بطاقة تعريفية

فضيلة الدكتور محمد عز الدين المعيار الإدريسي

مواقع التواصل

ومضات من تاريخ الصحابة والتابعين بالمغرب

تاريخ نشر المقال 15-03-22 05:58:06

    تمهيد :
يكتسي موضوع الصحابة والتابعين بالمغرب أهمية قصوى باعتباره الحلقة الأولى في تاريخ المغرب المسلم ... مما يتطلب مزيدا من العناية بالموضوع بشكل مكثف مع تعميق البحث و التنقيب في التراث الإسلامي عامة والمغربي على وجه الخصوص المطبوع منه والمخطوط في سبيل ملء فراغات و انقطاعات كثيرة في القرون الأولى من تاريخنا نتيجة عدم اهتمام أسلافنا الأول بتدوينه وحفظه وفي الوقت ذاته تصحيحِ ما تسرب إليه من أساطير وخرافات، وبموازاة مع ذلك يلزم اليوم القيام بإنجاز دراسات علمية رصينة ، تعنى بالكليات والجزئيات جميعا، بعيدا عن الذاتية ، و عن أي خلفيات قد تنأى بالبحث عن الموضوعية
إن أهل المغرب - حسب بعض المؤرخين – تطلعوا إلى الدين الجديد، منذ وقت مبكر، قبل وصول الفاتحين إلى بلادهم، ، كما أقبلوا عليه منذ أوائل الفتح الإسلامي لبلادهم، و هي أمور تحتاج إلى كثير من التحقيق و التدقيق ، وكذا إلى كيفية التوفيق بين انتشار الإسلام بإقبال الناس عليه في جزء كبير منهم ، عن اقتناع وطواعية، وبين الدخول فيه تحت الإكراه وحد السيف. و أيضا مناقشة مدى صحة مقولة ارتداد المغاربة عن الإسلام اثنتا عشرة مرة التي تنسب إلى ابن أبي زيد القيرواني
و حديثنا هذا عن الصحابة والتابعين في المغرب ، حديث عام يشمل صحابة وتابعين وفدوا من المشرق على المغرب الأقصى فاتحين أو غير فاتحين كما يشمل صحابة وتابعين مغاربة يقال إنهم رحلوا الى المشرق واسلموا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بين يدي صحابته الكرام
المحور الأول - الصحابة و التابعون الداخلون إلى المغرب
أ - الصحابة - يبدو أن دخول الصحابة و التابعين إلى بلاد الغرب الإسلامي اقترن في جزء كبير منه بالفتوحات الإسلامية لهذه البلدان بالتتابع في نحو ستة عقود من الزمن ابتداء من خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه{ 23-36هـ} إلى أواخر القرن الهجري الأول {92هـ} تاريخ فتح الأندلس على يد طارق بن زياد
مع التنبيه على أن لفظ المغرب أو الغرب كان في الماضي إذا أطلق دخل تحته كل ما يعرف بالغرب الإسلامي ويشمل كل بلاد المغرب الكبير والأندلس مما أفصح عنه بتفصيل بعض المؤلفين في الموضوع كصاحب كتاب الإصابة فيمن دخل المغرب من الصحابة وعلى هذا الأساس يجب أن يحمل قول الناصري في الاستقصا : (ذكر من دخل الْمغرب من الصَّحَابَة) لأن الصحابة الذين أورد أَسمَاءهُم مرتبة على حُرُوف المعجم ينتمون جميعا إلى مرحلة سابقة عن فتح المغرب الأقصى بل إن تواريخ وفياتهم جميعا ترجع إلى ما قبل سنة 62 هـ تاريخ فتح المغرب على يد عقبة بن نافع
