء فمنهم من قال : إن التفسير و التأويل مترادفان و منه عداء النبي (ص) لابن العباس :" اللم فقهه في الدين و علمه التأويل".
و بهذا المعنى استعمل الطبري في " تفسيره" لفظة التأويل كقوله: تأويل قوله تعالى كذا / و اختلف أهل التأويل في هذه الآية و نحو ذلك.
وفرق كبير من العلماء بين التفسير و التأويل على غرار ما ذهب إليه ابن البناء و هو ما ارتضاه جل المتأخرين.
و أورد أبو البقاء في " الكليات" مثالا يجسد هذا الفرق فقال:
"و تفسير القران هو المنقول عن الصحابة و تأويله ما يستخرج بحسب القواعد العربية و لو قلنا في قوله تعالى:( يخرج الحي من الميت و يخرج الميت من الحي ) (22) أريد به إخراج الطير من البيضة كان تفسيرا أو إخراجا المؤمن من الكافر و العالم من الجاهل كان تأويلا".
ثم يقول: و تفسير القران بالرأي المستفاد من النظر و الاستذلال و الأصول جائز بالإجماع و المراد بالرأي في الحديث هو الرأي الذي لا برهان فيه.
و لا يصح تفسير القران باصطلاح المتكلمين و تفسير الحي بالباقي الذي لا سبيل للفناء فيه".(23)
و بين أبو العباس ابن البناء الأدوات التي تلزم المفسر و المؤول فقال:
فلا بد من معرفة اللسان العربي في فهم القران العربي فيعرف الطالب الكلمة، وشرح لغتها و إعرابها ثم ينتقل إلى معرفة المعاني ظاهرا و باطنا فيوفي لكل منهما حقه و لا يخل بشيء من ذلك و إلا كان مخطئا أو مقصرا".
و يقول بعد ذلك:
" وقد قصر للمقصرين في اللسان قوانين النحويين لما اعوجت الألسنة، و للناقصي التعقل علم المعقولات، و للناقصي الإبانة و البلاغة علم الأدب و للناقصي الفهم في أحكام الشرع، علم الأصول و الله سبحانه يفهم من عنده ما يشاء و يزيد في الخلق من يشاء".
و يتحدث في شرح "شرح مراسم الطريقة" عن خطورة التفسير وهيبته فيقول: القران فيه معاني كتاب الله تعالى، وهو بيانه يهدي الألباب إلى الحقائق كما قال تعالى:( لا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن تفسير(.(24)
و ليس يلزم من البيان التبيين فلذلك كان السلف رضي الله عنهم يهابون تفسيره لئلا يلزم فيه الفهم على تفسيره، ما لا يلزم من صريح ألفاظه المرشدة إلى الحق فيقع تحريف في المعنى لأجل ذلك.
و كانوا يطلبون فهمه على ما هو عليه، ليحصل لهم العقل الشرعي،يتلقونه بالعقل الروحي فيقيم له المعقولات في أكمل رتب البيان و التحقيق و ثلج اليقين و لا يتوقفون في التأويل لأنهم قد أمروا بالتدبر فيه.(25)
نموذج من تفسير ابن البناء القران الكريم .
هذا مثال من تفسير ابن البناء اخترته له من كتابه:"شرح مراسم الطريقة في فهم الحقيقة من حال الخليفة" وهو من أنفس مؤلفاته و أنفعها وقد نشر "مراسم الطريقة" بتحقيق الدكتور صلاح الدين الناهي، في مجلة "هدى الإسلام" المجلد 26/ العدد:14(1402ه-1987م)
أما الشرح و هو الأهم فتوجد منه عدة نسخ مخطوطة (26)
قال الله تعالى: لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير).(27)
قال ابن البناء:
" فيه معنى قول النبي عليه السلام:" فإنك إن لم تكن تراه فإنه يراك" ثم قال تعالى:( وهو اللطيف الخبير). فبلطفه صغر قدر الأبصار عن أن تدركه ورفق بها في أن يتجلى لها فيهلكها و لأنه خبير أدركها قبل كونها و بعده، فلم يستجد علمه بها ما لم يكن قبل كونها.
