بطاقة تعريفية

فضيلة الدكتور محمد عز الدين المعيار الإدريسي

مواقع التواصل

من أوهام المشارقة في أسماء رجال الغرب الإسلامي

تاريخ نشر المقال 08-10-23 10:23:28

    بسم الله الرحمان الرحيم
من أوهام المشارقة في أسماء رجال الغرب الإسلامي
توطئة: يعتبر علم أسماء الرجال كما قال علي بن المديني (ت 234هـ) نصف علم الحديث ، ذلك أن الحديث سند ومتن، والسند عبارة عن الرواة، فهم موضوع علم الرجال، الذي يمثل أحد طرفي علم الحديث.
وعلى الرغم من أن الاهتمام بهذا العلم ظهر مبكرا، بعد مسألة الخلافة وما نشأ عنها من عصبية وتحزب ، إلا أن أول من بحث أحوال المحدثين، وجعل ذلك علما مستقلا هو شعبة بن الحجاج (ت 160هـ)، ثم جاء بعده أمثال يحيى بن معين (ت 233هـ) وعلي بن المديني وغيرهما ممن عنوا بالرجال و التأليف فيهم، فازدهر هذا العلم بشكل عز نظيره.
ومن المعلوم أن علم أسماء الرجال، يتصل بالتاريخ اتصالا وثيقا، لأنه يبحث عن وفيات الرجال، وأوطانهم، وتعديلهم وجرحهم، والجاهل به راكب عمياء، خابط عشواء، ينسب إلى من تقدم أخبار من تأخر، ويعكس ذلك ولا يتدبر
أوهام المشارقة في أسماء الرواة المغاربة: وقع كثير من علماء المشرق في أوهام قاتلة أحيانا في أسماء رجال المغرب، ولعل السبب في ذلك ، كان مرده إلى بعد الديار، وعدم وقوع روايات المغاربة للمشارقة، ونحو ذلك ...
يقول المقري عما أسقطه ابن خلكان {ت 681 هـ} من عمود نسب القاضي عياض {ت 544هـ} :" ...على أن ابن خلكان وغيره من المشارقة، ربما يقع لهم الغلط في تاريخ أهل المغرب لبعد الديار، ولغير ذلك مما لا يخفى على من مارس علم التاريخ."
ويقول الإمام الحافظ الذهبي (ت 748هـ) في معرض حديثه عن الحافظ أبي عمر أحمد بن محمد بن يحيى ابن الحذاء الأندلسي (ت 467هـ):
"حدث عنه الحافظ ابو علي الغساني وجماعة ممن أعرفهم أو لا أعرفهم، وكذا غالب مشايخ الأندلس، لا اعتناء لنا بمعرفتهم، لأن روايتهم لا تقع لنا" .
و قد جمع الدكتور ابراهيم بن الصديق جملة من أوهام الإمامين الحافظين الناقذين الذهبي وابن حجر في الرواة المغاربة، وانتهى إلى القول بأنهما " مع ما وهبا من ذكاء و نباهة و تيقظ و حاسة نقدية فذة، و ما وفقا إليه، من استخدام بارع، لقواعد الفن الموضوعة للتمييز بين المشتبه و المتداخل، والمشكل بالنسبة إلى رجال المشرق، إلى حد يدعو إلى التقدير والإعجاب والإكبار، نجد واقعهما هو ما رأينا بالنسبة لرجال المغرب".
وبعد، فإذا كان التماس الأعذار لهؤلاء العلماء في الماضي- مقبولا إلى حد ما، فإن تبدل الظروف اليوم، وما عرف من تقارب البلدان، وازدهار الطباعة وتوفر المخطوطات، ما لا يقبل معه عذر.
وفي هذا الإطار يأتي النموذج التالي، الذي اخترته صورة غير مشرفة – للأسف الشديد- لتعامل بعض المحقيقين المشارقة، مع تراث الغرب الإسلامي ورجاله..
