تعرف بلادنا اليوم- بفضل الله تعالى- تحت القيادة الرشيدة لأمير المومنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، تعبئة وطنية مبشرة بتجديد المدرسة، وإعطاء التربية والتكوين الأسبقية، بعد الوحدة الترابية.
في هذا الإطار، وانسجاما مع التدابير المعلنة من أجل محاربة الأمية، والمحو شبه التام لها في أفق عام 2015م، (1) يأتي هذا البحث المتواضع ليتناول هذه التوجهات في مرجعيتها الإسلامية على مستوى التصور أولا، ثم على مستوى التطبيق ثانيا، و ذلك بالقدر الذي لا غنى عنه، دون التوغل في التفاصيل.
أولا – العلم بين فرض العين وفرض الكفاية
أ- فرض العين: إن التعليم والأمر به- كما هو معروف – كان أول الوحي إلى رسول الله، محمد بن عبد الله، (ص):(اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم)، (2)وفي ذلك إيذان من الله تعالى ببلوغ البشرية طور الرشد والنضج، وخروجها من عصور ظلمات الجهل والضلال، إلى عصور أنوار العلم والعرفان.
وفي الحض على التعليم وضرورته يقول النبي (ص) فيما أخرجه ابن ماجة :" طلب العلم فريضة على كل مسلم"، وهو ما تناوله الفقهاء، ورجال التربية والإصلاح، ففرقوا بين ما هو فرض عين يلزم المكلف معرفته، وما هو فرض كفاية.
" قد أجمع العلماء على أن من العلم ما هو فرض متعين على كل امرئ في خاصته، ومنه ما هو فرض على كفاية، إذا قام به قائم سقط فرضه على أهل ذلك الموضع".(3)
وقد حمل الله تعالى الآباء والأمهات مسؤولية تربية الأبناء وتعليمهم فقال :( ياأيها الذين آمنوا أنفسكم وأهليكم نارا) الآية (4)
قال علي "رضي الله عنه": " أدبوهم وعلموهم".
وقال الضحاك:
" حق على المسلم أن يعلم أهله، من قرابته وإمائه وعبيده، ما فرض الله عليهم، وما نهاهم الله عنه".(5)
وتعرض "لفرض العين" أبو الحسن القابسي في " الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين"، فأكد على أن تعليم جميع الصبيان ضروري واجب، فإذا لم يتيسر للوالد أن يعلم أبناءه بنفسه، فعليه أن يرسلهم إلى الكتاب لتلقي العلم بالأجر، فإذا لم يكن الوالد قادرا على نفقة التعليم فأقرباؤه ومكلفون بذلك، فإذا عجز أهله عن نفقة التعليم فالمحسنون مرغبون في ذلك، أو معلم الكتاب يعلم الفقير احتسابا، أو من بيت المال.(6)
ومن ثم، فإن طلب العلم يتجاوز نطاق الحق إلى حيث يصبح "ضروريا واجبا" لا يباح لصاحبه التنازل عنه بالاختيار دون أن تلزمه تبعات من الإثم والحرج.
والأصل في التعليم في الإسلام المجانية،إذ قام الرسول عليه الصلاة والسلام بتعليم الناس القرآن دون أن يسأل أحدا أجرا، وعلى ذلك سار الصحابة من بعده وعدد كبير من التابعين، وأتباع التابعين، ولم يكن الأمر يقتصر في ذلك على تعليم القرآن والحديث فقط، بل امتد ليشمل كل الدراسات الدينية.(7)
لكن يبدو أنه كان هناك منذ عصر الصحابة أنفسهم من يرى أخذ الأجر على التعليم، خصوصا فيما زاد على القرآن والحديث.
فقد روى عن عبد الله بن مسعود أنه قال:
" لابد للناس من معلم يعلم أولادهم، ويأخذ على ذلك أجرا، ولولا ذلك لكان الناس أميين".(8)
وقال مالك بن أنس :" لا بأس بما يأخذ المعلم على تعليم القرآن وإن اشترط شيئا كان حلالا جائزا".(9)
ومهما يكن فقد اعتبرت رسالة المعلم نبيلة للغاية حتى قال الشاعر:
قم للمعلم ووفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجل من الذي
يبني وينشئ أنفسا وعقولا
سبحانه اللهم خير معلم
علمت بالقلم القرون الأولى
وما يقدمه المعلم للمتعلم لا يقدر بثمن، ففي الصحيحين أن رسول (ص) قال لعلي رضي الله عنه:
" لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم".