وعلى الرغم من وجود ما يفيد دخول صحابة إلى المغرب فإننا لا نعرف أحدا منهم باسمه باستثناء المنيذر الإفريقي الذي مر من المغرب في ذهابه إلى الأندلس ثم في عودته منها كما أنه لا يعلم أن أحدا من الصحابة الوافدين أقبر بأرض المغرب
ب - التابعون : أما التابعون الذين دخلوا إلى المغرب ، فيبدو أن عددهم غير يسير يأتي في طليعتهم الفاتحون عقبة بن نافع الفهري {ت63هـ}، وزهير بن قيس البلوي {ت76هـ} وحسان بن النعمان الغساني {ت86هـ} و موسى بن نصير {ت97هـ}
و إلى جانبهم بعض أعضاء البعثة العلمية العمرية نسبة إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز، و كانت تتكون من عشرة من التابعين قاموا بتعليم المغاربة القرآن الكريم واللغة العربية وأسماؤهم معروفة وتراجمهم متوفرة لكن الذين يرجح دخولهم إلى المغرب الأقصى منهم أولئك الذين نجد تراجمهم في كتب التراجم بالأندلس كما سيأتي
مع الإشارة إلى أنه سبقت هذه البعثة، هيئتان تعليميتان: الأولى في جيش حسان بن النعمان ( تتكون من ثلاثة عشر تابعيا) و الثانية في جيش موسى بن نصير بقيادة طارق بن زياد ( تتألف من سبعة و عشرين تابعيا) كانت مهمتهم جميعا تعليم الناس القرآن الكريم، واللغة العربية، وتفقيههم في الدين الإسلامي، وتبصيرهم بمبادئه السمحة .
وقد ترجم أبو الوليد بن الفرضي في تاريخه لستة من التابعين دخلوا إلى الأندلس وهم موسى بن نصير،، و حنش بن عبد الله الصنعاني و علي بن رباح، وأبو عبد الرحمن الحبلي، و حبان بن جبلة و أبو ثُمامة بكر بن سوادة بن ثُمامة الجذامي. ويذكر صاحب البيان المغرب أن موسى بن نصير بنى سنة 85هـ مسجد أغمات هيلانة الذي عُمِل له منبر في نفس السنة وكتب عليه على حد تعبير ابن عبد الحليم في أنساب البربر
و ذهب ابن بشكوال إلى أن عدد التابعين الذين دخلوا إلى الأندلس أكثر من ذلك، و ألف فيهم كتابا سماه : التنبيه و التعيين لمن دخل الأندلس من التابعين ومهما يكن فنكتفي في هذا السياق ببعض التابعين البارزين في المرحلة الأولى من فتح المغر الأقصى
1 - عقبة بن نافع الفهري - قال عنه صاحب الاستبصار: ... وكان يقال له عقبة المستجاب لأنه قل ما دعا في نيل شيء إلا استجيب له ... ثم مضى في بلاد المغرب حتى انتهى الى أقصى بلاد السوس ثم انصرف راجعا فتوفي شهيدا بتَهودة من بلاد الزاب
وفي حين قال الرقيق عن دخول عقبة إلى المغرب الأقصى فاتحا : ... وركب في وجوه العسكر من التابعين والعباد ... قال غيره من الصحابة والتابعين وهو ما نجده عند ابن خلدون كما سيأتي
قال ابن عبد الحليم : ..وسلك بلاد حاحة ثم بلاد رجراجة ثم بلاد صودة ( لعلها مصمودة) نزل بموضع شاكر ترك فيه شاكرا على ما قيل
ويذكر المؤرخون أن عقبة نزل على أغمات، وكان فيها نصارى البربر، ففتحها ونزل على مدينة نفيس، وبنى مسجده هناك، كما بنى مساجد أخرى، في درعة ووادي سوس.
وسلك بلاد حاحة ثم بلاد رجراجة ثم بلاد مصمودة نزل بموضع شاكر على ما قيل ...