تحقيق كتاب "الألقاب" لأبي علي الغساني: صدر عن دار الفضيلة للنشر والتوزيع بالقاهرة كتاب: "ألقاب الصحابة والتابعين في المسندين الصحيحين " المسمى "الألقاب" للحافظ أبي علي الحسين الجياني الغساني الأندلسي {ت 498هـ} بتحقيق، الدكتور محمد زينهم محمد عزب، و الأستاذ محمود نصار - ط 1: 1414هـ/1994م .
ومع احترامي للمحققين الفاضلين، فإن ما جاء في الكتاب من أوهام، خاصة- فيما يتعلق برجال الغرب الإسلامي، لا يشرفهما بحال، مهما كانت الظروف التي تم فيها هذا العمل، إذ لا أحد يعذرهما، حين يضعان على سبيل المثال: ترجمة شيخ من شيوخ الإمام البخاري، لشيخ من شيوخ أبي الوليد ابن الفرضي أو حين يجعلان رجلا من القرن السادس الهجري، يروي مباشرة عن رجل من القرن الثالث وغير ذلك من المضحكات المبكيات التي يعد السكوت عنها جريمة، في حق التحقيق أولا، وفي حق أولئك الأعلام رحمهم الله ثانيا، ولن يخفف من قسوة حكمنا على المحققين الفاضلين –فيما يبدو- سوى إعادة تحقيق الكتاب تحقيقا علميا دقيقا، يليق بقيمة الكتاب ومكانة مؤلفه....
وقبل أن أقدم موجزا، لأهم الأخطاء التي مست عددا من رجال الغرب الإسلامي في عمل المحقيقين المذكورين سابقا، أمهد لذلك بالتعربف بموضوع الكتاب وبمؤلفه:
أ- علم ألقاب المحدثين: يقول عنه ابو علي الغساني نفسه: "هو نوع من علوم الحديث، قد تكلم فيه الجلة من العلماء، وـأجازه كبار الفقهاء، ولم يروا فيه حرجا على ذاكره إذا قصد به التعريف بالمحدث ولم يرد به النقص ولا العيب، وقد جعله أبو عبد الله الحاكم في كتاب " معرفة علوم الحديث"
فنا من فنونه وقسما من أقسامه"
وممن ألف في هذا العلم:
1- أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف ابن الفرضي الأندلسي (ت 403هـ)
2- أبو بكر أحمد بن عبد الرحمان الشيرازي (ت 407هـ)
3- الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري (ت 409ه)
4- ابو الفضل علي بن الحسين الفلكي (ت427هـ)
5- أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز ابن قيرة ابن الدباغ (ت 546هـ)
6- أبو الفرج عبد الرحمان ابن الجوزي (ت 597هـ)
7- أبو الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) وغيرهم....
ب- أبو علي الغساني:
هو أبو علي حسين بن محمد بن أحمد الغساني (427هـ- 498هـ) يعرف بالجياني وأصله من مدينة الزهراء، كان من كبار المحدثين يصفه ابن بشكوال "برئيس المحدثين بقرطبة" وينقل عن شيخه أبي الحسن بن مغيث قوله:"كان من أكمل من رأيت علما بالحديث ومعرفة بطرقه وحفظا لرجاله"
روى عن حكم بن محمد الجذامي، وأبي عمر بن عبد البر النمري وأبي عبد الله محمد بن عتاب، وأبي القاسم حاتم بن محمد، وأبي عمر أحمد بن محمد ابن الحذاء القاضي، وأبي مروان الطبني، والقاضي سراج بن عبد الله، وأبي الوليد الباجي وأبي العباس العذري وغيرهم.
ومن مؤلفات أبي علي الغساني:
1- "تقييد المهمل وتمييز المشكل"
2- برنامجه
3- فهرسته
4- منتخب تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي
5 - تسمية شيوخ أبي داود السجستاني في مصنفه
6 - فوائد في مسائل الحديث
7 - ألقاب الصحابة و التابعين في المسندين الصحيحين ، و هو موضوع هذا البحث الموجز .
