بطاقة تعريفية

فضيلة الدكتور محمد عز الدين المعيار الإدريسي

مواقع التواصل

السياسة الدينية في فكر القاضي عياض (476 - 544 هــ )

تاريخ نشر المقال 27-04-19 12:18:40

    قبل ولوج هذا الموضوع و خوض غماره، في حدود ما يتسع له الوقت المخصص لهذه المشاركة ، أمهد لها بمقدمتين :
الأولى : لماذا القاضي عياض بالذات ؟ و الثانية : ما المقصود بالسياسة الدينية ؟ وماذا تعني الثوابت الدينية
المقدمة الأولى: يبدو أن عياضا، خيرُ من يمثل العالِم المغربي النموذج فهو "رأس علماء المغرب في الإسلام، صدق علمه شهرته، داخل المغرب و خارجه "
و هو كذلك أبرز - و ربما أول - عالم مغربي يلتقي فيه ما أصبح يعرف اليوم بالثوابت الدينية ، و من ثم نال ما نال من تقدير و إجلال ، لخصته تلكم المقولة الشهيرة " لولا عياض ما ذكر المغرب "
قال محمد الصغير الإفراني : (المتوفى في نحو 1156هـ): "شاع الآن على الألسنة أن يقولوا :" لولا عياض ما ذكر المغرب " ولم أقف عليها لأحد من الأقدمين ، ولا يبعد ذلك من حاله رحمه الله ، فقد كان مفخرة من مفاخر المغرب، و آية من جلالة أهله تُعرِب "
و الواقع أن المقولة وردت قبل الإفراني نجدها قبله بنحو قرن و نصف في كتاب شمس المعرفة للحلفاوي ( المتوفى على رأس المائة العاشرة للهجرة) حين قال :" قال العلماء من أهل الرسوم : لولا عياض ما ذكر المغرب ، و قال أهل الفهوم : لولا الشفا ما ذكر عياض بين الرسوم ، لأن غيره قد ألف أكثر من تواليفه، وهو مع ذلك غير معلوم "
ومما يدل أيضا على مكانة القاضي لدى الخاصة و العامة، ما نقل عن أبي عبد الله بن المبارك(ت1085هـ) قال: "لما قدم أبو علي اليوسي لزيارة ضريح عياض في حدود المائة وألف ،عرض له جيران ضريح أبي الفضل فقالوا له :" يا سيدي أرنا حد حرم أبي الفضل ، يعنون من ضريحه إلى باب حومته القريب ، فقال لهم: أبو علي : المغرب كله حرم لأبي الفضل رحمه الله
المقدمة الثانية : مفهوم السياسة الدينية :
راجت في الثقافة الإسلامية ، في فترات مختلفة وما تزال بعض المفاهيم ذات الصلة بالسياسة والدين ، كالأحكام السلطانية والتي لعل أقدم مصنف فيها في الغرب الإسلامي هو "كتاب السياسة أو الإشارة في تدبير الإمارة "لأبي بكر الحضرمي المرادي ( ت 489 هـ ) والسياسة الشرعية، وأدب الدنيا و الدين ، والإسلام دين ودولة ، و سياسة الدين ونحو ذلك، وأصبحت اليوم علوم سياسة الدين أو السياسة والدين أو الدين والسياسة ، واحدة من احدث الفروع الجانبية للعلوم السياسية.
- وعلى الرغم من كل ذلك ،فإنه ليس من همنا هنا أن نضع تحديدات نظرية دقيقة لهذه المصطلحات أو الإطلاقات ، و إنما سننطلق من أبسط معاني السياسة ، وهو القيام على الشيء بما يصلحه و بمعنى استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في الدنيا و الآخرة على حد تعبير التهانوي في كشاف الاصطلاحات والفنون
- و يعنينا في هذا السياق من ذلك ، مسؤولية العلماء من زاوية رسالتهم المنوطة بهم ، من منطلق حفظ ميراث النبوة و تبليغه بكل أمانة في إطار الحديث النبوي الشريف: "يحمل هذا الدين من كل خلف عدوله "
أما الثوابث جمع ثابت فمن معانيها في اللغة القوة والمتانة والرسوخ، والثوابت الدينية بالنسبة للمغرب، تعني تلكم الثوابت التي قامت على الأصلين الكتاب و السنة و ما تفرع عنهما، و التي ظلت منذ إرساء دولة الإسلام بالمغرب الأسس والمقومات التي تضمن الوحدة والأمن والاستقرار في هذا البلد الأمين
وهي في مقدمة مكونات الهوية المغربية ، التي هي من السمات والملامح التي يكون بها التميز عن الغير من حيث الخصائص الذاتية ومن حيث التفرد و الاستقلال عن الآخر، و ذلك بسبب مجموعة من العناصر والمكونات والمقومات الأصيلة، التي من أهمها: الدين واللغة والوطن.
