خَشاشُ الطَّيرِ أكثرُها فِراخًا. . . وأمُّ الصقرِ مقلاتٌ نَزورُ
ينسب هذا البيت الشعري إلى كُثَيِّر عَزَّة مع اختلاف في بعض الكلمات:
قال الدكتور زكي مبارك رحمه الله ، معلقا على هذا البيت ،في سياق خواطر أدبية رائعة ، في كتابه الطريف" بين آدم وحواء ":
" معناه أن أم الصقر لا تحتاج إلى حماية ، فهي لا تكثر من الذرية، ومعناه أن ضعف البغاث يوحي إليها بالإكثار من الأفراخ، لتقاوم خصومها بالقوة العددية في حدود ما تطيق
و المشاهد أن المرأة الذميمة ، هي في الأغلب ولود، كما أن المرأة الجميلة هي في الأغلب عقيم، وكان ذلك لأن الذمامة تحتاج إلى حماية من الذرية ، أما الجمال فهو في ذاته قوة وسلطان."
والذي يقرأ ما أثر من الآداب الفطرية ، يلاحظ أن النسل لم يكن يبتغى للزينة ، وإنما يبتغى للدفاع و الحفاظ ، ومن هنا كانت قلة النسل من خصائص الأمم التي يقل خوفها من العدوان أو تقل رغبتها في السيطرة والاستعلاء ، ومن هنا أيضا كان الناس يفضلون البنين على البنات ، لأنهم لا يبتغون من الذرية غير القدرة على مكافحة الباغين والعادين من الخصوم و النظراء " ...
" و يؤيد هذه النظرية أن آدم لم ينجب إلا حين هبط الأرض، فقد شعر بالخوف، وأدرك أن لابد له من أنصار وأعوان من الأبناء.
و معنى ذلك أن الذرية ضرب من الفاعلية الحيوانية، وهي تصدر عن الرجل ، كما يصدر السم عن ناب الثعبان ... ويرجع السر – في قلة النسل عند العبقريين – إلى أن السلاح في يد الرجل العبقري هو مواهبه الذاتية فهو يحارب بالفكر قبل أن يحارب بالنسل ، وهواه لا يقف عند إخضاع الخصوم من الأهل و الجيران ، و إنما يمتد إلى إخضاع الألوف والملايين من سكان الشرق و الغرب والشمال والجنوب...