وروى ابن عبد البر بسنده إلى ابن مسعود قال: "الدراسة صلاة".(10)
والمعلم مدعو إلى العدل بين المتعلمين، والمساواة بين غنيهم و فقيرهم.
علم العلم لمن أتاك لعلم
واغتنم ما حييت منه الدعاء
وليكن عندك الفقير إذا ما
طلب العلم والغني سواء(11)
واهتم علماء المسلمين بالقدر الواجب تعليمه، فاتفقوا على أن تعليم الولدان للقرآن- كما قال ابن خلدون- أصل التعليم الذي يبنى عليه ما يحصل بعد من الملكات، (12) ثم تأتي بعد ذلك ما لا بد منه من مبادئ الدين وتعاليمه، وكل ما من شأنه أن يتفتح به الناشئ على محيطه، من حساب ولغات وغير ذلك.
وقد ألفت في هذا الإطار كتب مدرسية، ومنظومات تعليمية، من أشهرها ببلاد المغرب "الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني، و"قواعد الإسلام" للقاضي عياض، ومنظومة "المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" لعبد الواحد بن عاشر الفاسي، (13) و"الأجرومية" لابن آجروم، و"مواهب المنان" للسلطان المقدس محمد ابن عبد الله وغير ذلك.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الدولة الموحدين كانت قد فرضت التعليم الإجباري، حيث أوجبت على كل من ينضوي تحت سلطانهم أن يتعلم الضروري من العقائد وما يتعلق بالصلاة وغير ذلك.(14)
ويلاحظ في الإجراءات الموحدية الأخذ في التعليم بأكثر من لغة، بل اشترطوا في بعض المهام الدينية، كخطبة، وإمامة الخمس، معرفة اللسان البربري، حتى إنهم عزلوا عندما دخلوا مدينة فاس أبا محمد مهدي بن عيسى عن خطبة الجمعة بجامع القرويين، وكان كما وصفه ابن أبي زرع في القرطاس :" من أحسن الناس خلقا وخلقا، وأفصحهم لسانا، وأكثرهم بيانا، وكانت موعظته تؤثر في القلوب لصدقه وإخلاصه، وكان يخطب في كل جمعة خطبة لا تشبه الأخرى"، (15) وقدموا بدله فقيها آخر لأجل حفظه اللسان البربري، ويبدو أنه لا حرج إذا اقتضت الضرورة ذلك.(16)
ب- فرض الكفاية: لا شك أنه على هذا الفرض المعول في إمداد الأمة بما تحتاج إليه من أطر وكفاءات في مختلف المجالات، وتعريفه بأنه هو ما إذا قام به البعض سقط عن الباقين، في غاية الأهمية، إذا فهم على وجهه الصحيح.
إن هناك حد أدنى من العلم الضروري للجميع، كما تقدم، وفي القابل، هناك من العلم ما يلزم أن يؤخذ على قدر الحاجة، فلا معنى – مثلا- لأن يصبح أهل بلد ما كلهم يتقنون علما من العلوم، أو فنا من الفنون، ويهملوا بقية العلوم والآداب، مما تتوقف عليه حياة الناس.
من هنا كانت فروض أكثر دقة، وأبعد خطرا من الفروض العينية، لأن تبعاتها لاتقف عند الفرد، بل تتسع لتشمل الأمة كلها، وبالتالي يقع الإثم على كل أفرادها متى تم التفريط فيها.
يقول الله تعالى :( وما كان المومنون لينفروا كافة، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون). (17)
إن الواجبات الكفائية تفرض على المسؤولين على التعليم بكل مراحله حصر الحاجيات، والتخطيط لها، تلافيا لكل نقص محتمل فيما لابد منه، لضمان راحة المجتمع وأمنه في كل مناحي الحياة، لأن العمل هو ثمرة العلم ونتيجته المرجوة.
يقول أبو حامد الغزالي في رسالته :"أيها الولد" : "العلم بلا عمل جنون، والعمل بغير علم لا يكون"، (18) و"العلم والعمل بلا اقتداء الشرع ضلالة"(19)
ويقول الشاعر:
يا معشر العلماء يا ملح البلد
من يصلح الملح إذا الملح فسد
وعليه، فعندما يتم اختيار الأشخاص المناسبين لكل قطاع يصبح قيامهم بمهامهم الموكولة إليهم فيه، والوفاء بها، فرض عين، وهكذا تتداخل فروض العين والكفاية في الحياة العامة تداخلا تاما، ويتوزع الاهتمام الديني عليها كلها، فلا يدع شيئا منها.(20)
و بذلك يصبح أداء الأعمال المختلفة عبادة لا تقل إضاعتها إثما وعصيانا عن إضاعة الصلاة.
