هذه قصة حقيقية وقعت لكاتب هذه السطور مع كتاب عنوانه :الجدل الديني بين المسلمين وأهل الكتاب بالأندلس { ابن حزم – الخزرجي}
تأليف: خالد عبد الحليم عبد الرحيم السيوطي
تاريخ النشر: 2001م - دار قباء للطباعة والنشر – القاهرة
يقول مؤلف هذا الكتاب في المقدمة : من الصعوبات التي واجهتني في إعداد هذا البحث عدم التوازن القائم بين شخصيتي الدراسة فأولهما {ابن حزم } معروف لدى الأوساط العلمية والثقافية أما الشخصية الثانية {أحمد بن عبد الصمد الخزرجي } فغير معروف نسبيا والتحقيقات العلمية التي تمت لكتابه الوحيد الذي وصلنا مقامع هامات الصلبان ومراتع روضات الإيمان لم تبين الكثير عن حياة هذه الشخصية ولم تشف -كذا - الغليل في الكشف عن مكانته العلمية
ثم لا يلبث أن يقول فيما بعد : وألف الخزرجي في علوم القرآن كتاب {نفس الصباح في غريب القرآن ونا سخه ومنسوخه } وقد طبعت وزارة الأوقاف هذا الكتاب في العقد الأخير من القرن العشرين نفسه :58
والكتاب المذكور كان لي شرف دراسته وتحقيقه وهو من مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية عام :1414هـ=1994م أي قبل كتاب الجدل الديني بنحو سبع سنين
يعرف الأستاذ خالد كل ذلك ثم لا يتورع بعد ذلك في أن يتبنى شيئا ليس له حين قال :
" أشارت بعض المصادر كسلوة الأنفاس للكتاني وغيره الى أن لابن أبي عبيدة الخزرجي مؤلفات أخرى لم يذكرها ، فأخذت أبحث عن المصنفات التي ألفت بالأندلس في فترة حياة أحمد بن عبد الصمد الخزرجي {ت 582هـ} علني أجد له مؤلفات لم تذكرها المصادر التي ترجمت له { في الكتاب: التي ترجمه له } فوقعت على كتاب له ذكره المقري بنفح الطيب ، حيث ورد {أن الفقيه أبا جعفر بن عبد الحق الخزرجي القرطبي له كتاب كبير بدأ فيه من بدء الخليقة الى أن انتهى في أخبار الأندلس الى دولة عبد المومن } ثم كتب في الهامش الإحالة على نفح الطيب للمقري 139 - الجدل الديني :58
إن صاحب هذا الكلام كان في إمكانه أن يدعي أنه لم يسبقه أحد إلى هذه الوجادة لكن اعترافه بعظمة لسانه - كما يقول الإخوة المصريون - بأن كتاب نفس الصباح للخزرجي مطبوع - وفيه تحقيق المسألة بتفصيل - ينزع منه حق هذا الادعاء و في الدراسة مناقشة العلامة البحاثة الأستاذ المنوني رحمه الله في الموضوع لأنه سبقنا إلى هذا النص الذي سأورده فيما بعد فقال معلقا عليه :" الظاهر أن ابن عبد الحق الخزرجي هو المترجم في التكملة باسم محمد بن عبد الحق بن أحمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الحق الخزرجي الفقيه ارجع إليها " العلوم والآداب والفنون في عهد الموحدين :72 وفعلا رجعت إليها وإلى غيرها و اتصلت بالأستاذ المنوني نفسه وعندي صورة تجمعني وإياه وبين يدينا جزء من نفح الطيب الذي فيه النص منطلق النقاش والذي أورده المقري نقلا عن ابن سعيد قال: " ذكر ابن غالب أن الفقيه أبا جعفر ابن عبد الحق الخزرجي القرطبي له كتاب بدأ فيه من بدء الخليقة الى أن انتهى في أخبار الأندلس الى دولة عبد المومن بن علي وقال : وفارقته سنة 565هـ" نفح الطيب :3/181 ونقله : بالنثيا في : تاريخ الفكر الأندلسي :240
قلت للأستاذ المنوني رحمه الله إن محمد ابن عبد الحق الذي رجحت أن يكون هو المقصود كنيته أبو عبد الله وفي النص أبو جعفر ووفاته كانت في حدود 560هـ وليس بين أيدينا ما يفيد أنه كان له علم بالتاريخ أو أن له مؤلفات أصلا فيه أو في غيره بخلاف أبي جعفر أحمد بن عبد الصمد ابن أبي عبيدة ابن عبد الحق الخزرجي {ت 582هـ} فقد كان مشهورا بالحفظ للحديث وذكر التواريخ والقصص " فسكت رحمه الله مليا ثم قال "يمكن"