بعد هاتين المقدمتين الممهدتين ، أنتقل إلى صلب الموضوع الذي سأتناوله من خلال أربعة محاور و فق الثوابت و بإيجاز كبير :
المحورالأول: العقيدة الأشعرية
إن الباحث في علاقة القاضي عياض بالمذهب الأشعري، يواجه إشكالا يتصل بعلاقة العصر المرابطي نفسه بهذا المذهب، ذلك أن ما يتداوله المؤرخون هو "ما حيك حول مهدي الموحدين من أن علماء المغرب في عهد المرابطين، لم تكن لهم معرفة بالجدل والنظر ، وأنهم لذلك ـ لم يستطيعوا أن يثبتوا له في مناظراته، وأن التجسيم كان غالبا عليهم في الاعتقاد فجاء المهدي بن تومرت بعقيدة التوحيد ونشرَها وسمى أتباعه بالموحدين، إلى آخر ما قيل وكرر "
و هو ما ضخمه ألفريد بل حسب ما فهمه من كلام صاحب المعجب عن هذه الفترة فقال إنه " في أيام حكم المرابطين ، لم يكن لسكان المغرب من مرشدين روحيين غير فقهاء ضيقي العقول ، فقهاء كان كل علمهم مقصورا على المذهب المالكي ، و هؤلاء الفقهاء نزلوا بالدراسات الدينية إلى مستوى دراسات قواعد التشريع مهملين دراسة العقائد واستطاعوا بفضل تأييد الأمير المطلق لهم و احترام الشعب لأشخاصهم أن يفتوا بجواز أمور تتنافى مع الشرع ..."
وهذا غير صحيح لأن الأمر يتعلق بخدعة سياسية أذاعها ابن تومرت وأنصاره لتوطيد نفوذهم في نفوس الجماهير؛ فكان المؤرخون من أبرز ضحايا هذه الخدعة، ذلك أن زمن ما قبل العصر المرابطي وأثناءه عرف مدرسة تخرج بها القاضي عياض و من قبله شيوخه الذين تعلم عليهم علم الكلام وأصول الدين وما يتصل بذلك من جدل ومناظرة ومعرفة بدقائق آراء المخالفين لأهل السنة، كما تخرج بها كثير من علماء المغرب الذين اشتهروا بعلم الكلام وترجم لهم القاضي في « ترتيب المدارك »، فهذه المدرسة « كانت على علم تام بالجدل والمناظرة وأصول الدين والكلام على مذهب أبي الحسن الأشعري، و كتب الأشاعرة في علم الكلام كانت معروفة بين رجالها يتدارسونها في كافة أنحاء المغرب »، وذلك ما حدا بأحد الدارسين أن يؤكد على تمثيل عياض لأهل السنة فيقول: « كان عياض ـ كما يبدو من التقويم العام لشخصيته الفكرية والعلمية ـ أشعري العقيدة مالكي المذهب، تنطق بذلك عامة كتبه، كما يتجلى في منافحته عمن ينعتهم بأصحابنا، ويحتج بالنقل عنهم في تقرير العقائد وغيرها »،
وعلى الرغم من سلفية ابن رشد الجد، فإن جوابه على رسالة أمير المسلمين علي ابن يوسف في الموضوع ، جاء انتصارا للعقيدة الأشعرية، حيث اعتبر أعلامها أئمة خير وهدى، وممن يجب بهم الاقتداء، لكنه في المقابل أوجب على من ولاه الله أمر المسلمين ، أن ينهى العامة المبتدئين ، من قراءة مذاهب المتكلمين من الأشعريين... ومع ذلك فقد احترم الأشاعرة، موقف ابن رشد هذا، وظلوا يذكرونه بإكبار.