روي عن ابن وهب، كان جالسا مع أستاذه الإمام مالك، فحضرت الصلاة، فقام إليها، فقال الذي قمت إليه بأوجب من الذي قمت عنه".
وعقب ابن رشد الجد على ذلك بقوله:"المعنى عندي – إن صحت الرواية- أنه أراد ما الذي قمت إليه بأوجب عليك في هذا الوقت من الذي قمت عنه، لأن الصلاة لا تجب بأول الوقت إلا وجوبا موسعا...الخ...".(21)
وفي هذا السياق ذاته يقول الشيخ محمد الغزالي: " جميل أن نحرص على الصلاة في وقتها، ولا عليك أن تصليها أول الوقت أو وسطه، وخير لك أن تعجل بإنجاز عمل هذا القادم من بلدهن القلق على مصلحته، خاصة وأن الصلاة تربي الإنسان على الشعور بالواجب، ولا تستغرق من الزمن أكثر من بضع دقائق".(22)
ثانيا : محاربة الأمية :
أ- الأمية ومعانيها في الكتاب والسنة:
كتب حول الأمية الشيء الكثير، ودار حولها نقاش طويل، بسبب اختلاف توجيه النصوص، وتضارب الفهوم في ذلك، إلى حد التعسف أحيانا، (23) بل ادعى بعض المستشرقين أن الكلمة غير عربية، وأنها كلمة دخيلة مأخوذة من العبرية "أما"، أو من الأرامية:"أميثا"،(24) والحق الذي لا شك فيه أن الكلمة عربية، ولعل "الأمي" نسب إلى الأم، لأن الكتابة مكتسبة فهو على ما ولدته أمه من الجهل بها، أو إلى الأمة على سذاجتها.
قال الله تعالى: ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا).(25)
وجاءت هذه المادة "أمية" في القرآن الكريم في ستة مواضع، مرتان بصيغة "الأمي" في قوله تعالى: ( الذين يتبعون الرسول النبي الامي)، (26)وقوله :( فآمنوا بالله ورسوله النبي الامي الذي يومن بالله وكلماته) (27)واللفظة هنا-كما لا يخفى- تنصرف إلى رسول الله (ص).
وجاءت بصيغة الجمع في أربعة مواضع، مرة في حق أهل الكتب :( ومنهم أميون لايعلمون الكتاب إلا أماني، وإن هم إلا يظنون)، (28)وثلاث مرات في حق العرب: ( وقل للذين أوتوا الكتاب والاميين)، (29)( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الاميين سبيل)،(30) ( هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم).(31)
كما جاءت كلمة "الأمية" في الحديث النبوي الشريف، ومن أقرب الأمثلة في هذا الباب قوله (ص): "إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا هكذا".(32)
يقول أبو الوليد الباجي: لا خلاف أن النبي (ص)، كان أعلم الناس بالفرائض، وما يجب لكل واحد منها، ولم يقل أحد من الأمة إنه أتي بفريضة فقال: لا علم لي بها، وإن أمتي تنفرد بعلم ذلك دوني، ولا أنه وكل إلى أمته حساب الصدقات من: الإبل، والبقر، والغنم، وغيرها (...) بل روي عنه أنه قسمها، وهذه معان كلها تحتاج إلى حساب".(33)
وتوسع "ابن تيمية" في هذا، فذكر أن قوله (ص) :" إنا أمة أمية" ليس طلبا، فإنهم أميون قبل الشريعة، ولم يؤمروا أن يبقوا على ما كانوا عليه مطلقا، بل إن الأمة التي بعث فيها محمد بن عبد الله (ص)، فإن فيهم من يقرأ ويكتب،
كما كان في أصحابه من يقرأ ويكتب ويحسب، وقد بعث (ص) بالفرائض التي فيها من الحساب ما فيها، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما قدم عامله على الصدقة "ابن اللبيبة" حاسبه"، (34) وفي القرآن الكريم ( لتعلموا عدد السنين والحساب).(35)
وعليه، فإن الحديث يرتبط أساسا بأيام الشهر، ويوضحه ما بعده :" الشهر ثلاثون، الشهر تسعة وعشرون" أي : إنا لا نحتاج في أمر الهلال إلى كتاب ولا حساب، إذ هو تارة كذلك، والفارق بينهما هو الرؤية فقط.