و الإدراك صفة عامة(...) فليس إدراك بصره كإدراك بصائرنا فإنه ليس ( كمثله شيء)(28) وهو لطيف صغر قدر بصرنا و لط بنا على أن يتجلى من صفته لها ما لا تقدر و لا تطيقه لنقصها.
فالرب يسمع الكون و يراه فلا حجاب وهو معنى الشهادة منا (...) و ليس الإبصار انفعالا إنما هو تمييز يذلك عليه قوله تعالى: ( و جعلنا آية النهار مبصرة )(29)و ( فلما جاءتهم آياتنا مبصرة)(30) فالمبصر هو المبين و المميز..."(31)
و مثل هذا التفسير-كما لا يخفى-إنما يصدر عن فهم يخص الله تعالى به من يشاء من عباده.

ثانيا:مذهب ابن البناء في تعليل رسم المصحف:
خص أبو العباس أحمد ابن البناء المراكشي، موضوع رسم المصحف بكتاب قيم سماه:" عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل" وهو عمل فريد بابه سلك فيه مؤلفه طريقة جديدة مخالفة لما اتبعه العلماء قبله في تعليل رسم المصحف و ساعده على ذلك ما كان يمتلكه من سعة العلم، و قوة الإدراك مما سبقت الإشارة إليه.
إن إبن البناء يقف موقف المدافع توقيفية رسم المصحف بصورة منطقية دقيقة دون أن تغيب عنه تلك الطرق التي اتبعت قبله في تعليل رسم المصحف على نحو ما يعثر عليه الباحث بين الفينة و الأخرى لدى أمثال المهدوي(32) أو الجهني (33) أو الداني (34) أو غيرهم.
يقول ابن البناء:
"لما كلن خط المصحف الذي هو الأمام الذي يعتمده القارئ في الوقف و التمام و لا يعدو رسومه و لا يتجاوز مرسومه، قد خالف خط الأنام في كثير من الحروف الأعلام ولم يكن ذلك منهم كيف اتفق بل على أمر عندهم قد تحقق، بحثت عن وجوه ذلك منهم بمقتضى الميزان أوفى الرجحان ووقفت منه على عجائب و رأيت منه غرائب جمعت منها في هذا الجزء ما تيسر، عبرة لمن يتذكر.(35)
و من ثم فإن الرسوم، إنما اختلفت حالها في الخط بحسب اختلاف أحوال معاني كلماتها الشيء الذي بينه ابن البناء لكن بأسلوبه المعهود مما يحتاج إلى مزيد من الشرح و التبسيط.
و لتقريب مذهب لبن البناء في تعليل رسم المصحف من القارئ الكريم أقدمه من زاويتين:
أ- مواقف العلماء من مذهب ابن اللبناء في تعليل الرسم:
أثار كتاب " عنوان الدليل" لابن البناء المراكشي- على صغر حجمه-ردود فعل مختلفة من قبل العلماء مما يمكن إرجاعه إلى موقفين بارزين:
موقف مؤيد لمذهب ابن البناء مشيد به.
و يمثل هذا الموقف عدد من العلماء من أبرزهم:
الزركشي(ت:794ه) في" البرهان" و السيوطي (ت:911ه) في "الإتقان"و القسطلاني في (ت:932ه) في "لطائف الإشارات".
2)موقف منتقد لهذا المذهب، غير مستسيغ له و منن يمثل هذا الاتجاه ابن خلدون ( ت:808ه) في " المقدمة" من ذلك قوله:
"و لا تلتفتن في ذلك إلى ما يزعمه بعض المغفلين من أنهم-أي الصحابة-كانوا محكمين لصناعة الخط و أن ما يتخيل من مخالفة خطوطهم لأصول الرسم ليس منا يتخيل بل لكل منهما وجه.
يقولون في مثل زيادة الألف في "لأذبحنه" إنه تنبيه على كمال القدرة الربانية و أمثال ذلك مما لا أصل له إلا التحكم المحيض و ما حملهم على ذلك إلا اعتقادهم أن في ذلك تنزيها للصحابة عن توهم النقص في قلة إجادة الخط و حسبوا أن الخط كمال فنزهوه عن نقصه و نسبوا إليه الكمال بإجادته، و طلبوا تعليل ما خالف الإجادة من رسمه، وليس ذلك بصحيح".(36)
و على الرغم من أن ابن خلدون، لم يصرح باسم ابن البناء إلا أن كلامه ينطبق تماما على مذهبه في رسم المصحف فهو الذي يقول:إن الصحابة لم يكن ذلك منهم كيف اتفق بل على أمر عندهم قد تحقق و هو الحق الذي لا شك فيه لا تنزيها للصحابة عن توهم النقص في قلة إجادة الخط بل تنزيها لكتاب الله أن يكون في رسمه الخطأ.