وسنستدل على أشعرية القاضي عياض بجملة من الأدلة ،ثم نذيلها بأمثلة من فكره العقدي ، و ذلك بإيجاز شديد
الدليل الأول:
يعتمد هذا الدليل عل أن هناك مدرسة أشعرية في الغرب الإسلامي تتكون من الممثلين الأوائل للمذهب وتلاميذهم في هذا الجناح الغربي من العالم الإسلامي، خلال قرنين تقريبا من ميلاد القابسي ( 324 - 403هـ ) إلى وفاة القاضي عياض ( ت 544 هـ )؛ فقد رحل كثير من هؤلاء من القيروان والأندلس والمغرب، إلى المشرق وأخذوا علم الكلام الأشعري عن أصحابه، وسنذكر من هؤلاء الممثلين الأوائل للعقيدة الأشعرية في الغرب الإسلامي خمسة من الأعلام بأسمائهم فقط لضيق الوقت و هم على التوالي:
الأول:ـ أبو الحسن القابسي ( 324 ـ 403 هـ )،
والثاني: أبو عمر الطلمنكي( 340- 429هـ)
والثالث أبو عمران الفاسي( 368 ـ 430هـ)، تفقه بأبي الحسن القابسي، ورحل إلى الأندلس والمشرق، ودرس الأصول على موطد أركان المذهب الأشعري أبي بكر الباقلاني؛ فكان نافذا في علم الأصول,
والرابع: سليمان بن خلف أبو الوليد الباجي ( 403- 474هـ }
والخامس: محمد بن الحسن أبو بكر الحضرمي المرادي ( ت 489 هـ )،
من التلاميذ الذين أخذوا علم الكلام عن أبي الوليد الباجي ( 403 ـ 474 هـ ) والذين أخذ عنهم القاضي عياض وترجم لهم في « الغنية »:
1 - الإمام أبو بكر الطرطوشي ( ت 520 هـ )
2 - أبو القاسم عبد الرحمان بن محمد المعافري ( ت 502 هـ )
ومن شيوخ القاضي عياض شيخان كانا ممن عمل على ترسيم المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي، وقد ترجمهما في « الغنية ».
ويعتبر هذان الشيخان من أقوى الأدلة على أشعرية القاضي عياض
3- يوسف بن موسى الكلبي المتكلم النحوي، أبو الحجاج الضرير ( ت 520 هـ ) يقول عنه القاضي عياض في « الغنية »: كان من المشتغلين بعلم الكلام على مذهب الأشعرية ونظار أهل السنة سكن بلدنا مدة ( يعني: مدينة سبتة )
4 - أبو بكر بن العربي المعافري(468 - 543هـ)
نخلص من هذا إلى أنه كانت هناك مدرسة تخرج بها القاضي عياض وشيوخه وشيوخهم في العقيدة الأشعرية و « الغنية » هي الدليل الذي لا يدع مجالا للشك على وجود هذه المدرسة الأشعرية بالغرب الإسلامي قبل العصر المرابطي وأثناءه ، وذاك دليل في الوقت ذاته على أشعرية القاضي عياض باعتباره كان نتيجة من جملة نتائج هذه المدرسة التي تجسد شجرتها فهرسة الشيوخ « الغنية ».
الدليل الثاني:
وهناك دليل ثان على أشعرية عياض قدمه العلامة المحقق محمد بن تاويت الطنجي في مقدمة تحقيق الجزء الأول من « ترتيب المدارك » ويتعلق بكتاب آخر للقاضي عياض وهو كتاب « الشفا » قال: « واحتجاج عياض المتكرر في كتاب « الشفا » بآراء أبي الحسن الأشعري والقاضي أبي بكر الباقلاني وأبي بكر بن فورك وأبي المعالي إمام الحرمين الجويني يثبت كل ذلك صلته الوثيقة بمذهب الأشعرية وبكتبهم وقراءته لمؤلفاتهم في الاعتقاد، ووصفه للباقلاني وأبي بكر بن فورك بقوله: « من أئمتنا » دال على أنه أشعري المذهب ».
الدليل الثالث:
وهناك دليل آخر على أشعرية عياض، يتعلق بمعرفته الواسعة بالمذاهب الاعتقادية وآراء أصحابها، وقد أوضح انتماءه الأشعري في مواضع من كتاب « الشفا » وغيره ، من ذلك قوله في ختام الباب الثالث في الإخبار بعظيم قدره : « ثبتنا الله وإياك على التوحيد والإثبات والتنزيه، وجنبنا طرفي الضلالة والغواية من التعطيل والتشبيه بمنه ورحمته ».
الدليل الرابع:
وهناك دليل رابع على أشعرية عياض يتعلق بترجمته لأعلام المذهب الأشعري في كتابه « ترتيب المدارك » وعلى رأسهم مؤسس المذهب أبو الحسن الأشعري، فقد تعرض في ترجمته لأمور تؤكد انتماءه للعقيدة الأشعرية من جميع الجوانب من ذلك:
- مضامين عقيدة الأشعري ومنهجه
و قال عن ثناء أهل السنة عليه وعلى مذهبه : « فأهل السنة من أهل المشرق والمغرب بحججه يحتجون، وعلى منهاجه يذهبون،وقد أثنى عليه غير واحد منهم، وأثنوا على مذهبه وطريقه ».
تلك جملة من الأدلة على أشعرية القاضي عياض.