يقول "ابن تيمية": لم يقل النبي (ص) إنا لا نقرأ كتابا ولا نحفظ، بل قال: لا نكتب ولا نحسب، فديننا لا يحتاج أن يكتب ويحسب، كما عليه أهل الكتاب من أنهم يعلمون مواقيت صومهم وفطرهم بكتاب وحساب، ودينهم معلق بالكتب لو عدمت لم يعرفوا دينهم".(36)
وفي الحديث أيضا :" إني بعثت إلى أمة أميين، منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط"، (37) حيث ذكر (ص) أصنافا من الأميين، من بينهم الذي لم يقرأ كتابا قط.
والخلاصة، أن الأمية تعني في أصل اللغة عدم معرفة القراءة والكتابة، كما تعني في القرآن الكريم من ليس لهم كتاب منزل من عند الله يقرأونه وإن كان فيهم من يكتب ويقرأ ما لم ينزل.
وبهذا المعنى كان العرب أميين.
أما النبي (ص) فلا خلاف في أميته قبل المبعث بالمعنى اللغوي المشار إليه قبله، وقد نص القرآن على ذلك في قوله تعالى:( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك، إذا لارتاب المبطلون).(38)
واختلف فيما بعد البعثة هل كتب أو لا ؟ وهو موضوع جدير بمقال خاص لتفصيله، وإبراز جوانب الصواب والخطأ فيه، مع العلم أن أميته (ص) كمال في حقه من جهة الغنى بما هو أفضل منها وأكمل، ونقصا في حق غيره من جهة فقده الفضائل التي لا تتم إلا بالكتابة.(39)
ومن الطريف في هذا الباب، ما أورده "الحصري" في "زهر الآداب" من أن الخليفة العباسي "المامون" رأى خط "محمد بن داود"، فقال : يا محمد، إن شاركتنا في اللفظ، فقد فارقتنا في الحظ، فقال: يا أمير المومنين، إن من أعظم آيات النبي (ص) أنه أدى عن الله سبحانه وتعالى رسالته، وحفظ عنه وحيه وهو أمي لا يعرف من فنون الخط فنا، ولا يقرأ من سائره حرفا، فبقي عمود ذلك في أهله، فهم يشرفون بالشبه الكريم في نقص الخط، كما يشرف غيرهم بزيادته...إلى آخر القصة.(40)
ب- محاربة الأمية ووسائل القراءة والكتابة:
كان في المجتمع العربي قبل الإسلام ومع مجيئه عدد من الكتاب من الرجال والنساء، فقد كانت المعلقات مكتوبة معلقة على الكعبة.(41)
وجاء الإسلام وفي قريش، كما يقول "البلاذري" في "فتوح البلدان"، سبعة عشر رجلا كلهم يكتب، وكانوا يسمون من يجمع إلى الكتاب الرمي والعوم: الكامل.(42)
لكن وجود الكتابة وكُتاب في عدد محدود، وفي جهات معينة من الجزيرة العربية في بداية الإسلام، لا يعفي من محاربة الأمية ونشر القراءة والكتابة بين الناس.
ومن ثم اهتم الإسلام بالكتابة والقراءة وتعلمهما، فجاءت في القرآن الكريم كثير من الألفاظ والمصطلحات ذات الصلة الوثيقة بذلك، مثل قلم وأقلام ومداد وقرطاس وقراطيس، وصحف وكتاب، واقرأ، وقرأه واكتتب، وتملى، وتخطه، وكتب، وغير ذلك.
( اقرأ باسم ربك الذي خلق)، (43)( اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم) (44)
(ن، والقلم وما يسطرون)، (45)( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه)(46)...الآية.
وحث النبي (ص) المسلمين على الكتابة وتعلمها، حتى إنه جعل فداء أسرى بدر من المشركين مقابل تعليم الواحد منهم عشرة من صبيان المسلمين القراءة والكتابة.
ومعلوم أن عدد أسرى قريش في غزوة بدر سبعون أسيرا، وكان فداؤهم بأربعة آلاف درهم لكل أسير، إلى ما دون ذلك، فمن لم يكن عنده شيء أمر أن يعلم غلمان الأنصار الكتابة، فإذا حذقوا فهو فداؤه.(47)
وكان "زيد بن ثابت" رضي الله عنه، ممن استفاد من هذه العملية التي كانت أساس نهضة علمية مثمرة في أوائل قيام الدولة الإسلامية بالمدينة النبوية الشريفة.
هذه الحاضرة الإسلامية الكبرى التي كان يتساكن فيها العرب مع اليهود ويتعايشون.
يقول "الواقدي": كان الكتاب بالعربية في الأوس والخزرج قليلا، وكانت اليهود قد علمت كتابة العربية، وكانت تعلمه الصبيان بالمدينة في الزمن الأول.