وذكر ابن خلدون في تاريخه مقتل عقبة بن نافع و أصحابه و أنه لم يفلت منهم أحد وكانوا زهاء ثلاثمائة من كبار الصحابة و التابعين استشهدوا في مصرع واحد ثم قال : و أجداث الصحابة رضي الله عنهم و أولئك الشهداء بمكانهم من أرض الزاب لهذا العهد، وقد جعل على قبورهم اسنمة ثم جصصت واتخذ على المكان مسجد عرف باسم عقبة
2 - شاكر بن عبد الله الأزدي : من أصحاب عقبة بن نافع تركه في الرباط المعروف باسمه في الطريق الرابط بين إقليم شيشاوة ودائرة الشماعية ببلاد احمر ليعلم الناس الدين فكانوا يجتمعون إليه ليتعلموا منه فلما مات أخذ أهل العلم والدين والصلاح الاجتماع هناك للعلم والوعظ والتذكرة والوصية على الخير الأنساب لابن عبد الحليم 71-72 ، التشوف:51-52 حيث تولى أحد أصحابه المعروف بشاكر إنشاء أول رباط بالمغرب وربما بالشمال الإفريقي وأنشئ بعده بالمغرب كل من رباط نفيس ورباط ماسة الذي تحدث عنه اليعقوبي ...
قال في التشوف : و منها سفرهم في كل رمضان إلى رباط شاكر الذي ذكر أنه من أصحاب عقبة بن نافع و أنه مات هناك و أن يعلى بن مصلين الرجراجي ، بناه وكان يقاتل كفار برغواطة و غزاهم مرات و أن طبله هو الباقي هناك إلى الآن والله أعلم
وفي هذه البقعة بنى عقبة بن نافع مسجده الذي تولى أمره شاكر ولذلك شهر به وهو من أقدم المساجد المغربية الأولى الباقية إن لم يكن أقدمها على الإطلاق ، وقد اعتنى به ملوك المغرب منهم السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله
ثم رجع عقبة قافلا إلى المغرب الأوسط ... ثم إلى موضع شاكر ، وترك به صاحبه شاكرا فسمي باسمه ...
إنه عالم جليل رائد عاش في زمن متقدم من تاريخ الإسلام بالمغرب ، وهو حري بدراسة علمية دقيقة تكشف عن دوره العلمي في تلكم العهود الأولى والتي تم فيها اغتيال الفاتح العظيم عقبة بن نافع وعاش المغرب عقبها فترة عصيبة .
قال في البيان المغرب : وقد كان عقبة بن نافع ترك فيهم بعض أصحابه يعلمونهم القرآن والإسلام: منهم شاكر صاحب الرباط على رأس جماعة من أصحابه لتعليم الناس القرآن وتفقيههم في الدين - ، فكانوا يجتمعون إليه في ذلك الموضع ليتعلموا منه دينهم ، فلما توفي أخذ أهل العلم و الدين و الصلاح الاجتماع في ذلك الموضع
المحور الثاني - صحابة وتابعون مغاربة
الراحلون المشرق
يبدو أنه لا يستقيم الحديث عن الصحابة الداخلين الى المغرب داعين إلى الدين الحنيف، دون الحديث في المقابل عن الصحابة المغاربة الراحلين إلى المشرق للإسلام بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم، ثم العودة إلى بلادهم لنشر تعاليم الإسلام بين بني قومهم ، وهو موضوع دار حوله كلام كثير في القديم والحديث، وتجدد في العصر الحالي بشكل كبير ، دون أن يُحسم فيه بقول مقنع ...
