بطاقة تعريفية

فضيلة الدكتور محمد عز الدين المعيار الإدريسي

مواقع التواصل

آداب الضيافة و استقبال الآخر ( الغريب ) في الثقافة الإسلامية في المغرب

تاريخ نشر المقال 28-09-18 10:52:48

    آداب الضيافة و استقبال الآخر ( الغريب )
في الثقافة الإسلامية في المغرب
( من منطلقات دينية و أدبية و فكرية و فلسفية )
عندما اقترح علي الأخ و الصديق الأثير الأستاذ الدكتور محمد آيت الفران المحاضرة في هذا الموضوع بالصيغة التي أملى علي ، أحسست أنني وُضِعْتُ في موقف صعب حرج، لأن الطالب عزيز، والموضوع شاسع متشعب، تتجاذبه ثقافات وحضارات، ومعتقدات وعادات، تتسم في مجموعها بالتنوع و الاختلاف...
في كل الأحوال لابد لمن يتصدى لمثل هذا الموضوع، من وقفة تأمل و تدبر، قبل الانطلاق في بناء هذه العمارة الشامخة، المتعددة المرافق، المتنوعة الواجهات، المختلفة المواقع و المساحات ...
لابد كذلك أن يتساءل المرء مع نفسه عن أسباب نزول أو ورود هذا الموضوع بالذات – أولا - ؟ ثم عما تحمله مفردات العنوان من حمولات و دلالات ...
لا أحد اليوم يجهل - بالنسبة للنقطة الأولى - ما نتج و ينتج عن الهجرة غير الشرعية على الخصوص، إلى أوروبا و إلى غيرها من بلاد المعمور، من متاعب ثقيلة و إكراهات ضاغطة، تجعل هذا الموضوع حديث الساعة في أوربا، ليس على المستوى السياسي فحسب، بل وعلى المستوى الفلسفي و الأنتروبولوجي والأخلاقي كذلك، وفي هذا السياق جاء الاهتمام الملحوظ بموضوع الضيافة ...
أما فيما يتصل بمفردات العنوان، فلعل عقدتها ومحورها الأساس هو " الآخر"(الغريب) أو "الغريب" ( الآخر )، ثم يليه و يحيط به، ذلكم المجال الواسع، والفضاء الرحيب الذي هو الضيافة ...
يضع مصطلح الآخر بالنسبة لنا في الثقافة العربية الإسلامية إشكالا، لأن الآخر عندنا هو آخر بدوره بالنسبة لذلك الآخر، فلا فرق بينهما في النهاية ولا استعلاء، و لا دونية {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير }
أما بالنسبة للفكر الأوربي فهناك "الأنا والآخر" و الفلسفة الأوربية الحديثة هي أساسا فلسفة "الأنا" ("الذات") بناء على كوجيتو ديكارت: "أنا أفكر إذن أنا موجود" هي علاقة "الأنا" و"الآخر"، لا علاقة "آخر" "بآخر".
وحتى لا أطيل في هذه النقطة وما تحتها من كلام، أنتقل إلى الكلمة الثانية (الغريب) وهي من صميم ثقافتنا... لأن الإنسان الغَرِيبُ عندنا، هو من ليس من القوم، ولا من البلد، وقد استعمل مؤلفو كتب التراجم الأندلسية، مصطلح الغرباء بمعنى الطارئين على الأندلس من غيرها من البلاد، في مقابل البلديين (الأندلسيين)، مع تقديم هؤلاء و تأخير الغرباء، مما انتقده أحدهم ، حين قال إن مصطلحهم في الغرباء، خارج عن عرف المحدثين و المؤرخين، وحاول أن يسلك سلوكا آخر في التصنيف، يرفع من شأن الغرباء بإرجاء ذكرهم جملة إلى آخر الكتاب
وقد يكون الغريب في الثقافة الإسلامية، العزيز النادرK ومنه في الحديث النبوي :" بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء"
وصل إلى الضَّيْفُ و هو النازلُ عند غيرهِ الزائر له، و يقال:ضَيَّفَ فلانًا أَو الغريب : أَضافه .
والضيف في اصطلاح الفقهاء هو من حضر طعام غيره بدعوته ولو عموما، أو بعلم رضاه ، و ضد الضيف الطفيلي، و يسمى أيضا الضيفن أي الذي يأتي من غير دعوة.
و على هذا المعنى يمكن اعتبار المهاجر بشكل قانوني ضيفا، و المهاجر خارج القانون طفيليا، إلا من اضطر و خرج هاربا بنفسه، و بما يؤمن به من قيم و مباديء ...