و هذه بعض النماذج من فكره العقدي من كتبه:
- رؤية الله تعالى في الجنة: حكى القاضي عياض إجماع الأمة على رؤية الله تعالى في الآخرة فقال عند شرحه لحديث :"إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله تبارك و تعالى : تريدون شيئا أزيدكم ..."قال :" مذهب أهل السنة أجمعُهم جواز رؤية الله عقلا ، و وجوبها في الآخرة للمومنين سمعا ، نطق بذلك الكتاب العزيز، وأجمع عليه سلف الأمة "
و في معرض حديثه عن أنواع العبادة :- الخوف والرجاء والدعاء والمحبة و الذكر و النذر - قال عن المحبة : "إن محبة الله تعالى ثمرة المعرفة به و بصفاته العلى "، و عند شرحه لحديث :"ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان " قال:"و حب العبد لله على قدر معرفته لجلاله وكمال صفاته و تقدسه عن النقائص ، و فيض إحسانه ، و أن الكل منه ، وكل جمال و جلال فمضاف إليه ، و كل فضل وإجلال فمن بسط يديه لا إله غيره "
و في موضوع مصادر معرفة أسماء الله تعالى قال القاضي عياض مبينا مذهب الأشاعرة في ذلك فقال :" مذهب الأشعرية أن أسماء الله توقيفية لا يسمى سبحانه إلا بما سمى به نفسه في كتابه ، أو على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم ، أو انعقد على التسمية به إجماع" وفي تسمية الله تعالى برمضان ذهب القاضي عياض إلى أن رمضان ليس اسما من أسماء الله تعالى و أجاز أن يطلق مجردا عن كلمة شهر لأن الأحاديث قد صرحت بذلك كقوله صلى الله عليه و سلم :" من قام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "
القول بالمجاز و التأويل في أحاديث الصفات :مثال ذلك :صفة الكلام :فقد بين القاضي عياض أن كلام الله تعالى تام لا يدخله نقص ، كما يدخل كلام البشر،
وتأول هذه الصفة بتأويلات و ذلك في معرض شرحه لحديث :" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة و لا ينظر إليهم "
قال :" معنى (لا يكلمهم ) :أي بكلام أهل الخير و إظهار البر ، بل بكلام أهل السخط و الغضب ، و قيل: لا يسمعهم كلامه بغير سفير ، و قيل :معنى ذلك :الإعراض و الغضب "
و حمل القاضي عياض صفة "ضحك الله " على الاستعارة لأنه الله تعالى لا يجوز عليه الضحك المعلوم لأنه إنما يصح من الأجسام و ممن يجوز عليه تغير الحالات والله منزه عن ذلك ثم تأوله برضى الله على فعل عبده و محبته للقائه ، و عند شرحه لحديث :" لا يزال يدعو حتى يضحك الله منه ..." قال :" جاءت الآثار الصحيحة بإضافة الضحك إليه ، فحمل العلماء ذلك على الرضى بفعل عبده و محبته للقائه ، و إظهار نعمه و فضله عليه و إيجابها له "
عصمة الأنبياء : قال عياض :"... و أما عصمتهم قبل النبوة فللناس فيه خلاف و الصواب أنهم معصومون قبل النبوة من الجهل بالله و صفاته و التشكك في شيء من ذلك ، و قد تعاضدت الأخبار والآثار عن الأنبياء بتنزيههم عن هذه النقيصة منذ ولدوا و نشأتهم على التوحيد و الإيمان ، و لم ينقل أحد من أهل الأخبار أن أحدا نبيء و اصطفي ممن عرف بكفر و إشراك قبل ذلك ، و مستند هذا الباب النقل "
كما نص عياض على عصمة الأنبياء من جميع الذنوب صغيرها و كبيرها ، لأنه لو صح ذلك منهم لما لزمنا الاقتداء بهم في أفعالهم و تقريراتهم و كثير من أقوالهم و حكى إجماع الأمة على عصمة الأنباء فيما كان طريقه البلاغ و كذلك عصمتهم من الشيطان ، قال : " و اعلم أن الأمة مجمعة على عصمة النبي صلى الله عليه و سلم من الشيطان و كفايته منه ، لا في جسمه بأنواع الأذى ، و لا في خاطره بالوساوس"
المحور الثاني : المذهب المالكي:
يشعر الباحث منذ الوهلة الأولى وهو يجيل النظر فيما كتب حول عياض الفقيه بأنه لم يحظ بما يستحق من البحث والدراسة مع أن جانب الفقه من شخصيته العلمية هو الأول والأقوى
كان القاضي عياض عند قيام الدولة الموحدية ، أحد رموز المالكية البارزين في الغرب الإسلامي ، و في غيره من بلاد الإسلام
و لا عجب فقد كان كما وصفه ابن فرحون :" فقيها أصوليا ,,, بصيرا بالأحكام عاقدا للشروط حافظا لمذهب مالك رحمه الله تعالى ,,, صلبا في الحق "
و ألف في هذا المجال مؤلفات تشهد بعلو كعبه و طول باعه