وفي الكتاب تفاصيل أخرى لا يتسع المجال لذكرها كلها
- أنظر نفس الصباح .../ الجزء الأول :97-99
أتمنى أن يقرأ الأستاذ خالد السيوطي هذا الكلام ويرد عليه
وعلى الرغم مما أثاره هذا الكتاب في نفسي من رد فعل طبيعي إزاء سرقة موصوفة كما يقال فقد وجدتني مشدودا الى الموضوع خصوصا فيما يتعلق بموقف أبي جعفر الخزرجي رحمه الله والذي تضمنه أحد كتابيه اللذين وصلا إلينا وهو :
- "مقامع الصلبان " الذي يعتبر الباكورة الأولى لإنتاج أبي جعفر الخزرجي كتبه في سن مبكرة مابين {540 و 542ه}
أما سبب تأليفه فهو أنه لما كان أسيرا في طليطلة وجه إليه قس منها رسالة يدعوه فيها الى المسيحية طاعنا على الإسلام و على نبيه عليه الصلاة والسلام ، فلما وقف أبو جعفر على الرسالة تخوف في أول الأمر لأنه يومئذ كما قال كان :" مدجنا بين أظهر القوم وفي قبة ديانتهم وفي خلال ذلك حان سفره عنهم وكتب هذا الجواب المسمى مقامع الصلبان رواتع روضات الإيمان وتركه في نسخ بأيدي جماعة من المسلمين المبتلين بالأسر في طليطلة لما يسر الله في تخلصه.
وقد طبع أولا بتحقيق : الدكتور محمد شامة تحت عنوان: بين الإسلام والمسيحية–مكتبة وهبة بمصر ط1- 1972م ثم طبع مرة أخرى بتحقيق عبد المجيد الشرفي – الجامعة التونسية لفنون الرسم - stag تونس – يونيه 1975م
وقد وردت عن هذا الكتاب نقول عند ابن القيم الجوزي في "هداية الحيارى" منها قوله عن إحدى مناظراته :" وقريب من هذه المناظرة ما جرى لبعض علماء المسلمين ببلاد المغرب " ثم ساق مناظرة للخزرجي كما هي تقريبا في مقامع الصلبان . هداية الحيارى:88/ مقامع الصلبان :120
كما وردت عنه نقول أخرى عند عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي الجزائري {ت875 هـ} في كتابه " الأنوار في آيات النبي المختار " وقد نقل عن المقامع أكثر من مرة ونعته الخزرجي ببعض الأئمة المحققين من علماء قرطبة وقال منوها به:" أحسن والله فيه كل الإحسان وبين غامضات الكتب القديمة غاية البيان ، وأقام الحجة على أهل الكتاب بما في كتبهم بغاية البيان و واضح البرهان"
أهم المصنفات في الجدل الديني بالمغرب والأندلس مرتبة حسب وفياب مؤلفيها :
1 - الفصل في الملل والأهواء والنحل لأبي محمد ابن حزم {ت456 هـ}
2- رسالة في الرد على الراهب من أفرنسا لأبي الوليد الباجي {ت 474 هـ}
3-مقامع الصلبان لأبي جعفر أحمد بن عبد الصمد الخزرجي {ت 582 هـ}
4- مقام المدرك في إفحام المشرك لأبي جعفر المذكور قبله
5- الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام ... لأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي {ت665 هـ}
6- مناظرة في إعجاز القرآن لأبي علي الحسين بن عتيق التغلبي { كان حيا سنة 694 هـ}
7- السيف الممدود في الرد على أحبار اليهود لعبد الحق الإسلامي السبتي فرغ من تأليفه في العشر الآخر من ذي القعدة عام 796 هـ
8- رسالة السائل والمجيب وروضة نزهة الأديب لمحمد الأنصاري نزيل فاس أواسط القرن التاسع الهجري
9- ناصر الدين على القوم الكافرين لشهاب الدين أحمد بن الفقيه قاسم بن الشيخ الحجري الأندلسي الشهير بأفوقاي استوطن مراكش مدة ، كان فراغه من تأليفه بمصر يوم 21 ربيع الثاني 1047 هـ
وبعد فهذه أهم المؤلفات في الموضوع ذكرتها إجمالا وسأعود إليها لأتناولها بالتفصيل قدر الإمكان وهناك رسائل ومباحث في الموضوع سأحول التذييل بما هو معروف منها في الأخير إن شاء الله
سبق نشره أواسط 2008م
بموقع : دونكم إرثكم - مجلة مركز ودود للمخطوطات