وعن "زيد بن ثابت" قال: أمرني رسول الله (ص) أن أتعلم له كتاب يهود، وقال لي : إني لا آمن يهودا على كتابي...(48)
ولم يقتصر ذلك على الرجال فحسب، بل تساوى معهم فيه النساء، فقد أمر النبي (ص) "الشفاء بنت عبد الله" أن تعلم أم المومنين "حفصة الكتابة".(49)
وكانت أم المومنين "حفصة بنت عمر بن الخطاب" كاتبة أتمت تعليمها في بيت النبوة، وكانت أم المومنين "عائشة بنت أبي بكر الصديق" تقرأ بالمصحف ولا تكتب، وكذلك كانت أم المومنين "أم سلمة"، رضي الله عن الجميع.
ووردت أقوال وحكم كثيرة على ألسنة السلف رحمهم الله تدعو إلى الكتابة، كقولهم :" أكرموا أولادكم بالكتابة، فإن الكتابة من أهم الأمور، ومن أعظم السرور، فعليكم بحسن الحظ فإنه من مفاتيح الرزق".
وقال بعض ملوك اليونان :" أمر الدنيا والدين واقع تحت شيئين: سيف وقلم، والسيف تحت القلم".
قال أبو الفتح البستي :
إذا أقسم الأبطال يوما بسيفهم
وعدوه مما يكسب المجد والمكرم.
كفى قلم الكتاب عزا ورفعة
مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم(50)
وتجدر الإشارة – بعد هذا – إلى أن كون محو الأمية يعني تعليم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب، لا يتعارض مع امتداد مفهوم الأمية، ليشمل الثقافة العامة، فالقراءة والكتابة والحساب هي مفاتيح تلك الثقافة، ويتفق في الوقت نفسه مع الاتجاه العالمي، وهو أن محو الأمية لابد أن يتسع مفهومه ليشمل الأمية الحضارية.
وبذلك يصبح محو الأمية يساهم في إيجاد التكيف بين المجتمع والحضارة المعاصرة، ويتناول اكتساب المهارات المهنية، ومهارات التفكير، وتنمية الوعي الحي والتربوي والتقني، والمبادئ الدينية والوطنية، والسلوك الإيجابي.(51)
ومعلوم أن أمر محو الأمية يتوجه اليوم إلى كل من تجاوز سن التعليم الإلزامي من الذكور والإناث، ومسؤولية ذلك تقع أساسا على عاتق المعني بالأمر.
ثم يكون تهييء الظروف لمحو الأمية مسؤولية مشتركة بين الدولة وبين مكونات المجتمع المدني بكل مؤسساته وفعالياته، كما قال جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه في "الرسالة السامية" التي وجهها إلى المشاركين في اليوم الدراسي عن الأمية بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة الأمية:
"إن الأمي مسؤول بالدرجة الأولى على تعلم القراءة والكتابة وما بعدها من أميات، بل يجبر على ذلك فيما لا بد منه".
روي أن الخليفة الراشد الثاني "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه لقي أعرابيا فقال له: هل تحسن أن تقرأ القرآن ؟ قال : فاقرأ أم القرآن، قال : والله ما أحسن البنات فكيف الأم ؟ فضربه عمر، ثم سلمه إلى الكتاب، فمكث فيه، ثم هرب وأنشأ يقول:
أتيت مهاجرين فعلموني
ثلاثة أسطر متتابعات
كتاب الله في رق صحيح
وآيات القرآن مفصلات
فخطوا لي أبا جاد وقالوا
تعلم سعقصا وقريشات
وما أنا والكتابة والتهجي
وما حظ البنين من البنات(52)
ومعلوم أن الأمي في اصطلاح الفقهاء من لم يقرأ الفاتحة يضعونه في مقابل القارئ، فيقولون لا يصح اقتداء القارئ بالأمي...، (53)وهكذا تتفرع الأمية إلى أميات بحسب اختلاف الأزمنة والأمكنة.