وقد هاجر المسلمون زمن البعثة المحمدية ، هجرتين شرعيتين رائدتين في تاريخ البشرية ، الأولى إلى بلاد الحبشة المسيحية ) باليمن ) على ذلك العهد، و كان على رأسها ملك لا يظلم عنده أحد (النجاشي) و الثانية إلى يثرب ( المدينة المنورة ) بعد بيعة أهلها للنبي محمد صلى الله عليه وسلم و الالتزام بحمايته وإيوائه و نصرته هو وكل المهاجرين معه ،و قد لقي المسلمون في كلتا الهجرتين من حسن الاستقبال و كرم الضيافة ما خلده تاريخ المسلمين بمداد الفخر و الاعتزاز { وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
فإذا نحن أردنا أن نتتبع تاريخ الضيافة فسنجدها ربما لازمت الإنسان، منذ وجوده على وجه الأرض منذ أول الزمان، بحكم طبعه الجبلي المفتقر إلى بني جنسه، و الظاهر أن الضيافة بدأت في أول الأمر بسيطة متواضعة، ثم تطورت بالتدريج مع مرور الزمان، واختلفت طبيعتها ومظاهرها من مكان إلى آخر، و تفاوتت حسب رقي الشعوب والأمم أو تخلفها...
وقد قص القرآن الكريم علينا خبر الأنبياء، و قدم لنا نماذج مما تحلوا به من كرم وسخاء... نسوق منه في هذه العجالة قصة أب الأنيياء أبي الضيفان إبراهيم الخليل عليه السلام ، مع ضيوفه المكرمين
في القرآن الكريم :{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ {24} إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ {25} فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ {26} فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ {27}} الذاريات
أكرموا بتعجيل الطعام إليهم ، دل عليه قوله هود 69 :{فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} – و قوله الذاريات :26 - :{ فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين }
ويقص القرآن علينا كذلك قصة دفاع النبي لوط عليه السلام عن ضيوفه أمام قومه
قال الله تعالى : {وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يا قَوْمِ هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} (سورة هود الآية 78).
لأنّ من تمام إكرام الضيف دفع الأذى عنه، ومنع وقوع أي تعد عليه في جسمه أو ماله أو عرضه ، كما هو حال نبي الله لوط عليه السلام، الذي وجد نفسه في موقف حرج يفرض عليه حماية ضيوفه والدفاع عنهم بكل ما أوتي من حكمة و تبصر، أمام قومه الفاسدين( الشاذين )، ناصحا لهؤلاء بسلوك سبيل العفة و الصلاح، مبينا لهم أن العلاقات الزوجية مع نساء من القوم، أطهر وأعظم مما يبغون من شذوذ وانحراف عن الفطرة السليمة.
قال الله تعالى {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ. قَالَ إِنَّ هَؤُلاَءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِي. وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِي} (سورة الحجر الآيات 67_69). كما يفهم من الآية ضرورة الاحتفاء بالضيف، والتجمل بالأدب معه حتى لا يُحرَج المضيف أو الضيف على حد سواء
فإذا طوينا الزمان طيا و اقتربنا من مجيء الإسلام و بعثة النبي عليه الصلاة و السلام فسنجد العرب الذين بعث فيهم الرسول الكريم، قد اشتهروا بكرم الضيافة، والفرح بالضيف، مع حسن الاستقبال، و فائق العناية، حتى قال حاتم الطائي :
و إني لعبدُ الضيف ما دام ثاويا . . . و ما فِيَّ إلا تلك من شيمة العبد
و كان من عادات العرب و تقاليدهم الراسخة المتوارثة، أن يقدموا للضيف أشهى وألذ ما يملكون من طعام و شراب، مع الحفاوة به ، وتلقيه بالبشر والتبسط معه في الحديث شعارهم في ذلك : تمام الضيافة: الطلاقة عند أول وهلة، و إطالة الحديث عند المؤاكلة".
و كان أجوادهم يوقدون النار إذا أظلم الليل، ليهتدي بها الضيوف ولاجتذابهم، حتى ليقول أحدهم لغلامه :
أوقد، فإن الليل ليلٌ قَرُّ . . . و الريحَ، يا موقد، ريحٌ صِرُّ
عسى يرى نارَكَ مَنْ يمر . . . إن جلبْتَ ضيفا، فأنت حُرُّ
و كانوا لا ينتقون في الدعوة إلى الضيافة شعارهم في ذلك قول الشاعر:
نحن في المشتاة ندعو الجفلى لا ترى الآدب فينا ينتقر
هذه بعض أخلاق العرب في الكرم، وحسن الضيافة قبل الإسلام، أما بعد البعثة النبوية فيطول الحديث عن ذلك ، مما تضيق مثل هذه الكلمة الموجزة عن الإحاطة به، لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق- كما يقال - و حسبنا أن نعلم أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم، حصر ثمرة رسالته في قوله: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارم الأَخْلاقِ"
وقد ارتقت الضيافة في الإسلام إلى مكانة عالية، حين ارتبطت بالعقيدة والسلوك فأضحت جزءا من الآداب الإسلامية، والعلاقات الإنسانية، داخل المجتمع وخارجه، مع الأهل و الجيران، و مع البُعداء و الغُرباء، ومع المسلمين و غير المسلمين...