وسند هذا الطرح الحديث الذي رواه الإمام مسلم في الصحيح : عن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قوم من قبل المغرب عليهم ثياب الصوف فوافقوه عند أكمة فإنهم لقيام و رسول الله صلى الله عليه و سلم قاعد قال : فقالت لي نفسي ائتهم فقم بينهم و بينه لا يغتالونه ، قال : ثم قلت لعله نجي معهم فأتيتهم فقمت بينهم و بينه قال : فحفظت منه أربع كلمات أعدهن في يدي الحديث
قال النووي : هذا الحديث فيه معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو شاهد قوي على أنه ليس هناك ما يمنع من وجود صحابة مغاربة إذا علمنا أن النبي صلى الله عليه و سلم توفي وعدد الصحابة يفوق مائة ألف إنسان، ، مع العلم أنه لم يبلغ ما ألف من مصنفات في تراجم الصحابة عشرة آلاف صحابي
.والظاهر أن علماء التابعين ومن جاء بعدهم من أهل الحديث إنما اهتموا بمن كان عنده من الصحابة شيء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من غيره ...
و تضاربت الأقوال في عدد هؤلاء الرجال، فقيل: وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم من المصامدة رجل وقيل رجلان وقيل سبعة...
قال صالح بن عبد الحليم (ق 8 هـ) في كتابه أنساب البربر : سمعت أبي رحمة الله عليه مرارا يقول: ذهب رجال من أهل المغرب حتى وصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فآمنوا به
وفي المنهل الأصفى في شرح ما تمس الحاجة إليه من ألفاظ الشفا لمحمد بن علي بن أبي الشرف التلمساني { كان حيا سنة 917 هـ} أن المصامدة فيهم بركة لأنه وفد منهم رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل هما رجلان وقيل سبعة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم البعض منهم بلغة البربر
ونقل الزياني (ت 1249 هـ) في الترجمانة الكبرى، أن أول من أدخل الإسلام إلى المغرب رجال رقراقة السبعة من المصامدة، وقيل: كانوا اثنى عشر رجلا، اجتمعوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكلمهم باللسان البربري.
و ركراكة قبيلة معروفة ببلاد حاحة، بالمغرب الأقصى ويقال لهم : المصامدة ، وصفوا بالخير والبركة قديما ، ومن مقروءات التادلي {ت627 أو 628هـهـ}: كتاب أخبار صالحي رجراجة و علمائها
و في كتاب آسفي و ما إليه للفقيه الكانوني: قال جماعة من العلماء إنهم صحابة شدوا الرحلة إلى النبي صلى الله عليه و سلم بمكة، في أول ظهوره وكلموه باللغة البربرية فأجابهم بها وأسلموا و رجعوا للمغرب، وهم أول من أدخل الإسلام للمغرب ...
ثم قال متحفظا و الذي يظهر لي بعد التروي في المسألة أن إثبات الصحبة يحتاج لأدلة أمتن و أصح من الأدلة التي أقامها المرغثي و غيره لأن الشهرة المذكورة ليست بقديمة العهد ... كما أن هذا القول بالصحبة لا يهمل و لا يطرح بل يحفظ ويذكر مع بيان رتبته عسى أن يوجد ما يعضده ...
وهذا الموقف هو الصواب الذي نعتقده مع التحري في الرواية لأن القصة كما نجدها في كتابات بعض المؤرخين تحمل نقيضها في نفسها كالقول إنهم ذهبوا إلى مكة قبل الهجرة ودخلوا على رسول في المسجد وهو بين أصحابه و جماعة من العرب وأنهم أسلموا قبل أبي ذر الغفاري وأن حوارهم مع رسول الله دار بالأمازيغية وأن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي سمتهم رجراجة ... و أنه عليه الصلاة والسلام كتب لهم كتابا إلى أشياء أخرى مما لا يثبت أمام النقد العلمي النزيه والتاريخ الثابت الصحيح
يكفي أن نعلم من ذلك أن أباذر رضي الله عنه كان رابع أو خامس من أسلم و أن هذه الفترة كانت قريش تضرب فيها حصارا خانقا على رسول الله ثم إن حديث مسلم الذي يستشهدون به دون ان ينتبهوا إلى أن روايه نافع بن عتبة بن أبي وقاص إنما أسلم في فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة وأن ما سمعه من كلام رسول الله مع القوم كان باللغة العربية ولم يكن بالبربرية إلى كلام طويل لا يتسع له المجال
والخلاصة هي أن هذه الأخبار لا تصح بمقاييس المحدثين في أعيانها لانقطاعها، لكنها في الوقت ذاته، لا يمكن نفي وصول بعض أهل المغرب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، بدليل حديث مسلم الآنف الذكر
أما التابعون المغاربة فقد ذكر المؤرخون، وصول عدد منهم إلى الخليفتين عمر، وعثمان رضي الله عنهما...
