بطاقة تعريفية

فضيلة الدكتور محمد عز الدين المعيار الإدريسي

مواقع التواصل

الأستاذ الحسين ألواح

تاريخ نشر المقال 03-05-18 12:51:03

    بسم الله الرحمن الرحيم
مع الأستاذ الحسين ألواح
في البداية يسعدني باسمي الخاص ، ونيابة عن زملائي العلماء، أعضاء المجلس العلمي المحلي لمراكش، أن نتقدم بجزيل الشكر وفائق التقدير وعظيم الامتنان ، للسيد عامل صاحب الجلالة على إقليم الحوز، الأستاذ بو شعيب المتوكل ،على ما يحيطنا به من عناية وتكريم فائقين ،وعلى حرصه الأكيد على متابعة فقرات برنامج هذا الملتقى، من البدء إلى الختام ،بشكل يثلج الصدور، ويقوي العزائم ،ويرفع من المعنويات، بارك الله فيه، و جعله عند حسن ظن مولانا أمير المومنين ،جلالة الملك محمد السادس، نصره الله و أعز أمره ...
ثم أنتقل بعد ذلك إلى موضوع هذه الكلمة ،وهو التعبير عن بعض المشاعر والخواطر، المستوحاة من تكريم زميلنا العزيز، وأخينا الكبير، الأستاذ العلامة الحاج الحسين ألواح ، متعه الله بالصحة وطول العمر .
يرجع أول لقاء لي بالمكرم ، إلى نحو ثلاثة عقود خلت ،وكان ذلك بمناسبة عائلية ومصاهرة كريمة ، ثم توالت اللقاءات ،و تكررت المناسبات ،وكنت في كل مرة أزداد إعجابا بالرجل، لكن دون أن يصل الأمر إلى المعرفة العميقة به ، إلى أن شاء الله أن يجمعنا المجلس العلمي المحلي لمراكش، منذ نحو خمس سنوات مضت ،حيث ستتأكد عندي أشياء ،و تنكشف أخرى ،فماذا رأيت و ماذا عرفت ؟
تلك أمور يطول ذكرها في هذه العجالة ، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله ... ويكفي أن أقول عنه في كلمة واحدة :إنه السهل الممتنع ،أو هو ملتقى الأشباه و النظائر بل هو مجموعة من الرجال في إيهاب رجل واحد ، فعن أي الرجال أتحدث في هذا المقام ؟
لا شك أن الأمر صعب ،لكن يكفي أن أتحدث عنه من ثلاث زوايا بارزة في شخصيته :
1- ألواح العالم : في عائلة معروفة بالمسكنة ،و حسن السمعة ،و بحفظ القرآن العظيم ، و الاشتغال بالعلم الشريف ،و لد المكرم المبجل بدوار تحت الدوم بأوريكة وكان في بداية تعلمه بالكتاب ،غريب الأطوار يقضي في سن مبكرة من عمره، أربع سنوات أو خمس في حفظ القرآن الكريم ، يختمه خلالها أربع مرات دون جمعه ، و لا يدري لماذا ؟ ثم سرعان ما يفتح الله عليه ، فيتقنه في نحو ستة أشهر إتقانا كبيرا ، حتى كاد شيء من الغرور يتسرب إليه، على حد تعبيره، و يصبح بذلك من الطلبة المسافرين، وينخرط في نشاطهم المكثف ، عضوا فاعلا و مشاغبا أحيانا ، وبينما هو منشغل عند عمه بالتدريب على المشيخة ، راضيا بهذه الوضعية متشبثا بها، يزوره من أصدقائه من يخبره أنه انتقل إلى المدرسة ليقرأ العلم ، فلم يستفزه ذلك في أول الأمر، لأنه كما قال كان مليء الفم بالنجاحات، التي يحققها لكنه لم يلبث أن اقتنع تحت إلحاح عمه بالذهاب إلى المدرسة وكان مما لفت انتباهه أن اللوحة التي كتبها وأبى عمه تصحيحها وتركها مودعا كان مكتوبا فيها قول الله تعالى من سورة النحل ( بسم الله الرحمن الرحيم أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه و تعالي عما يشركون )
و يلتحق الطالب الحسين ألواح بإحدى مدارس العلم الشهيرة إذ ذاك بأوريكة حيث سيتمكن في وقت وجيز من التمكن من مواد الدراسة خصوصا ما يتعلق منها بقواعد اللغة العربية وعلى الرغم من الوضعية المرموقة التي بات المكرم يحتلها في المدرسة بين زملائه فإنه أخذ بعد ثلاث سنوات من الطلب بالمدرسة يشتاق إلى الرحلة إلى مدينة مراكش للاغتراف من حياض جامعة ابن يوسف وكانت يومها ثاني جامعة بالمغرب بعد القرويين بفاس و في ابن يوسف تبدأ تظهر بعض ملامح المكرم العلمية فتراه جم الأدب كثير الاحترام لشيوخه و زملائه لكنه في الوقت ذاته قوي في الدفاع عن حقوقه و آرائه صعب التسليم بكل ما يلقى من دروس فهو لا يقنع بالمستوى العلمي الذي كانت ستسجله الإدارة فيه و قبل المقابلة مع أحد العلماء لمعرفة مستواه ومن عجيب المصادفات أن تنطلق المذاكرة بينهما من مادة العقيدة التي سيتفوق الأستاذ فيما بعد في اتقانها و الدفاع عنها وتبسيط قضاياها بشكل ما أحوج الأمة إليه اليوم في زمن كثر فيه الأدعياء ممن يكفرون و يبدعون بغير علم المهم أن أجوبة الطالب اليوسفي المبتدئ كانت موفقة مما أهله للالتحاق بالسنة الأولى من الثانوي
ولا يسمح الوقت لمزيد من التفاصيل عن المسيرة العلمية للأستاذ الحسين ألواح المهم أنه واصل المسيرة فالتحق بمدرسة المعلمين و انتسب بعد حصوله على الباكلوريا بكلية اللغة العربية فحصل على إجازتها فعين أستاذا بمدرسة المعلمين كما انتسب بعد ذلك إلى كلية الشريعة بفاس فحصل على إجازتها ثم انتسب إلى دار الحديث الحسنية وحصل على شهادتي علوم القرآن والحديث منها على أن هناك علما لا يتحقق بالطلب وحده و إنما يوفق الله تعالى إليه من يشاء من عباده وهو ما عناه الإمام مالك رحمه الله حين قال:" إن العلم ليس بكثرة الرواية وإنما العلم نور يجعله الله في القلب"