و قوله تعالى:(أو لا أذبحنه) .(37)
يقول عنه ابن البناء:
إن الزيارة في أول الكلمة يكون باعتبار المعنى زائد بالنسبة إلى ما قبله في الوجود و الألف هنا زيدت تنبيها على أن المؤخر أشد و أثقل في الوجود من المقدم عليه لفظا فالذبح أشد من العذاب(38)
(لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه)(39) وهو تعليل منطقي مقبول .
وعلى منوال ابن خلدون، سار بعض الباحثين المعاصرين مثل الدكتور صبحي الصالح و الدكتور غانم قدوري.
يقول الأول:
و لا ريب أن هذا غلو في تقديس الرسم العثماني و تكلف في الفهم ما بعده تكلف"(40)
ومن هذا الغلو و التكلف ما ينقله الزركشي في " البرهان" عن أبي العباس المراكشي الشهير بان البناء في كتابه:" عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل"(41).
و يقول الثاني:
و رغم الصورة المنطقية التي يعرض فيها المراكشي مذهبه،فإن هذا الاتجاه بعيد كل البعد عن طبيعة الموضوع(..) فلم يكن منهج أبي العباس المراكشي إذن قائما على أساس من حقائق العلم ومعرفة التاريخ بل أن كل ما قاله هو نتيجة تأمل ذاتي غامض، عبر عنه بمصطلحات صوفية و فلسفية هي الأخرى غامضة،و أن نتيجة واحدة غامضة يقود إليها الدليل العلمي الواضح غير أوجدي في فهم المشكلة، من كل ما قاله المراكشي وردده من ورائه أجيال من العلماء و الدارسين.
و هذا الكلام كالذي قبله،حكم على مذهب البناء من خلال نقول متفرقة في بعض كتب القران، دون الوقوف على كتاب أبي البناء و الخروج بحكم علمي شامل يسجل السلبيات و الإيجابيات معا.
ب- نماذج من تعليل بن البناء لرسم المصحف:
1)يقول في باب الواو: فصل في الواو الناقصة من الخط:
"و كذلك سقطت في أربعة أفعال دلالة على سرعة و وقوع الفعل و يسارته، وشدة قبول المنفصل للتأثر به الوجوه مثل:" سندع الزبانية" (43) فيه سرعة الفعل و سرعة إجابة الزبانية و قوة البطش وهو وعيد عظيم ذكر مبدؤه و حذف آخره و يدل على هذا قوله تعالى: ( و ما أمرنا إلا واحدة كلمح البصر) (44).
و كذلك ( ويمح الله الباطل) (45) حذف الواو علامة على سرعة المحو و قبول الباطل له بسرعة يدل على هذا قوله تعالى: ( إن الباطل كان زهوقا)(46)
و ليس (يمح) معطوفا على" يختم" (47) الذي قبله لأنه طهر مع يمح اسم الفاعل و عطف على الفعل ما بعده و ( يحق الحق).(48)
وكذلك ( و يدع الإنسان بالشر دعاءه الخير) (49) حذف الواو يدل على أنه يسهله عليه و يسارع فيه كما يعمل في الخير و إتيان الشر إليه من الخير.
و كذلك ( اليوم يدع ) (50) حذف الواو لسرعة الدعاء ة سرعة الإجابة.
و يعقب بن البناء على هذا الأمثلة فيقول:
و هذه الأفعال الأربعة مباد لمعاني وراءها لم تذكر فحذف الواو يدل على كل ذلك.(51)
2) يقول في باب الياء/ فصل في الياء الزائدة:
" وذلك علامة اختصاص في ملكوتي مثل " و السماء بنيناها بأييد" (52) كتب بياءين فرقا بين الأيد التي هي القوة و بين أيدي جمع اليد و لا شك أن القوة التي بنى الله بها السماء هي التي بالثبوت في الوجود من الأيدي فزيدت الياء لاختصاص اللفظة بالمعنى الأظهر في الإدراك ألملكوتي في الوجود" (53).