أوهام محققي كتاب: "الألقاب" في أسماء رجال الغرب الإسلامي:
تبلغ الأوهام التي وقفت عليها في تحقيق هذا الكتاب 13 حالة وقد آثرت أن اقدمها مرتبة حسب ورودها في الكتاب، على الشكل التالي:
أبو زكرياء العائذي: المتن:"حدثنا أبو عمر النمري، قال: انا ابو الوليد الأزدي المعروف بابن الفرضي، قال: أنا أبو زكرياء العائذي" التحقيق: (الوهم): "الثابت: هو يحيى بن عبد الأعظم أبو زكرياء القزويني، رحال مصنف أكبر من ابن ماجة، سمع الفعنبي وعفان، قال الخليلي: ثقة متفق عليه، مات سنة 271هـ" التعليق: (الصواب): أول ما يلفت الانتباه في هذه الترجمة تاريخ وفاة صاحبها (271هـ) مما يدفع منذ البداية أن يروي عنه ابن الفرضي (ت 403هـ)، ثم إن أبا زكرياء المذكور في المتن هو العائذي لا القزويني، وترجمة العائذي موجودة في "تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي.
وهو زكرياء يحيى بن مالك بن عائذ بن كسبان، من أهل طرطوشة، رحل الى إلى المشرق سنة 347هـ وتردد هناك نحوا من 22 سنة، وكتب عن طبقات من المحدثين، وكتب الناس عنه كثيرا بالمشرق، وقدم الأندلس سنة 369هـ فسمع منه ضروب من الناس وطبقات طلاب العلم وأبناء الملوك، وجماعة من الشيوخ والكهول، توفي بقرطبة سنة 375هـ 2- محمد بن سعدون:
المتن: "حدثنا محمد بن سعدون: حدثنا أبو بكر المطوعي" التحقيق (الوهم)ك" هو الإمام الحافظ العلامة أبو عامر محمد بن سعدون ابن مرجي القرشي الأندلسي نزيل بغداد من أعيان الحفاظ وفقهاء الظاهرية...(ت 524هـ)"
التعليق (الصواب): وقع –هنا- الوهم للمحقيقين فترجما لأبي عامر محمد بن سعدون القرشي، وهو من طبقة تلاميذ أبي علي الجياني، وأهملا أبا عبد الله محمد بن سعدون القروي ، وهو شيخ أبي علي، وهو المقصود في المتن، وقد ترجم له ابن شكوال في الصلة، فقال ما ملخصه: "محمد بن سعدون بن علي بن بلال القروي يكنى أبا عبد الله وأصله من القيروان... سمع بمكة من أبي بكر محمد بن علي المطوعي، وأبي ذر الهروي، وسمع منه أبو علي الجياني- توفي بأغمات سنة 485هـ .
3- اسماعيل بن إسحاق النصري:
المتن: "حدثنا أبو عمر النمري أن عبد الله بن محمد قال: أن اسماعيل بن إسحاق النصري قال: أنا عبد الله محمد بن عبد الملك قال: أنا ابن وضاح....
التحقيق (الوهم): " هو إسماعيل القاضي الإمام شيخ الإسلام الحافظ أبو إسحاق بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد الأزدي البصري، صنف "المسند" وحديث مالك...."، ولي قضاء بغداد، ولد سنة 199هـ ومات سنة 282هـ
التعليق: (الصواب): لم ينتبه المحققان مرة أخرى إلى الفارق الزمني الكبير بين وفاة ابن الفرضي، ووفاة إسماعيل القاضي، مما كان سيجنبهما الوقوع في مثل هذا الخطأ.وشيخ ابن الفرضي المعني هنا، هو أبو القاسم اسماعيل بن اسحاق بن ابراهيم المعروف ببان الطحان، والنصري في المتن لعلها تصحيف للمضري نسبة إلى جده الأعلى قيس بن غيلان ابن مضر.