2- ألواح المربي: إن الرجل من المربين والمعلمين الذين وهبوا أنفسهم لخدمة الذاكرين و إيصالهم إلى الطريق ، وكم كنت أتمنى حضور تلكم الجلسات و التزود من تلكم المجاهدات ويوم حقق الله الرجاء زال المراء و بان المكان فإذا الأمر كما قال الحق سبحانه:
( و ترى الجبال تحسبها جامدة و هي تمر مر السحاب )النمل:88 فإذا أنا من أسعد الناس
و من يومها عرفت أي الرجال هو !
3- ألواح الحكيم:
يقول الله تعالى (و من يوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) والمكرم من الحكماء من ذوي الرأي السديد والنظر الحديد و المعرفة بالرجال جرحا وتعديلا و بالأماكن الجغرافية بالمغرب عموما و بالحوز خصوصا عرضا و طولا وساعده على ذلك علمه وعمله وإخلاصه وصفاء نفسه ونقاء سريرته و محبته للخير وما وهبه الله من حدس قوي وألمعية نادرة فهو كما قال الشاعر :
الألمعي الذي يظن بك الظن * * * كأن قد رأى و قد سمعا
و الحديث عن الأستاذ الحسين ألواح ذو شجون وفي حياته من اللطائف و الفوائد ما يعرف أكثر مني صديقنا المشترك الأعز الأستاذ العلامة الشاعر السيد محمد البايك و لعل في مشاركته بهذه المناسبة ما يجلي الكثير منها و في الختام أحيي مكرمنا الفاضل المجل داعيا له بدوام الصحة و العافية
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
د.محمد عزالدين المعيار الإدريسي
رئيس المجلس العلمي المحلي لمراكش
أستاذ التعليم العالي بجامعة القرويين