قال أبو زكرياء في تاريخه: بلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين قدم عليه قوم من البربر «لواتة» أرسلهم إليه عمرو بن العاص، وأرسل معهم ترجمانا يترجم كلامهم إن سألهم عمر عن شيء، فقال لهم عمر: مالكم محلقوا الرؤوس واللحي؟ فقالوا: شعر نبت على الكفر، فأحببنا أن نبدل شعرا في الإسلام....
وقال ابن عبد الحليم في كتابيه أنساب البربر و مفاخر البربر : إنهم من المغرب الأٌقصى، وكان عددهم حسب الكتاب الأول: اثنا عشر رجلا وحسب الثاني: ستة رجال.
وذكر أيضا ان جماعة من اهل المغرب، وصلوا إلى عثمان بن عفان في خلافته، . و نجد مثل ذلك في البيان المغرب، وفي تاريخ ابن خلدون
وأختم هذا المحور بصحابي مغربي استثنائي قد يستغرب كثير من الناس الحديث عنه لكن الواقع لا يرتفع فقد تشبث به بعض المتأخرين من القراء والمحدثين طلبا لعلو السند و إن كان غير مقبول بمقاييس المحدثين على الرغم من دفاع الحافظ ابن حجر في تعريف الصحابي عن صحبة الجن عندما قال إن أصح ما وقف عليه هو أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام وقوله : (مؤمنا) يُدخل في التعريف كل مكلف من الجن والإنس معززا موقفه بأن في القرآن الكريم أن نفرا من الجن آمنوا وسمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم فهم صحابة فضلاء ينبغي ذكر من عرف منهم في كتب الصحابة
من هنا جاءت فكرة تقديم نموذج من هذا النوع من الصحابة المغاربة المزعومين و لسبب آخر و هو تعلق المغاربة الكبير برسول الله صلى الله عليه وسلم وبكل ما يمكن أن يربطهم به من روابط والأمر هنا يتعلق بالجني المعروف بـ مهروش ليس لاعتقاد صحة ما قيل عنه ، وإنما حتى لا يُستدرك علينا من بعض الباحثين والدارسين المهتمين
وُصِف بأنه ملك ملوك الجن وقاضي قضاتها، و أنه صحابي جليل ، من رواة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم – ومن أصحاب أبي عبد الله مُحَمَّد بن إسماعيل البخاري{ت256هـ}
وذكروا أنه روى عنه عدد من العلماء منهم علم الدّين سُلَيْمَان مؤدب الْجِنّ ، وعبد الْغنى بن اسماعيل النابلسى{ 1050 هـ - 1143 هـ } ، وعليّ الأجهوري، والحلبي صاحب السيرة{ 753 - 841 هـ } – و الشيخ سلطان المَزَّاحي{ ت1075هـ }( 2 ) الشيخ أبي العباس ابن ناصر الدرعي {ت1129هـ} وأحمد بن محمد الحبيب اللمطي{ ت 1165 هـ } و محمد بن أبي القاسم الجزري، والتاودي بن سودة، و الشيخ محمد المعطى بن الصالح البجعدي الشرقاوي صاحب الذخيرة {ت1180هـ} وخلق كثير غيرهم.