وإن الناظر في مؤلفات القاضي عياض ليقف مندهشا أمام كثير من التخريجات والتوجيهات والاستنباطات الدقيقة لكثير من القضايا الفقهية وغيرها والتي تدل على ما أوتيه من ذهن متيقظ، وفهم ثاقب، وإدراك عميق لضوابط النصوص ومعانيها، وبعد نظر محكم لمقاصد النصوص وكيفية تنزيلها على القضايا والنوازل وإبصار دقيق بقضايا المجتمع، وجرأة فائقة على انتقاد غيره، يضاف إلى هذا ما أوتيه القاضي عياض من اطلاع واسع على قضايا الخلاف العالي، وقد قيل "من لم يعرف الخلاف لم يعرف الفقه"، مما يجعله أحد رواد علم الخلاف في المدرسة المالكية بالغرب الإسلامي،
و قد بلغ رحمه الله تعالى درجة الاجتهاد والنظر في المذهب، حتى إنه خالف الإمام مالكا في واحد وثلاثين مسألة، تتبعها أهل العلم فوجدوها دائرة في الطهارة والصلاة والجنائز والنكاح والبيوع والأوقاف
وفي "مسائل أبي الوليد ابن رشد" ( الجد) كما جاءت تسميتها في نسخة زميلنا الراحل الدكتور محمد الحبيب التجكاني رحمه الله ،" فتاوى ابن رشد "كما جاء في نسخة الدكتور المختار بن الطاهر التليدي نحو 100 سؤال من القاضي عياض
وكانت أسئلة عياض لابن رشد قد توالت ما بين سنة 515 و 518 هـ ومعلوم أن عياضا ولي القضاء لأول مرة سنة 515هـ ومن ثمة كان لجوؤه إلى شيخه الكبير ابن رشد في كثير مما كان يعترضه من قضايا أمرا طبيعيا مع ما في أسئلة عياض من ذكاء و شفوف مما لا حظه الشيخ منذ أول لقائه به
و كتب أكثرها باسم "القاضي بسبتة أبي الفضل بن عياض "
وقيمة هذه المسائل تكمن في انبثاقها من وقائع ملموسة و حاجات وظروف ملحة في زمن و مكان معينين و ما أدت إليه من أحكام اجتهادية ، وحل لمشكلات مستعصية ، كما أن قيمتها يشترك في أهميتها السؤال و الجواب على حد سواء
وكان عياض يبعث في كل مرة من سؤال إلى خمسة عشر سؤالا وتدور في مسائل متعددة لا يتسع المجال هنا لاستعراضها و هذا نموذج موجز منها :
نماذج من فقه عياض :
- القراءة الجماعية : في صحيح مسلم في كتاب الذكر و الدعاء - باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن و على الذكر جاء في آخر الحديث ".. و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الحديث "
قال المازري : " ظاهره يبيح الاجتماع لقراءة القرآن في المساجد "
قال القاضي عياض :" قد يكون هذا الاجتماع للتعلم بعضهم من بعض بدليل قوله :"ويتدارسونه بينهم" ومثل هذا لم ينه عنه مالك و لا غيره ."
-إباحة قراءة القرآن للجنب، و الغريب في الأمر أنه بالنسبة له لم يكن يدخل إلى كتبه إلا على طهارة ، و كأنه كان يشجع طلبة العلم على حفظ القرآن و لو على غير طهارة
- وعلى الإمام عشر وظائف ، ذكر منها : "أن يجزم تحريمه وتسليمه ، و لا يمططها لئلا يسابقه بهما من وراءه " كأنه يضع منذ ذلك العهد دليلا للإمام و الخطيب
- ممنوعاتها ( الجمعة) المختصة بها عشر " ... و التنفل لها منذ يخرج الإمام على الناس للخطبة و التنفل بعدها في المسجد و هو للإمام أشد كراهية ... و تخطي الرقاب منذ يجلس الإمام على المنبر ..."
- الصيام :" المستحب عشرة ....و ست من شوال إذا صيمت لما ورد فيها من الفضل ، لا لتجعل سنة "
- الحج على ثلاثة أضرب :إفراد الحج وحده عند الإحرام وهو أفضلها
- و مستحباته و فضائله خمس و عشرون فضيلة : الإفراد به دون التمتع و القران
المحور الثالث :التصوف السني :
إذا كان التصوف يعني الاستغراق في الالتزام بالقيم، و التجليات السلوكية الروحية المؤسسة على توجيهات الكتاب العزيز و السنة النبوية المطهرة ، فإن القاضي عياضا يشكل نموذجا صوفيا بامتياز، أهلته لذلك تربيته الأسرية، ومشيخته العلمية، و التأثر و التأثير في نخبة من متصوفة زمانه فضلا عن مصنفاته الناهلة من المنابع الصوفية العذبة الصافية
قال القاضي أبو الفضل رضى الله عنه في معرض تمهيده للحديث عن أعلام مذهب مالك في ترتيب المدارك :" ... وأثبتنا من حِكَم حكمائهم، ورقائق وعاظهم، ومناهج صلحائهم وزهادهم ، ما ترجى بركته ولا تخيب – إن شاء الله تعلى – منفعته . وقد قال سفيان بن عيينة، رحمه الله : "عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة".