ثالثا – التنمية وعلاقتها بالتعليم ومحاربة الأمية:
النمو، والتنمية، أو الإنماء، من الكلمات الجارية كثيرا على الألسنة والأقلام، ولا فرق بينهما إلا في التلقائية أو العمد، وذلك أن النمو عملية تلقائية، تتم دون تدخل الإنسان، في حين يفيد لفظ التنمية أو الإنماء تعمد النمو عن طريق ما يبذل من جهد منظم من قبل الإنسان، لبلوغ أهداف معينة مسبقا، (54)كما أن التنمية أو الإنماء، هو إحداث النمو والترقي في الوقت ذاته.(55)
وقد ظل مصطلح التنمية ردحا من الزمن مقصور الدلالة إلى حد بعيد على التنمية في الميادين الاقتصادية المباشرة، وبالتالي على الجانب المادي دون غيره من جوانب التنمية.(56)
ومن تعاريف التنمية في الفكر الاقتصادي والاجتماعي المعاصر أنها النمو المتواصل في الدخل القومي، وهو مجموع ما ينتجه المجتمع من السلع والخدمات في فترة زمنية معينة، ويؤدي- عادة- مثل هذا النمو في الدخل القومي إلى نمو مواز في معدل دخل الفرد الذي يتم الحصول عليه بقسمة مجموع الدخل القومي على مجموع عدد الأفراد في المجتمع.(57)
واعتمادا على هذين المؤشرين، أي: معدل دخل الفرد، والدخل القومي، تقاس التنمية في المجتمعات المعاصرة، وبالتالي يتم تصنيفها إلى مجتمعات متقدمة، وأخرى متخلفة.
وقد واجهت هذا التركيز على الجانب المادي في التنمية انتقادات عنيفة من داخل المجتمعات الغربية نفسها، مما أفرز مؤشرا اجتماعيا للتنمية سمي بمقياس :" درجة الرفاه الاجتماعي"، فهو يقيس نمط الحياة للأفراد، وتمتعهم بمختلف الخدمات الاجتماعية التي تحقق إسعادهم كالتعليم، والرعاية الصحية، ووسائل الترفيه المختلفة.
ومن ثم فالتنمية ليست مجرد استهلاك سلع وخدمات، وإنما هي تحسين في مستوى الرفاه الاجتماعي.(58)
إن البشرية أدركت اليوم أن الإنسان هو قطب التنمية ومحورها الأساس، وصانعها الأول، ولا تنمية بغير تطوير الإنسان وتنميته، لأن التنمية في العمق تعني تنمية الموارد البشرية بالتربية، والتعليم، والتدريب، والتثقيف، فالإنسان المؤهل علميا وعمليا هو المصدر الوحيد القادر على استثمار مصادر الثروات الأخرى كلها.
وتمثل فئات الأطفال والشباب الطاقة الكامنة المرتقبة، والسواعد العاملة القادمة، والأمل المرجو لأمة في كفاحها من أجل مستقبل أفضل، خصوصا من الناحيتين العقلية والإبداعية، الشيء الذي يدعو إلى التخطيط لهذين العنصرين الحيويين في المجتمع، واستثمارهما يوعي وإدراك.(59)
وبالعودة إلى التراث الإسلامي في هذا المجال نجد أن التنمية في التصور الإسلامي تركز إلى جانب تضمنها المعنى الاقتصادي على تحقيق روحية العدالة الاجتماعية بأوسع معانيها.
ومن ثم، فإن التنمية في التصور الإسلامي تهدف إلى تنمية الإنسان وتقدمه في المجالين الروحي والمادي، التنمية بمعناها الواسع الشامل التي تهتم بكل ما من شأنه أن يسهم في السير بالحياة الإنسانية إلى ما هو أفضل، دون الاقتصار على نشاط واحد من أنشطة المجتمع، أو اهتمام بفئة محدودة من فئاته، والتي تهتم بكل ما يحقق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.(60)
يقول الله تعالى:(ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون).(61)
وقد بحث علماء المسلمين مفهوم التنمية منذ وقت مبكر تحت عبارة "عمارة الأرض" التي جاءت في الآية الكريمة: ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها).(62)
وهذا الاصطلاح يتضمن التنمية الاقتصادية بصورة خاصة، بدل على ذلك مثل قول " علي بن أبي طالب" رضي الله عنه، في كتابه إلى واليه على مصر "الاشتر النخعي": " وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة..."(63)
و إلى جانب عبارة "عمارة الأرض" تم بحث مفهوم التنمية من خلال عبارة، "رغد العيش"، وهو مفهوم إسلامي يتضمن في معناه مفهوم "درجة الرفاه"، ويتعداه إلى تحقيق سعادة الإنسان في الآخرة، من خلال طاعة أوامر الله، والإنفاق في سبيله.(64)
وقد اهتم الإسلام ببناء النفس الإنسانية السوية وتربيتها لتكون قادرة على إعمار الأرض، وتحقيق معاني الاستخلاف الإلهي للإنسان فيها، ولا شك أن الروح هي العنصر الأسمى في الحضارات والمدنيات، فإذا غابت – وإن حدث تقدم مادي- فلا يتعدى في آخر المطاف أن يكون حضارة الإنسان الأعمى (65) ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى)، (66)( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا).(67)
إن الإنسان هو صانع الحضارة، ومحور العملية التنموية وهدفها، أو بتعبير آخر، إنه هو : الوسيلة والغاية في الوقت ذاته لتحقيق التنمية، وتلك رسالته على الأرض، وبذلك استحق التكريم من خالقه عز وجل :( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات، وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا).(68)
وبعد، فإن أهم ما تعاني منه الدول المتخلفة أو النامية هو ارتفاع نسبة الأمية، والتخلف التكنولوجي، نتيجة التخلف العلمي،(69) وقد مر بنا كيف حارب الإسلام الأمية، وحث على التعليم، ورغب في العلم، وأعلى مكانة العلماء لرسالتهم النبيلة، ودروهم الطلائعي في تأطير أفراد المجتمع، إعدادهم لتحمل المسؤولية في قابل الأيام.
