الصلاة معراج دائم بين العبد وخالقه
عندما نستحضر وقائع حدث الإسراء و المعراج، وما تم فيه من فرض الصلاة على المومنين كتابا موقوتا في تلكم الليلة الربانية النورانية العظيمة، التي خص الله بها عبده وصفوة خلقه رسوله سيدنا محمدا المبعوث رحمة إلى العالمين
حين نفعل ذلك يتمثل أمامنا بجلاء الطريق إلى الله عز وجل كما نلخصه فيما يلي:
تنطلق الرحلة بشق الصدر و غسله ... و ذلك يعني بالنسبة للمومنين أن أول الطريق إلى الله التوبة النصوح {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا} وتنتهي بـ { ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى } الوصول إلى سدرة المنتهى { وأن إلى ربك المنتهى}
وهذا - كما قال أحد العارفين - يعني زوال القلق والاضطراب النفسي وزوال هم الرزق وخوف الموت وزوال كل ما يصرف الإنسان عن الله ... كما يعني الرقي الروحي الدائم ، الفيوضات الإلهية المستمرة ، المعرفة اللدنية المتتالية ، وصلوات الله وسلامه على من وصل إلى هذا المنتهى.
و ما بين المنطلق و المنتهى تتوالى المشاهد و تتابع الآيات ، في إشارات شتى لا يتسع المجال للوقوف عليها ... من حياة بعد الموت "مررت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام قائما يصلي في قبره" إلى مضاعفة الحسنة للمجاهدين إلى سبعمائة ضعف، نسأل الله تعالى أن يجزي الأمة المغربية ملكا وشعبا وهي تكافح اليوم هذه الجائحة جزاء المجاهدين في سبيل الله، إلى غير ذلك ...
ومن الإشارات الدالة في الإسراء و المعراج، ابتداء الرحلة الأرضية بالإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم ابتداء الرحلة السماوية بالصلاة بالأنبياء في المسجد الأقصى و انتهاؤها بفرض الصلاة في السماوات العلى " ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام " و فيه " فراجعت ربي فقال هي خمس وهي خمسون" كما في الصحيحين .
و تبقى الصلاة بعد ذلك معراجا دائما بين العبد، و خالقه يناجيه فيها مباشرة دون أي حاجز { كلا لا تطعه واسجد واقترب } و في سنن أبي داود عن حذيفةَ قالَ كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا حزبَهُ أمرٌ صلَّى فلتفزع أمتنا بعد أداء الفريضة إلى النوافل عسى أن يرفع الله عنا هذا البلاء ...