وكان عياض كما وصفه ولده محمد في التعريف :"... صغير النفس غير متكبر ، جوادا سمحا ، من أكرم أهل زمانه كثير الصدقة و المواساة ، عاملا مجتهدا ، صواما ، يقوم ثلث الليل الآخر لجزء من القرآن ، لم يترك ذلك قط على أية حالة حتى يغلب عليه ، متدينا متورعا ، متواضعا متشرعا "
لكن عندما نرجع إلى كتاب التشوف إلى رجال التصوف لابن الزيات التادلي باحثين عن ترجمة القاضي عياض نفاجأ بخلوه منها وكان " من حق القاضي يوسف التادلي صاحب التشوف أن يذكر القاضي عياضا و الإمام السهيلي لأنه إن لم يكن العلماء أولياء لله فليس من ولي " على حد تعبير القاضي العباس بن ابراهيم المراكشي ، وتساءل الأستاذ أحمد التوفيق في مقدمة تحقيقه لكتاب التشوف تساؤلات تفتح آفاق واسعة للبحث عن أسباب هذا الإقصاء : يقول الأستاذ" يجوز لنا أن نتساءل عما إذا كان التادلي قد ترجم لجميع الزهاد و الصالحين الفضلاء في المنطقة التي اهتم بها في المدة التي تناولها ، فلماذا لم يدرج في كتابه ترجمة القاضي عياض ، مؤلف الشفا رغم "منحاه الزهدي " ؟ و لماذا لم يترجم للسهيلي صاحب الروض الأنف ؟ و ماذا يقصد عندما يذكر أن الفقهاء قد ظهر عوارهم بصدد قضية الإحياء ؟ "
و نص عبارة التادلي المشار إليها هي قوله :" و ما طعن عليه ( يعني أبا حامد الغزالي ) إلا علماء الدنيا الذي أظهر عوارهم و النهار لا يحتاج إلى دليل "
و يبدو أن أبا الفضل لم يوغل بعيدا في تبني "الأطروحات " الصوفية ، و إنما وقف عند حدود الاختيارات الأخلاقية المؤصلة ، فقد كان يرى مثلا أن أبا حامد الغزالي " لو اختصر هذا الكتاب ، و اقتصر على ما فيه من خالص العلم ، لكان كتابا مفيدا "
و إذا لم يترجمه التادلي فقد ترجمه من جاء بعده كابن صعد التلمساني (ت 901هـ) الذي خص القاضي عياضا في كتابه :"النجم الثاقب فيما لأولياء الله من المناقب" بترجمة ضافية يقول في مطلعها " كان رحمه الله من أولياء الله بالبلاد المغربية ، و ممن أجمع على فضله و علمه علماء الفقه و أكابر الصوفية " و يقول في أواخرها : "و تواليفه رحمه الله دالة على ما له عند الله من الكرامة و العناية ، فمن تأمل انتفاع المسلمين بها شرقا و غربا علم أن ذلك من أسرار القرب و الولاية ، و كتابه الشفا هو وسط القلادة ، و برنامج السعادة "
كما خصه محمد الصغير الإفراني في كتابه " درر الحجال في مناقب سبعة رجال " بترجمة خاصة في سمط من الأسماط كما سماها؟
قال :"السمط الثاني في ذكر الإمام بحر العلم الفياض ، و نَشْرِ محاسنه التي هي أبهى من زهور الرياض ، و ذِكْر مناقبه التي هي عد قطرات الحياض ، قاضي القضاة أبي الفضل سيدي عياض " وترجمه غيرهما ..
وسند أبي العباس السبتي كما تذكر المصادر والمراجع يرتفع في الطريقة إلى الأقطاب :الغزالي و الجيلاني و أبي يعزى بواسطة سندين من رجالهما القاضي عياض:
أولهما :عن أبي عبد الله الفخار شيخه بسبتة : عن القاضي عياض عن أبي بكر بن العربي عن الغزالي و أبي يعزى .
و ثانيهما عن أبي عبد الله بن الفخاركذلك : عن القاضي عياض عن أبي علي الصدفي عن عبد القادر الجيلاني.