نسأل الله التوفيق والسداد لشعبنا وأمتنا في هذا الاتجاه.
(1) "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" :19.
(2) سورة العلق : الآيات : من 1 إلى 5.
(3) "جامع بيان العلم وفضله" : لابن عبد البر القرطبي :1/15، تحقيق : محمد عبد القادر أحمد عطا – مؤسسة الكتب الثقافية –بيروت- ط 2: 1418هـ -1997م.
(4) سورة التحريم : الآية :6.
(5) مختصر تفسير ابن كثير: 3/522- اختصار وتحقيق : محمد علي الصابوني – دار القرآن الكريم – بيروت : ط 7: 1402هـ -1981م.
(6) التربية في الإسلام " للدكتور أحمد فؤاد الأهواني : 101-289- دار المعارف – مصر- ط 1 -1980م.
(7) انظر :" تاريخ التعليم في الأندلس" للدكتور محمد عبد الحميد عيسى : 256 – دار الفكر العربي – ط: 1 -1982م.
(8) كتاب "آداب المعلمين" لمحمد بن سحنون : 82، تحقيق : حسن حسني عبد الوهاب دار الكتب الشرقية- تونس: 1392هـ- 1972م.
(9) نفسه :83.
(10) جامع بيان العلم وفضله" : لابن عبد البر : 1/28.
(11) "جامع بيان العلم وفضله" : 1/150.
(12) مقدمة ابن خلدون : 537- ط :4- دار إحياء التراث العربي –بيروت.
(13) يقول في أوائل المنظومة :
وبعد فالعون من الله المجيد
في نظم أبيات للأمي تفيد
في عقد الأشعري وفقه مالك
وفي طريقة الجنيد السالك
(14) انظر :" العلوم الآداب والفنون على عهد الموحدين": للمرحوم العلامة محمد المنوني :27 الرباط –ط : 2: 1397هـ - 1977م.
(15) الأنيس المطرب بروض القرطاس " لابن أبي زرع : 1/101- تحقيق : محمد الهاشمي الفيلالي المطبعة الوطنية- الرباط : 1355هـ - 1936م.
(16) مست الحاجة في أوقات كثيرة من تاريخ المغرب إلى نقل ما يتعلق بالدين واللغة من العربية إلى البربرية، كابن عاشر، وخليل، والدردير، والحكم العطائية، وغير ذلك. انظر :" سوس العالمة" :ص: 188-207.
(17) سورة التوبة – الآية :122.
(18) أبو حامد الغزالي :" أيها الولد" : 17/ اللجنة اللبنانية لترجمة الروائع –بيروت- لبنان- ط: 3-1969م.
(19) نفسه :23.
(20) "مشكلات في طريق الحياة الإسلامية" لمحمد الغزالي : 29 "كتاب الأمة : العدد :1 / جمادى الآخرة 1402 / ط 2".
(21) انظر : التربية في الإسلام : للأهواني : 101.
(22) "مشكلات في طريق الحياة الإسلامية" :31.
(23) قال بعضهم :إن الأمي نسب إلى الأم، لأنه بحال أمه من عدم الكتاب لا بحال أبيه، إذ لم يكن من شغل النساء الكتاب، وهو كلام قد ينسجم مع العقليات البدائية، والنظرة الدونية إلى المرأة ( انظر :" لسان العرب"، و"القاموس المحيط")..وقال القابسي : أما تعلم الأنثى القرآن والعلم فهو حسن، ومن مصالحها (...) وسلامتها، وتعلم الخط أنجى لها". "التربية في الإسلام" للأهواني / ص: 289.