كان عالما بالآثار والسنن، حافظا للحديث وأسماء الرجال واخبار المحدثين، نقل عنه ابن الفرضي كثيرا في تاريخه. ولد سنة 305هـ وتوفي بقرطبة سنة 385هـ
4 - سعيد بن نصر:
المتن: "حدثنا احمد بن محمد قال: ان سعيد بن نصر وعبد الوارث واحمد بن قاسم، قالوا: أن قاسم بن أصبغ....."
التحقيق: (الوهم): "الثابت هو ا إمام المحدث ابو عثمان البغدادي الوراق سعيد بن نصير صاحب مصنف كتاب البكاء، وكتاب الفوائد، سكن الثغور"
التعليق: (الصواب): لا صلة لأحمد بن محمد (ابن الحذاء ) الوارد في المتن بأبي عثمان سعيد بن نصير الذي ترجم له المحققان، وإنما الذي يروي عنه هو: سعيد بن نصر بن أبي الفتح القرطبي أبو عثمان. روى عن قاسم بن أصبغ وغيره وروى عنه أبو عمر أحمد بن محمد ابن الحذاء وغيره. توفي سنة 395هـ
5 - أحمد بن عمر:
المتن: "حدثنا أحمد بن عمر، أنا أبو ذر أنا أبو الحسن الدارقطني.."
التحقيق: (الوهم): "هو أحمد بن عمر بن سريج القاضي البغدادي، سمع أبا داود و الحسن الزعفراني ومنه الطبراني، مات سنة 306هـ"
التعليق: (الصواب): هنا خطأ فاحش لا يمكن السكوت عنه لأن رجاله كلهم من المشاهير، فأبو ذر الهروي وأبو الحسن الدارقطني علمان لا يعذر بجهلهما البتة. فكيف ساغ للمحققين أن يجعلا ابن سريج البغدادي (ت 306هـ). (1)يروي عن أبي ذر (ت 443هـ) عن الدارقطني (ت 385هـ)؟ وفي الوقت نفسه كيف يروي الغساني عن ابن سريج؟
إن الأمر وبكل بساطة يتعلق بأبي العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري، المعروف بابن الدلائي، رحل إلى المشرق سنة 407هـ، وصحب الحافظ أبا ذر الهروي وسمع منه صحيح البخاري مرات.
ومن تلاميذ أبي العباس العذري: ابن عبد البر النمري وابن حزم الظاهري، وأبو علي الغساني وغيرهم. توفي بالمية سنة 478ه ـ
6- أبو الأصبغ عيسى بن سعيد بن سعدان الكلبي:
المتن: "حدثنا أبو عمر النمري قال: أنا أبو الأصبغ عيسى بن سعيد بن سعدان الكلبي معلمي في القرآن، قال: أنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن مقسم ببغداد...." .
التحقيق: "له ذكر في تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني"
التعليق: لم يحدد المحققان مكان ذكره في تهذيب التهذيب وترجمته موجودة في تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي، وجذوة المقتبس للحميدي وغيرهما.
وهو أبو الأصبغ عيسى بن سعيد بن سعدان الكلبي من أهل قرطبة منى أصحاب ابن الفرضي شاركه في كثير من شيوخه رحل إلى المشرق سنة 371هـ فدخل بغداد وسمع من أبي الحسن بن مقسم العطار وغيره وسمع بمصر من أبي احمد البغدادي وغيره وقرأ هنالك القرىن فأتقن وانصرف إلى الأندلس فلزم التأديب وكان يقرآ عليه القرآن. قال ابن الفرضي : كتبنا عنه اخبار ابن مقسم وأجاز لي جميع ما رواه وكان لنا صديقا. .
روى عنه أبو عمر ابن عبد البر النمري وقال: كان أديبا فاضلا عالما من أطيب الناس صوتا وأحسنهم قراءة توفي سنة 390هـ.