و الوجود عند ابن البناء على قسمين:
*ما يدرك: وهو ظاهر و يسمى الملك و باطن و يسمى الملكوت.
-ما لا يدرك:و هو ما ليس من شأنه أن يدرك،و هو معاني أسماء الله الحسنى و صفة أفعاله ،فإنه انفرد سبحانه و تعالى بعلم ذلك، لكن لم نصله بإدراك يسمى الجبروت.(54).
3) و يقول في باب مد التاءات و مدها:
و هذا جاء في الاسم المفرد المضاف ، الذي فيه علامة التأنيث، و ذلك لما كانت هذه الأسماء يلازمها للفعل صارت تعتبر اعتبارين:
أحدهما: من حيث هي أسماء و صفات، فهذا تقبض فيه التاء.
و الثاني: من حيث يكون مقتضاها فعلا ظاهرا في الوجود فهذا تمد فيه التاء كما تمد في (قالت) و (حقت) و جهة الفعل و الأثر ملكية ظاهرة و جهة الاسم و الصفة ملكوتية باطنه(55).
و نقدم في هذا الإطار أمثلة كثيرة مع تعليلها من ذلك:(قرت عين لي و لك)(56) فرد مدت تاؤه و لأنه بمعنى الفعل إذ خبر عن موسى وهو موجود حاضر في الملك، و ذلك على غير حال (قرة أعين) ، (57)فأن هذا الحرف هو بمعنى الاسم وهو ملكوتي إذ هو غير حاضر.(58)
و من ذلك (ابنت عمران): (59) مدت التاء تنبيها على المعنى الولادة و الحدوث من النطفة المهنية.
و لم يضف في القران ولد إلى والد، ووصف به اسم الولد إلا عيسى و أمه عليهما السلام،لما اعتقدت النصارى فيهما أنهما إلا هان.(60).
و في آخر الكتاب يتحدث ابن البناء عن حروف متقاربة اقتطف منها هذه الأمثلة.
و هذه الحروف كما قال المؤلف، تختلف في اللفظ في اختلاف حال المعنى.
و ذلك مثل: "وزاده بسطة في العلم و الجسم"(61) ( وزادكم في الخلط بصطة) (62) ( الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) (63) (و الله يقبض و يبسط) (64)
يقول ابن البناء:
"فبالسين السعة الجزئية، يدلك عليه التقييد" (65) يعني " العلم والجسم" في الآية الأولى ولمن يشاء) في الثالثة.
" و بالصاد السعة الكلية، و يدل عليه معنى الإطلاق و علو الصاد،مع الجهارة و الإطباق"(66)
و كذلك( نحن قسمنا بينهم معيشتهم) (67) ( وكم قصمنا): ( 68) بالسين تفريق الأرزاق و الأنعام و بالصاد تفريق بالإهلاك و الإعدام (69) و كذلك: ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة):(70) بالضاد منعمة بما تشتهيه الأنفس و بالضاد منعمة بما تلذ الأعين.(71)


1) التمحيص في شرح التلخيص: لابن هيدور، مخطوط منه ثلاث نسخ بالخزانة بالرباط أرقامها كالآتي:252/112ج/862ج.
2) التمحيص: لابن هيدور الورقة4/وجه.
3)أحمد بن محمد المقري التلمساني:" أزهار الرياض في أخبار عياض":3/23 ( صندوق إحياء الثرات الإسلامي المشترك بين المملكة المغربية و الإمارات العربية المتحدة)- الرباط- المغرب (1398ه-1978م).
4)مخطوط: توجد منه نسخة بخزانة القرويين بفاس تحت رقم 1367 ضمن مجموع من 26/ظهر إلى 47/ ظهر.
5) مخطوط: توجد منه نسخة بخزانة القرويين بفاس تحت رقم 1367 ضمن مجموع من 48/ظهر إلى 58/ ظهر.
6) التمحيص لابن هيدور الورقة 3/ وجه.
7) التمحيص لابن هيدور الورقة 3/ وجه.