توفي –فيما زعموا –سنة (1129 هـ) وأخبر بوفاته الشيخ عبد الغني النابلسي{ 1050 هـ - 1143 هـ } والشيخ التاودي بن سودة الفاسي محشي البخاري {1111 - 1209هـ} وصلى عليه أهل فاس، بإمامة التاودي ، وذكر ابن الموقت في السعادة الأبدية أن وفاته كانت سنة 1270هـ
و قد توسع بعض من ألف من أهل العلم في أسماء الصحابة وأخبارهم ، فذكر صحابة من الجن، كصنيع الحافظ ابن حجر في الإصابة، الذي أورد أسماء جملة منهم، ليس من بينهم شمهروش، الذي سيحظى باهتمام بعض المتأخرين كأبي عبد الله محمد بن عبد السلام الفاسي {ت1214هـ} الذي ألف في إثبات صحبته رسالة في أربع ورقات، والشيخ عبد الحي الكتاني {ت1382هـ} الذي خصه بتأليفين سمى الأول منهما : ;مواهب الرحمن في صحبة القاضي أبي محمد عبد الرحمن - يعني شمهروش - وسمى الثاني: المحاسن الفاشية عن الآثار الشمهروشية
بالإضافة إلى ما هو متفرق من أخباره في مواطن شتى من فهرس الفهارس والأثبات، ومعجم المعاجم والمسلسلات ذكر محمد بن عبد الله المسفيوي المراكشي المعروف بابن الموقت {ت1369هـ} في السعادة الأبدية أن الشيخ أبا المواهب فتح الله بناني{ت1353هـ} أجازه بجميع ما تجوز له روايته، وأتحفه بأعلى سند يوجد في الدنيا لرواية صحيح البخاري، حيث يرويه عن شيخ الجماعة أبي إسحاق الحاج إبراهيم بن محمد التادلي الرباطي الشاذلي {ت1311هـ}عن شيخه المحدث الشهير العارف الكبير أبي عبد الله محمد بن دَحُّ الزموري {ت1284هـ} عن العارف الكبير المحدث الشهير أبي حفص عمر بن المكي بن المعطى بن الصالح - صاحب الذخيرة - البجعدي الشرقاوي {ت1260هـ} عن العارف بالله الأشهر الكبريت الأحمر المحدث الأبهر الصحابي الجليل المعمر قاضي الجن شمهروش {المتوفى قرب 1270هـ}عن مؤلفه سلطان المحدثين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري {ت256هـ}
قال : و أروي عنه بهذا السند كتب الصحاح الست لله الحمد و له الشكر وبيني و بين البخاري خمس وسائط ، و الوسائط بثلاثياته تسع فهذا أعلى ما يوجد في الدنيا و كل رجل من هؤلاء الرواة أمة و حده فتبارك الله أحسن الخالقين
كما يروي عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد التادلي الرباطي الشاذلي {ت1311هـ}بالسند المذكور قبله عن السيد شمهروش عن النبي صلى الله عيه وسلم ، ويلتقي معه في هذه الأسانيد العلامة أحمد ولد الحاج المحجوب المراكشي {ت1362هـ} إذ يروي - حسب قوله - عن والده الحاج المحجوب عن السيد محمد بن عيسى الرباطي عن الشيخ عطية بن إبراهيم المتبولي الدمياطي الشافعي عن محمد صالح البخاري عن أبي حفص عمر بن المكي العمري عن صاحب الذخيرة الشيخ المعطى بن الصالح عن قاضي الجن أبي محمد شمهروش صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مؤلفي الكتب الستة البخاري و مسلم و النسائي والترمذي وابن ماجه وأبي داود
و بعد فقد أطلنا الحديث عن الجني شمهروش لا للتسليم بكل هذه الأمور، وإنما للتنبيه عليها أولا ثم لوضعها في الميزان ثانيا ليقبل منها ما هو ثابت كدخول الجني الذي كان يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم و يأخذ عنه أما ما عدا ذلك من رواية الإنس عن الجن فمما لا يعتد به عند أهل الحديث ، وندع بعد ذلك أهل الذوق و شأنهم فيما يعتقدون في هذه الأسانيد من بركات الله أعلم بها