7- أبو الوليد:
المتن: "حدثنا أبو عمر، أنا أبو الوليد، أنا أبو زكرياء العائذي....." (1)
التحقيق: (الوهم): "أبو الوليد الباجي" (2)
التعليق: (الصواب): تقدم في الوهم رقم 1 أن أبا زكرياء العائذي توفي سنة 375هـ: ومن ثم فالذي يروي عنه أبو الوليد ابن الفرضي (ت 403هـ) لا أبا الوليد الباجي
(ت 474هـ) وقد ترجم المحققان لابن الفرضي مما كفانا مؤونة إعادة ذلك. .
8- ابن أبي دليم:
المتن: حدثنالا أبو عمر النمري، أنا أبو الوليد أنا ابن أبي دليم وابن العنان، قالا، أنا محمد ابن قاسم..."
التحقيق: (الوهم): ثقة روى عن مالك والليث
التعليق: (الصواب): إن الذي يروي عنه أبو الوليد ابن الفرضي هو: محمد بن عبد الله بن أبي دليم القرطبي، يكنى أبا عبد الله، كان كثير الصلاة والصيام، عابدا متهجدا، وكان يابى من الإسماع إلى أن توفي أصحابه ورغب الناس إليه، فأجاب إلى ذلك فبل وفاته بثلاثة أعوام، فقرئ عليه، توفي سنة 372هـ (6)
9- ابن العنان:
المتن: "حدثنا أبو عمر النمري أن أبن أبي دليم وابن العنان قالا: أنا محمد بن قاسم." (1).
التحقيق: (الوهم): "سبق له ترجمة" (2)
التعليق: (الصواب): لم تتقدم له ترجمة، وهو ابو عمر أحمد بن عبد الله ابن عبد الرحيم بن كنانة اللخمي القرطبي المعروف بابن العنان. سمع من أحمد بن خالد ومحد بن قاسم.... بن أصبغ ومحمد ابن عبد الملك بن أيمن وغيرهم.
ورحل إلى المشرق سنة 332 هـ، فسمع بمكة من أبي سعيد بن الأعرابي ، وبمصر من أبي محمد بن الورد، وغيره، قال: ابن الفرضي: "وكان من اوثق من كتبنا عنه، وسمعت منه بحمد الله علما كثيرا" توفي سنة 383 هـ (3)
10- محمد بن قاسم:
المتن: " حدثنا أبو عمر النمري، أن ابن أبي دليم وابن العنان قالا: أنا محمد بن قاسم، قال: أنا محمد بن أحمد بن زهير بن حرب..." (4)
التحقيق: (الوهم): " ثقة له تلاميذ في الأندلس، روى عن ابن مالك ويحيى بن يحيى الليثي" . (5)
التعليق: (الصواب): إن المعنى –هنا- هو أبو عبد الله محمد بن قاسم ابن يسار القرطبي، سمع من أبيه، ومن بقي بن مخلد ومحمد بن وضاح والخشمي وغيرهم.
رحل إ لى المشرق عام 294هـ، فأقام هناك أكثر من أربعة أعوام سمع خلالها بمصر من أحمد بن شعيب النسائي، وبمكة من عبد الله ابن الجارود، وبالبصرة من أبي يحيى الساجي وبالكوفة من أبي جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي، وببغداد من ابن بنت منيع البغوي، كما سمع بدمياط والاسكندرية وطرابلس والقيروان من جماعة، وعدة الرجال الذين لقيهم وسمع منهم 163 رجلا.
قال: ابو محمد الباجي (ت 378 هـ): لم ادرك الشيوخ بقرطبة أكثر حديثا من محمد بن قاسم. توفي سنة 327هـ من غزوة الخندق، وحمل إلى قرطبة فدفن بها.
11 - عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن:
المتن: "حدثنا أبو عمر النمري قال: أنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال، أنا محمد بن عثمان بن ثابت الصيدلاني ببغداد..."