8)نفسه الورقة:4 وجه
9)نفسه: 3ظهر/" حط النقاب" لابن قنفذ مخطوط توجد منه نسخة بالخزانة العامة الرباط تحت رقم 1678
10) عبد الله كنون: ابن البناء العددي:29 ( مشاهير المغرب: الحلقة32)
11) التمحيص:3 وجه
12) حط النقاب:2ظهر
13) المناهل: العدد 33 ص 212 ( مجلة تصدرها وزارة الشؤون الثقافية الرباط – المغرب)
14) التمحيص :3 وجه
15) نفسه
16) حط النقاب:3 وجه/ التمحيص:3 ظهر
17) حط النقاب:3 وجه/ التمحيص:4 وجه
18) حط النقاب:3 وجه/ التمحيص:4وجه
19) مطبوع- بتحقيق:هند شلبي- دار الغرب الإسلامي- بيروت/ لبنان- الطبعة الأولى:1990م.
20) تفسير الاسم من بسم الله الرحمن الرحيم: الورقة 26 ظهر.
21) سورة الزخرف- الآية:3
22) سورة الأنعام: الآية:95.
23) أبو البقاء الحسيني الكفوي " الكليات" 262 تحقيق د. عدنان درويش/ محمد المصري- مؤسسة الرسالة – بيروت/ ابنان- الطبعة الأولى:(1412ه-1992م).
24) سورة الفرقان- الآية:33
25) شرح مراسم الطريقة: الورقة 90 ظهر- مخطوط بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم:2378د.
26) منها نسخة بالخزانة الحسنية بالرباط تحت رقم 7272،و نسخة بالخزانة العامة بالرباط رقم 2378
27) سورة الأنعام-الآية:103
28)سورة الشورى- الآية:11
29)سورة الإسراء- الاية12
30) سورة النمل- الآية:13
31) شرح مراسم الطريقة: الورقة 71 ظهر.
32)أحمد بن عمار المهدوي:هجاء مصاحف الأمطار(مجلة معهد المخطوطات العربية/ مجلد:19/ج:1( ربيع الثاني 1993- ماي 1973م /ص:53-141) تحقيق د. محيي الدين عبد الرحمن رمضان).
33) ابن معاذ الجهني: كتاب البديع في معرفة ما رسم في مصحف عثمان( مجلة المرد العراقية/مجلد15 /العدد 4-(1407ه دمشق/سوريا( تصوير 1403ه-1983)
35)عنوان الدليل:30.
36)"مقدمة" العلامة ابن خلدون:419 (دار التراث العربي )بيروت لبنان.
37) سورة النمل: الآية 21
38) عنوان الدليل 56
39) سورة النمل: الآية21
40) الدكتور صبحي الصالح: مباحث في علوم القران: 277-( دار العلم للملايين) بيروت / لبنان ( ط18: يناير 1990م)
41)نفسه 277 الهامش: رقم الإحالة 3
42) د. غانم ألقدوري الحمد: رسم المصحف:229 ( نشر اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الهجري – بغداد/ العراق/ط:1(1402ه/1982م)
43) سورة العلق الآية 18
44) سورة القمر الآية50
45) سورة الشورى الآية:24
46) سورة الإسراء الآية 81.
47) سورة الشورى- الآية 24 (فأن يشاء الله يختم على قلبك).
48) سورة الشورى- الآية 24
49) سورة الإسراء- الآية 11
50) سورة القمر- الآية :6( فتول عنهم يوم يدع ألداع إلى شيء نكر)
51) عنوان الدليل:88-89
52) سورة الداريات- الآية 47
53) عنوان الدليل:91-92
54) نفسه 33
55) نفسه 109
56) سورة القصص: الآية 9
57 سورة السجدة—الآية 17
58) عنوان الدليل:112-113.
59) سورة التحريم- الآية:12
60) عنوان الدليل:115-116 و يذكر قوله تعالى ( وجعلنا ابن مريم و أمه آية) سورة المومنون الآية 50
61) سورة البقرة الآية 247
62) سورة الأعراف- الآية 69
63) سورة الرعد الآية:26
64) سورة البقرة الآية:245.
65)عنوان الدليل:139
66)نفسه:139
67)سورة الزخرف الآية:32
68)سورة الأنبياء الآية 11
69)عنوان الدليل:140
70)سورة القيامة- الآيتان 22:23
71)عنوان الدليل:140