بطاقة تعريفية

فضيلة الدكتور محمد عز الدين المعيار الإدريسي

مواقع التواصل

التكافل الاجتماعي بين الحقوق و الواجبات

تاريخ نشر المقال 27-04-20 01:36:47

    يخطيء كثير من الناس عندما يتغنون بما للفرد على الجماعة من حقوق ، وينسون أو يتناسون ما للجماعة على الفرد من حقوق و مصالح، لا يُقبل غض الطرف عنها، أو التنكر لها بحال .
ففي مقابل التكافل الذي يقدمه المجتمع للفرد، يأتي الوفاء منه للمجتمع، وكما أن له حقوقا يطالب بها ، فعليه واجبات يجب أن يؤديها، بعضها ظاهر كالضرائب المشروعة وبعضها خاص كسياسة الحكم ، فاشتراكه في بيعة الإمام، يتضمن عقدا اجتماعيا بين الحاكم والمحكوم ، يقدم المواطن البيعة والولاء ويتحمل الإمام مسؤولية خدمة المجتمع، و السهر على راحته ، والرقي به إلى مدارج الكمال ، ويطالب بالطاعة فيما أمر .
وفي الصحيح :" من خرج عن الطاعة و فارق الجماعة مات ميتة جاهلية "
و من تعاريف التكافل أنه التزام الفرد حاكما و محكوما، باتخاذ مواقف إيجابية (كالإنفاق في المجهود الحربي ، أو تطعيم الناس بمصل واق نتيجة لتعاون الأطباء ) أو سلبية (كالامتناع عن الاحتكار في وقت الأزمات ) بدافع من شعور وجداني عميق ، ينبع من أصل العقيدة ، تضمن وجود الأفراد و المجتمع ككل في حياة إنسانية حرة كريمة ، كما تضمن درء الخطر عنهم داخلا وخارجا "
من هنا كان التكافل الاجتماعي هو النظام الذي يصان به المجتمع من الانهيار، ومجالاته فسيحة متسعة ، شاملة لكل أمر من أمور المعاش، قائمة على التعاون الإيجابي { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } ولعل خير ما يصور دور الجماعة المتكافلة، في حراسة المجتمع وصيانته قصة "سفينة المجتمع " أو "سفينة الحياة" كما قربها إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة حية شاخصة عندما قال : "مثل القائم على حدود الله و الواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها، إذا استقوا من الماء، مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا"
إنه عنوان الوعي و الفضيلة، و الحراسة الأمنية اليقظة، على صيانة المجتمع في وجوده وأمنه ووحدته وتماسكه وأخلاقه، و القوة العاملة على إزالة المعوقات التي تعترض سبيل تقدمه المطرد .
و هو مسؤولية مشتركة بين سائر أفراد المجتمع يكفي أن يقوم البعض به، فإذا تقاعس الجميع عن ذلك وقعوا في الإثم ، فأفراد المجتمع يشبهون بركب مسافر في سفينة ، عليهم أن يحولوا بين أي فرد منهم وبين أي تصرف أهوج ، كقيامه بخرق في مكانه على سبيل المثال، لأن ذلك سيعود وباله على الجميع ، و حرية الفرد لها حد لا يسمح بتجاوزه...