التعليق: (الصواب): نعم له ترجمة في سير أعلام النبلاء، بل وفي تذكرة الحفاظ كذلك، لكن كان يجب التعريف بالرجل في سطر أو اثنين و الأصالة على مصدرها، وهذا ما لم يقع وهو عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن بن يحيى التجيبي أبو محمد قرطبي، يعرف بابن الزيات.
رحل إلى المشرق رحلتين دخل فيهما العراق وسمع اسماعيل بن محمد الصفار وأبا بكر أحمد بن جعفر القطيعي صاحب عبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن عثمان بن ثابت الصيدلاني صاحب اسماعيل القاضي ، وسمع بمصر من ابن الورد وابن السكن وابن رشيق وغيرهم ، روى عنه الحافظ ابن عبد البر { ت 390هـ.}
12 - أحمد بن محمد بن يحيى:
المتن: "حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى أنا أبي، أنا عبد الله بن مفرح..."
التحقيق: (الوهم): هو أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان أبو سعيد البصري يروي عن جده وأبي النضر، وابن مهدي وابن غير وطائفة. وعنه ابن ماجة وابن أبي حاتم ثقة، {ت 258هـ }
التعليق: (الصواب): لا شك أن الأمر هنا يتعلق بشيخ من شيوخ أبي علي الغساني والمترجم في التحقيق بعيد أن يكون منهم لأسباب كثيرة، وفي مقدمتها تاريخ وفاته، ويبقى المقصود بالذات هو الحافظ أبو عمر أحمد بن محمد بن يحيى بن أحمد التميمي المعروف بابن الحذاء من أهل قرطبة. روى عن أبيه الحافظ أبي عبد الله محمد بن يحيى ابن الحذاء القاضي{ت 416هـ} الذي ندبه صغيرا إلى طلب العلم والسماع من الشيوخ الجلة في وقته فحصل له بذلك سماع عال أدرك به درجة أبيه.
روى عنه أبو علي الغساني وغيره، توفي باشبيلية سنة 467هـ ومشى في جنازته المعتمد على الله محمد بن عباد راجلا.
13 - أبو عبد الله بن مفرح:
المتن: "حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى أنا أبي: أنا عبد الله بن مفرج قال: أنا محمد بن جبريل أنا ابن الجارود..."
التحقيق: ( الوهم): "ثقة روى عنه البخاري والنسائي
التعليق: الصواب: إن الأمر يتعلق هنا بأبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى بن مفرج القرطبي سمع من قاسم بن أصبغ كثيرا ورحل إلى المشرق سنة 337هـ فسمع بمكة من أبي سعيد بن الأعرابي كثيرا ولزمه إلى أن مات سنة 340هـ وسمع بها كذلك من محمد بن جبريل العجيفي وغيره.
وسمع بالمدينة المنورة وبجدة كما سمع باليمن ومصر والشام وغيرها من الأمصار: وعدد شيوخه مائتا شيخ وشيخا.
قال ابن الفرضي، كان حافظا للحديث عالما به، بصيرا بالرجال جيد الكتاب على كثرة ما جمع، سمع منه أبو عبد الله ابن الحذاء وابن الفرضي وغيرهما. {ت 380 هـ} .
خاتمة : هذه صورة أمينة لما وقع فيه محققا كتاب "الألقاب" لأبي علي الجياني الغساني من أوهام في أسماء رجال الغرب الإسلامي، سقتها أداء لبعض الواجب تجاه هؤلاء الأعلام، الذين من حقهم علينا أن نحمي تراثهم ونصون كرامتهم وفاء لفضلهم وعلمهم، رحمهم الله جميعا آملا في الوقت نفسه أن يعذرني المحققان الكريمان على غيرتي هذه، وأن يتقبلا هذه الملاحظات بصدر رحب، إذ الكمال لله وحده، وكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين الثوابون.

ممند عز الدين المعيار الإدريسي