و شيخُه ابن العربي موصول السند بالغزالي أخذ عنه المرقعة كما أخذها عنه بدوره بعض تلامذته كأبي يعزى يلنور و أبي الحسن ابن حرزهم الذي قال :"ألبسني القاضي أبو بكر بن العربي ، قال: ألبسني أبو حامد الغزالي ، قال :ألبسني إمام الحرمين أبو المعالي عن أبي طالب مكي عن أبي القاسم الجنيد عن السري السقطي عن معروف الكرخي إلى آخر السلسلة
و في إطار "مناظراته " أي مناظرات القاضي عياض لبعض متصوفة عصره ، أفاد ابن خلكان أنه " كانت بينه و بين ابن العريف مكاتبات حسنة ..." و قال :إنه رأى لابن العريف رسالة كتبها إليه فأحب ذكرها ، ثم أضرب عنها لطولها "
نماذج من مشيخته الصوفية : نص القاضي عياض في الغنية على نخبة من شيوخه المتصوفة ، و أغدق عليهم نعوت التبجيل و الإكبار ، و قرأ عليهم مصنفاتهم في الفن مما لا يتسع الوقت لذكره
من أبرزهم : محمد بن خميس الصوفي الشيخ الصالح قال عياض : " له تأليف سماه المنتقى من كلام أهل التقى " سمعت منه بعضه من لفظه ، و أجازني في كتاب الرعاية لحارث المحاسبي "
أعلام متصوفة في ترتيب المدارك : مما يثير المتأمل في مميزات الأعلام المترجمين في "ترتيب المدارك " انتقاء القاضي عياض لنخبة من المتصوفة المالكيين الكبار الذين تتبع دقائق سلوكاتهم ، مركزا على إشراقاتهم ، و كراماتهم ، بل خص بعضهم بتراجم وافية منفسحة مثيرة و في صدارتهم أبو بكر الشبلي (ت344هـ) الذي وسمه ب " شيخ الصوفية و إمام أهل علم الباطن ، ذي الأنباء البديعة ، و الآثار الغريبة ، و أحد المتصرفين في علوم الشريعة ... صحب الجنيد و من كان في عصره ، و كان نسيج وحده له حال و ظرف و علم مالكي المذهب "
و منهم : ربيع القطان (ت334هـ) الذي وصفه بأنه " من الفقهاء المعدودين و العباد المجتهدين ، و النساك أهل الورع و الدين ... و كان لسان إفريقيا في وقته في الزهد و الرقائق "
- الشفا و إشراقات صوفية : لا شك أن كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى " هو الذي يعكس الروح الشفافة للقاضي عياض رحمه الله يقول في المقدمة :"أشرق الله قلبي و قلبك بأنوار اليقين ، و لطف لي و لك بما لطف به لأوليائه المتقين ، الذين شرفهم الله بنُزُل قدسه و أوحشهم من الخليقة بأنسه ، و خصهم من معرفته و مشاهدة عجائب ملكوته ، و آثار قدرته بما ملأ قلوبهم حبرة ، و وله عقولهم في عظمته حيرة ، فجعلوا همهم به واحدا ، و لم يروا في الدارين غيره مشاهدا ، فهم بمشاهدة جماله و جلاله يتنعمون الخ
و لقد صدق المقري عندما قال :" .. و لا يمتري من سمع كلامه السهل المنور في وصف النبي صلى الله عليم وسلم أو وصف إعجاز القرآن أن تلك نفحات ربانية ، و منحة صمدانية خص الله بها هذاالإمام و حلاه بدرها النظيم ذلك فضل الله يوتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم "
المحور الرابع : ( الإمامة العظمى)
عاش القاضي عياض في ظل مرحلة انتقالية صعبة من تاريخ المغرب، في خضم الصراع القوي الشرس أحيانا على السلطة بين الدولة المرابطية الآيلة للسقوط ، والدولة الموحدية الوشيكة التربع على سدة الحكم ، وكان القاضي عياض إذ ذاك ، في موقع الرجل النابه في بلده ، و العالم المرموق في وطنه، المطوق عنقه ببيعته وولائه للمرابطين ، مع عدم تقبله في قرارة نفسه ، لما قامت عليه الدولة الموحدية في أول أمرها ، من أفكار مهدوية غير مقبولة لدى القاضي عياض ،ومن على شاكلته من علماء عصره و من جاء بعدهم كما نجد عند الإمام الشاطبي في الاعتصام مثلا وعند أبي علي اليوسي في المحاضرات و غيرهما مما آثرنا عدم الخوض فيه ... وكان عياض كما قال ولده :" يأخذ الأمور بالملاطفة و السياسة ما أمكنه ، ويحل الأمور كذلك ما استطاع ، و إلا تقوى ،و كان يلاطف الأمراء ، فإن امتنعوا من الحق تقوى عليهم ... "
والمهدي بن تومرت رجل داهية عرف كيف ينسج حكاية لقائه بأبي حامد الغزالي و أنه دعا له بالانتصار على المرابطين الذين أحرقوا كتابه
هذه اللعنة التي ظلت تلاحق كل من حدثته نفسه بذلك و لم ينج منها القاضي عياض نفسه حسب بعض المزاعم التي يكذبها التاريخ ،و الواقع أن الباعث الأول لكل ذلك سياسي أيديولوجي مع العلم أن ابن تومرت كان متأثرا إلى أبعد الحدود بابن حزم لا بالغزالي
وفي المقابل كان القاضي عياض ،من أبرز خريجي المدرسة المالكية ،التي لم تكن مذهبا فقهيا فحسب ،بل مذهبا سلوكيا كذلك .