وفي القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، والسيرة العطرة المطهرة، من الصور والوصايا ما يفوق الحصر ...
في الحديث : "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللّه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ".
قال أحد العلماء في قوله :"(فليكرم ضيفه): أي من هو وارد على الإنسان، غيرُ مقيم عنده و هو ابن السبيل ، يعني المسافر إذا ورد إلى بلد آخر، و فسره بعضهم بالضيف، يعني به ابن السبيل إذا نزل ضيفا"
و مدة : "الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ"
و في تفاصيل أخرى :"الضيافة ثلاثة أيام، و جائزته يوم و ليلة، و ما أنفق عليه بعد ذلك فهو صدقة، و لا يحل له أن يَثْوِي عنده حتى يؤثِمه" قالوا : يا رسول الله كيف يؤثمه ؟ قال: " يقيم عنده و لا شيء له "
و بلغت مكانة الضيافة و أهميتها، وحق الضيف و العناية به، إلى درجة أن يؤثر المسلم الضيف على نفسه وعياله.
" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللّه صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي مَجْهُودٌ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلا مَاءٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ : لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلا مَاءٌ، فَقَالَ: "مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللَّه؟" فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللّه، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لا، إِلا قُوتَ صِبْيَانِي، قَالَ: فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا أَصْبِحِي السِّرَاجَ وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ، فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ، قَالَ: فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "قَدْ عَجِبَ اللَّه مِنْ صَنِيعِكُمَا اللَّيْلَةَ"
و استحب الدين الإسلامي الترحيب بالضيوف، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم وفد عبد القيس قال: "مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ الذينَ جَاءوا غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى" .
و قال عبد الله بن عمرو :" من لم يضيف ، فليس من محمد و لا من إبراهيم "
و هذه النصوص كما قال أحد العلماء:" تدل على وجوب الضيافة يوما و ليلة" ... "وذهب الإمام أحمد إلى أن له المطالبة بذلك إذا منعه، لأنه حق واجب ..."
وفي كتب السيرة أن أهل نجران - و كانوا نصارى- لما وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا مسجده في تجمُّل و ثياب حسان، و قد حانت صلاة العصر فقاموا يصلون في المسجد النبوي إلى المشرق، فأراد الناس منعهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوهم، واستَقْبَلوا القبلة يُصَلون صلاتهم في طمأنينة و أمان
و يذكر ابن قيم الجوزية {ت751ه} في أحكام أهل الذمة أن الضيافة تجب على المسلم للمسلمين، و غير المسلمين لعموم حديث :" ليلة الضيف حق واجب على المسلم"
و من أخبار العلماء ما جاء في كتاب الفصوص لصاعد البغدادي {ت417هـ} من أن عمرو بن عبيد، دعاه خصيب المتطبب إلى ختان ولده فأجاب، و لم يأكل- على عادته في المآدب - فقيل له : أتجيب نصرانيا ؟ فقال : نعم إنه يخِفُّ لنا، و يتعاهد مرضانا، و كان خصيب هذا يغشى أبا عمرو ابن العلاء رحمه الله و كان فصيحا..." وهذا الموقف موافق لتعاليم الإسلام، بل إن طعام أهل الكتاب حلال
قال تعالى:{اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم}
و في مقابل ما على المضيف من واجبات الضيافة، يوجد ما على الضيف من واجبات إزاء نفسه: بأن يحترمها، ولا يتعدى حدوده، ولا يتجاوز الأدب والذوق، ولا يتصرف بما يسيء، و أن لا يعترض على ما يقدم إليه من خدمات إلا إذا كان الضيف من نفس العائلة.
وليس له – بالنسبة للمسلمين - أن يسأل عن شيء سوى : أولا – عن القبلة (للصلاة) إن لم تكن لديه وسيلة لتحديدها و منها الهاتف المحمول، وثانيا- عن مرفق قضاء الحاجة لأن هذه الأشياء مما يخدم الضيف فيها نفسه، أما ما بقي فهو يأتي على شكل خدمة من المضيفين. و كثيرا ما يدل المضيف الضيف منذ الوهلة على هذه الأمور.