(24) انظر : دائرة المعارف الإسلامية : المجلد 2 : الصفحات : 643- 648.
(25) سورة النحل – الآية :78.
(26) سورة الأعراف – الآية : 157.
(27) سورة الأعراف – الآية :158.
(28) سورة البقرة – الآية :78.
(29) سورة آل عمران – الآية : 20.
(30) سورة آل عمران – الآية : 75.
(31) سورة الجمعة – الآية :2.
(32) رواه الشيخان / انظر "فتح الباري" : لابن حجر : 5/28.
(33) "تحقيق المذهب" : لأبي الوليد الباجي :288 / تحقيق : أبي عبد الرحمن بن عقيل الطاهري / عالم الكتب للنشر والتوزيع – المملكة العربية السعودية – الرياض – ط :1 : 1403هـ - 1983م.
(34) مجموع فتاوي ابن تيمية.
(35) سورة يونس – الآية :5.
(36) مجموع فتاوي ابن تيمية : 17/436 – مكتبة المعارف – الرباط – المغرب.
(37) رواه الترمذي في "السنن" وأحمد في "المسند".
(38) سورة العنكبوت : الآيتان :48-49.
(39) مجموع فتاوي ابن تيمية : 25/172، وانظر في موضوع أمية النبي (ص) كتاب "تحقيق المذهب" لأبي الوليد الباجي وما معه من أجوبة ورسائل، تحقيق :أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري / و "رسالة دبلوم" مقدمة إلى دار الحديث الحسنية لنيل "دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية" للدكتور أحمد لبزار في الموضوع نفسه.
(40) زهر الآداب وثمر الألباب : لأبي إسحاق الحصري القيرواني : 3/726 شرح : د.زكي مبارك- تحقيق :محمد محيي الدين عبد الحميد – دار الجيل بيروت ط:4.
(41) انظر : تاريخ الشعر العربي حتى آخر القرن الثالث الهجري ك للدكتور نجيب محمد البهبيتي : 194 / دار الفكر – بيروت /ط : 4 : 1970م.
(42) البلاذري :" فتوح البلدان" : 457- دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان-1398هـ - 1978م.
(43) سورة العلق –الآية :1.
(44) سورة العلق –الآيتان :3-5.
(45) سورة القلم –الآية :1.
(46) سورة البقرة –الآية :282.
(47) انظر طبقات ابن سعد :2/22- باعتناء إدوارد سنجو "طبعة مصورة عن طبعة لندن 1917م" منشورات مؤسسة النصر –طهران.
(48) انظر :" فتوح البلدان" للبلاذري : 459-460.
(49) نفسه : 458.
(50) محمد مرتضى الزبيدي :" حكمة الإشراق إلى كتاب الآفاق" : 70 "ضمن نوادر المخطوطات –تحقيق : عبد السلام هارون-مطبعة البابي الحلبي بمصر – المجموعة الخامسة / ط :2: 1393 هـ- 1973م".
(51) انظر : مجلة العلوم الاجتماعية (الكويتية) : العدد :3- المجلد 12/ ص : 100-101.
(52) الزبيدي : تاج العروس : 2/294 (مادة : بجد) منشورات دار مكتبة الحياة – بيروت-لبنان.
(53) مجموع فتاوي ابن تيمية : 25/170.
(54) التنمية من منظور إسلامي : 1/ 109-110.
(55) مجلة المستقبل العربي اللبنانية / العدد : 10- السنة 1979 / ص : 126.
(56) التنمية من منظور إسلامي : 1/ 10-111.
(57) نفسه : 1/270.
(58) نفسه : 1/270.
(59) مجلة "المستقبل العربي اللبنانية" ع: 10/س 1979 / ص:128.
(60) "التنمية من منظور إسلامي" :1 *272 ، 456.
(61) سورة الأعراف – الآية :10.
(62) سورة هود- الآية :61.
(63) "نهج البلاغة" لابن أبي الحديد، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم / دار إحياء التراث العربي-بيروت –ط :2 : 1385هـ-1965.
(64) التنمية من منظور إسلامي :1/272.
(65) انظر : قيم حضارية في القرآن الكريم لتوفيق محمد السبع : 1/149 "سلسلة البحوث الإسلامية" –السنة 4- العدد :50/ ربيع الآخر 1392 هـ-ماي 1972م.
(66) سورة طه – الآية : 124.
(67) سورة الإسراء – الآية:72.
(68) سورة الإسراء – الآية :70.
(69) انظر :" التنمية من منظور إسلامي ": 1/542- 543.