يتوهم بعض الناس أن الدين إنما هو مجموعة من القيود و الموانع والحواجز التي لا مجال فيها للمرح والانبساط في لحظات استراحة ، وتحلل من أعباء الحياة المضنية بعد ساعات طوال من الكد و النصب ، وما يرافق ذلك من أداء ما وجب من عبادات وطاعات و ما تيسر من نوافل و قربات ...
لا شك أن هذه رؤية ضيقة و غير مستوعبة و لا مدركة لحقيقة الإسلام في عمقه وشموله ورحابته وأبعاده ، لأن مما يعلم بداهة أن الله تعالى ما أرسل نبيه الكريم إلا رحمة للعالمين {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ولا يتصور في الرحمة الشقاء والضنك والغلظة والشدة على الناس { فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك }
إنه لمن علو مقام هذا الرسول الكريم و قوة شخصيته ، و سمو أخلاقه و كماله وجماله ، أن يجمع بين جلال النبوة و براعة الفكاهة ، و أن يمازح الصبي الصغير و المرأة العجوز ، كما يمازح نساءه وأصحابه و هو في كل ذلك لا يقول إلا صدقا كما في حديث أبي هريرة قال : قالوا : يا رسول الله إنك تداعبنا ، فقال : نعم غير أني لا أقول إلا حقا
وما أكثر النماذج المرحة الرائعة ، من مزاح و ضحك رسول الله و هي مبثوثة في كتب الحديث عامة وفي كتب الشمائل خاصة ، و حبذا لو دخلت إلى المقررات الدراسية في المدارس و المعاهد والجامعات في إطار السيرة النبوية والأدب الإسلامي و التربية الجمالية و الذوقية ، كما يجسدها الأدب النبوي الشريف