الرسالة الثالثة:
واعدتك في الرسالة الماضية ،أن أحدثك عن خطبتنا ، متى ستتم ؟ وكيف ستكون ؟ فماذا فعلت من ذلك اليوم إلى الآن ؟
لقد قمت بما ينبغي أن يقوم به كل مسلم ، وهو يضع الحجر الأساس لبناء أسرته ، توضأت وصليت وحمدت الله وأثنيت عليه ، ثم توجهت إليه سبحانه مستخيرا إياه فيما أنا عازم عليه.
بعد ذلك وبهذه النية ، وفي هذه الأجواء ، ذهبت إلى والدك في بيته، حيث يعيش مع زوجته ، التي اقترن بها ، بعد المشمولة برحمة الله أمك ، فوجدت فيه مثال الأب النبيل ...
لقد رحب بي ، ووافق على طلبي دون تردد أو تلكؤ ، ولم يكن له من شرط غير أن امهله قليلا حتى يستشيرك ويعرف رأيك ، فحمدت له صنيعه وشكرت له استقباله وحسن ضيافته ، ثم افترقنا على أساس أن يتم الاتصال بيننا في وقت قريب ...
وبالأمس لا غير ذهبت الى والدك من جديد ، فأبلغني موافقتك ورضاك ، فكانت لحظة من أسعد اللحظات في حياتي .
لقد اتفقنا يا عزيزتي – أنا وأبوك – على يوم الجمعة القادم موعدا للخطبة ، واتفقنا على أن تكون متواضعة بسيطة ، وأن لا تتعدى حدود الأهل الذين لابد من حضورهم معنا في هذه المناسبة السعيدة.
عزيزتي البتول:
لعلك فيما فهمت من أختي ، أنك كنت تريدين خطبتك ، صرخة مدوية ، يعلم بها القاصي والداني ، وتصاحبها كثير من المظاهر ،التي اعتاد الناس إقامتها في مثل هذه المناسبة ، لكن عليك أن تعلمي أيتها البتول الغالية ، أن الخطبة ليست سوى وعد بالزواج ، قد توصل إلى الثمرة المرجوة منها ، وقد تفشل فيصبح ذلك الإشهار ، جملة لا محل لها من الإعراب .
إن ما يسمى عندنا في المغرب بالزغاريد ، فضيحة كبرى ، كثيرا ما تكون الفتاة ضحيتها الأولى ، خصوصا وأن كثيرا من الناس لا يدعون هذه المناسبة تمر، دون أن يسجلوها بالأشرطة والصور التذكارية ، وتبادل خاتمي الخطبة مشفوعة بالقبل أحيانا ... يقع كل ذلك والحال أن الخطيبين لا يزالان في مفترق الطرق ... ولعل هذا من الأسباب التي دعت الفقهاء قديما إلى اعتبار الخطبة ملزمة ، و لا اختيار مع الإشهار وسماع الجيران
عزيزتي البتول:
لا ينبغي أن تفهمي من هذا الكلام أنني متشائم من المستقبل ، أو أنني أحمل في جعبتي نية سيئة ، ولكن عليك أن تثقي أنه ليس هناك شيء أسلم لحبنا من السير في الطريق المعبد الذي رسمه لنا ديننا القويم ، وسار فيه أسلافنا الكرام من قبل
إننا ما نزال في حكم الأجنبيين عن بعضنا ، وما تزال أمامنا امتحانات عسيرة ، هي التي ستقرر مصيرنا ، ويوم نجتازها بأمان نعلن أمرنا ونقيم الولائم والأفراح وحينئذ سأعوضك عن كل ما فات فلا تستعجلي يا عزيزتي فاللقاء قريب والسلام
الوفي المخلص: م.عبد الله