وفي تراثنا العربي الإسلامي أحاديث وافية، عن الضيافة و آدابها، في تآليف مستقلة ومباحث مستفيضة، نكتفي في هذه العجالة بالإشارة إلى بعضها ، فمن الصنف الأول:
أ - إكرام الضيف لإبراهيم الحربي {ت285هـ} تحقيق: د.عبد الغفار سليمان البنداري
ب – الإنافة في الصداقة و الضيافة لأحمد بن محمد بن حجر الهيثمي {ت 974هـ} تحقيق مجدي السيد إبراهيم
و من النوع الثاني :
أ‌- إحياء علوم الدين للإمام لأبي حامد الغزالي {ت505هـ} – كتاب آداب الأكل وهو الأول من ربع العادات – الباب الرابع في آداب الضيافة
ب - محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء للراغب الأصفهاني :
- جـ – الديارات لأبي الحسن الشابُشتي {ت 388هـ} -
- جاء في تقديم محقق الكتاب كوركيس عواد أن " الديارات الجليلة الشأن لا تخلو من دور ضيافة ينزلها زوار الدير و المجتازون به "
- من هذه الديارات : دير مرمار بسر من رأى وفيه أن الفضل بن العباس بن المامون ذكر أنه خرج ذات مرة مع المعتز للصيد ، قال : فانقطعنا عن الموكب أنا و هو و يونس بن بُغا. فشكا المعتز العطش. فقلت له: يا أمير المومنين إن في هذا الدير راهبا أعرفه له مودة حسنة خفيف الروح و فيه آلات جميلة، فهل لأمير المومنين أن نعدل إليه ؟قال :افعل ، فصرنا إلى الديراني فرحب بنا و تلقانا أجمل لقاء و جاءنا بماء بارد وعرض علينا النزول عنده و قال :تبتردون عندنا و نحضركم ما تيسر في ديرنا فتنالون منه ...ثم جاءنا بخبز و أشاطير و ما يكون مثله في الديارات ، فكان من أنظف طعام و أطيبه أحسن آنية، فأكلنا و غسلنا أيدينا ...
المغاربة و الضيافة و إكرام الضيف
- المغاربة كرماء أسخياء بطبعهم ، إذا نزل بهم الضيف، لم يترددوا في استقباله وفق ما يقتضيه الدين، و ما جرت به العوائد والأعراف، ولو كلفهم الأمر أن يستدينوا لتوفير لوازم الضيافة، و القيام بواجبها على أحسن ما يرام ، وفي الأمثال المغربية شواهد على ذلك نذكر منها على سبيل المثال:
- " الضيف غير ضيف وخا يجلس الشتاء و الصيف"
- " الضيف ما يتشرط أُو مول الدار ما يفرط "
- " ضيافة النبي ثلاثة أيام "
- "" ضيف ساعة لا تخمم فيه "
وقالوا في ذم من لا يحتفي بضيوفه
- " الضياف عند الدجاج "
و قالوا في الضيف الثقيل
- " أنا ضيفكم الظريف هنا نشتي، هنا نصيف، و نزيد كرضة من لخريف"
- و لعل من أبرز مظاهر عناية المغاربة بالضيوف اهتمامهم بالغرفة المخصصة لهم في المنازل و المعروفة " ببيت الضيافين" أو " صالون الضياف " وتكون في الغالب على مساحة كبيرة في أحسن موقع في البيت، و أقربه من الباب الرئيس،و إلى جانبه مرفق النظافة و قضاء الحاجة، بل كان الميسورون من المغاربة – قديما- يبنون مساكن خاصة بالضيوف يسمونها دار الضياف أو الدويرية، و لا عجب فهذا مما رغب فيه الدين حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فراش للرجل، وفراش لامرأته، وفراش للضيف، والرابع للشيطان."
أما أن تستأجر للضيف غرفة في بيت آخر أو في فندق، فقد نهى عنه الإسلام لما فيه من التكلف، خاصة إذا كان للمضيف بيت يكفي الأهل والضيوف، فعن سلمان رضي الله عنه قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتكلف للضيف ما ليس عندنا.
خاتمة
هذه بعض الملامح العامة، لآداب الضيافة و استقبال الآخر ( الغريب )، في الثقافة الإسلامية بالمغرب، تبدأ بالترحيب بالضيوف، بكلمات معبرة عن مشاعر الفرحة والسرور، كـقولهم :" مرحبا" و "أهلا وسهلا" مقرونة في كثير الأحيان، بتقديم التمر والحليب لكل واحد من الضيوف ...
وتنتهي الزيارة بتشييع الضيف و الخروج معه إلى باب المنزل، أو إلى سيارته أو نحو ذلك، إكراماً له، واعتاد المغاربة في هذا الموقف، أن يودعوا ضيوفهم، بالدعاء لهم، بمثل قولهم: مع السلامة...