و معلوم أن الدولة المغربية قامت و الإمام مالك حي يرزق ، بل مات مؤسس الدولة شهيدا في حياته دون إغفال العلاقة المتينة التي كانت تربط الإمام بأسرة المولى إدريس بن عبد الله الكامل
كان مالك كثير السؤال عن أخبار بلاد المغرب ، داعيا للأمراء والرعية بكل خير و سداد، معتنيا بالراحلين إليه منهم من طلبة العلم ، راعيا لهم مقربا إياهم ، حتى ليغار منهم بعض زملائهم .
كان الإمام يجل عبد الله بن غانم القاضي ، و إذا جاء أقعده إلى جانبه ويسأله عن أخبار المغرب وإذا رأى أصحابه ذلك قالوا: شغله المغربي عنا
سأل مالك زياد بن عبد الرحمن شبطون عن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية الأموي أمير الأندلس ، فلما أخبره عن ما هو به و حسن سيرته ، قال مالك :"ليت الله زين سمتنا بمثل هذا
و دون الإطالة في هذه النقطة، هذه جملة من النصوص لعياض في موضوع الإمامة العظمى اخترناها من خلال كتاب إكمال المعلم :
1 - قال عياض: "و قول : (الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم لمسلمهم ، و كافرهم لكافرهم) هذه الأحاديث وما في معناها في هذا الباب حجة أن الخلافة لقريش ، و هو مذهب كافة المسلمين و جماعتهم ، و بهذا احتج أبو بكر و عمر على الأنصار يوم السقيفة ، فلم يدفعه أحد عنه ، و قد عدها ناس من مسائل الإجماع ،إذ لم يؤثر عن أحد من السلف فيها خلاف، قولا و عملا، قرنا بعد قرن إلا ذلك ، و إنكار ما عداه "
و هذا الكلام موافق لما بينه الماوردي في قوله :"و أما أهل الإمامة فالشروط المعتبرة فيهم سبعة ... و السابع النسب ، و هو أن يكون من قريش لورود النص فيه وانعقاد الإجماع ، و لا اعتبار بضِرار حين شذ فجوزها في جميع الناس "
2 - قال عياض :" لا يجوز الخروج على الإمام العدل باتفاق "
3- قال عياض :" لابد من إقامة خليفة ، و هذا مما أجمع المسلمون عليه بعد النبي صلى الله عليه و سلم في سائر الأعصار خلافا للأصم "
و هو كذلك مثل قول الماوردي :"الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا ، و عقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع و إن شذ عنهم الأصم "
ثم ساق قول الأفوه الأودي :
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم . . . و لا سراة إذا جهالهم سادوا
4- قال عياض :"لا خلاف بين المسلمين أنه لا تنعقد الإمامة للكافر ، و لا تستديم له إذا طرأ عليه ، و كذلك إذا ترك إقامة الصلوات و الدعاء إليها "
5 - قال عياض :" لا خلاف في وجوب طاعة الأمراء فيما لا يخالف أمر الله ، و ما لم يأمر بمعصية "
قال الله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم }
و قال النبي صلى الله عليه و سلم :"من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصى الله ، و من يطع الأمير فقد أطاعني ، و من يعص الأمير فقد عصاني "
6 - قال عياض :"أجمع العلماء على أن الخوارجَ و أشباهَهم من أهل البدع والبغي ، متى خرجوا و خالفوا رأي الجماعة و شقوا عصا المسلمين ، و نصَبُوا راية الخلاف، أن قتالهم واجب ، بعد إنذارهم و الإعذار إليهم ، قال الله تعالى : {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله }
قال ولده :" اخبرني بعض أصحابنا قال لي: رأيت أباك في المنام في زي حسن ومركب بهي فكنت أسلم عليه وأقول له يا سيدي أمُت فيقول لي :نعم فأقول له بماذا نلت هذه الدرجة ؟ قال: فيقول لي:بجوازي إلى الجزيرة الخضراء وسفري إلى مراكش.
رحم الله عياضا، فقد كان يردد كثيرا، ما سمعه من القاضي أبي علي الصدفي، أنه سمع الإمام أبا محمد التميمي ببغداد يقول : مالكم تأخذون العلم عنا و تستفيدون منا ثم لا تترحمون علينا
رحمه الله رحمة واسعة، و نفعه بما لاقى من محن و ما تعرض له من نكبات، وجزاه عما قدم من علم و عمل أحسن الجزاء
و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته